قال تعالى:﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24)﴾( سورة عبس )
ويأتي في رأس قائمة الطعام ، القمح ، هذا المحصول الذي خلقه الله سبحانه وتعالى ينبت في كل الفصول ، وفي كل المرتفعات ، في السهول ، وفي الجبال ، وفي البوادي ، وفي الأغوار ، وفي المناطق الحارة، والمناطق الباردة ، جعله الله سبحانه وتعالى ينمو في كل الظروف لأنه غذاءٌ أساسي.
يقول العلماء عن هذه القمحة: إن لها غلافاً خارجياً لا يزيد وزنه إلى وزنها ، عن تسعةٍ في المئة ، غلاف خارجي.
وهو ما يسميه العوام: نخالة ، وهناك طبقةٌ رقيقةٌ ، تحت الغلاف الخارجي ، لا يزيد وزنه إلى وزن القمحة عن ثلاثةٍ بالمئة ، وهناك الرُشيم، جنين القمحة ، الذي ينبت إذا جاءته الرطوبة، والهواء ، والشمس، لا يزيد وزن هذا الجنين عن أربعةٍ بالمئة ، وبعدها يأتي لبُّ القمح ، وهو مادةٌ من النشاء.
الذي يلفت النظر ، أن الرشيم ، يعدُّ أغنى أجزاء القمحة بالفيتامينات ، يليه في الأهمية، قشر القمح ، أي النخالة ، ففي هذا القشر، فيتامين ب 1 ، وفيتامين ب 2 ، وفيتامين ب 3 وفيتامين ب ب ، وفي هذه القشرة فوسفور ، وهو غذاءٌ للدماغ ، والأعصاب ، وفي هذه القشرة، حديد، يهب الدم ، القوة ، والحيوية ، والأوكسجين ، وفي هذه القشرة الكالسيوم، والكالسيوم مادةًُ أسياسية، لبناء العظام ، وقوة الأسنان ، وفي هذه القشرة السيليكون ، وهو الذي يقوِّي الشعر ، ويزيده قوةً ، ولمعاناً ، وفي هذه القشرة اليود ، وهو الذي يعدِّل عمل الغدة الدرقية ، ويضفي على آكله السكينة والهدوء ، وفي هذه القشرة البوتاسيوم ، والصوديوم ، والمغنزيوم ، وهذه كلها تدخل في تكوين الأنسجة ، وفي بنية العصارات الهاضمة ، هذه المواد موجودة كلها في قشر القمح الذي ننزعه ونطعمه للدواب ، وهذه من مفارقات الحياة ، إن هذا الخبز الأبيض اللذيذ ، ليس هو إلا غراءٌ جيدٌ للمعدة.
تقدم في المطاعم في بعض الدول ، مع الوجبات هذه القشور محمَّصةً ، مدعَّمةً بالسكر ، كي يأكلها الإنسان ، فيعوِّض ما فاته من الخبز الأبيض النقي ، كلُّ هذه المعادن ، وكل هذه الفيتامينات موجودةٌ في قشر القمح ، ولذلك كان أجدادنا يأكلون القمح مع قشره ، ولو أن له منظراً أسمر اللون ، خشن القِوام ، لكن فيه فائدةً لا تقدَّر بثمن ، إن معظم الأمراض التي يشكوا منها أهل العصر ، هي بسبب ، خطأٍ كبيرٍ في التغذية.
وحينما خلق الله سبحانه وتعالى القمح ، خلقه غذاءً مثالياً كاملاً ؛ فيتامين ، فوسفور ، حديد ، كالسيوم ، سيليكون ، يود ، بوتاسيوم ، صوديوم ، مغنزيوم ، كل هذه في القشرة.
إذا غُليت هذه القشور ، كانت مهدئةً للسعال ، والزكام ، وإذا شرب هذا المغلي ، كانت قابضاً للأمعاء ، وإذا شرب أيضاً كان دواءً لتقرحات المعدة ، وللزحار ، وإذا شرب كان غذاءً للجلد ، ووقايةً له من أمراض الجلد ، وفي رأسها ، الأكزما.
أيها الإخوة المؤمنون... كلُّ هذا الخير ، من قشر القمح ، لذلك يشتري قشر القمح ، وينظفه، ويأكله مع الخبز ، ليتلافى النقص الحاصل ، في الخبز الأبيض ، الخالي من قشر ، القمح ، هذه بعض الحقائق ، التي هي في العالم الآن من المسلمات.
فلذلك جزءٌ من الدين أن يعرف الإنسان ماذا يأكل ؟ وكيف ينبغي أن يأكل ؟ لأن صحتك ليست ملكك وحدك ، إنها ملك أسرتك أولاً ، وملك مجتمعك ، وملك المؤمنين جميعاً ، بل ملك المسلمين ، وإن رأس مالك في الدنيا هذه الصحة ، إنك بالصحَّة تعبد الله ، وبالصحة تدعو إلى الله ، وبالصحة تحقق وجودك على الأرض وتؤدي رسالتك.
فلذلك يجب أن يعلم الإنسان ، أن أكثر أمراض العصر إنما هي أخطاءٌ فاحشة من سوء التغذية ، أو من تغيير التصميم الإلهي للغذاء الذي صممه الله لنا.