حقوق المرأة بين التشريع الإسلاميوالقانون الوضعي...
حقوق المرأة في القوانين الوضعية...

وجدت المرأة اهتماماً متزايداً من القوانين الوضعية في القرن المنصرم، حيث تحصلتعلى حقوق عديدة في مجال العمل الوظيفي والعمل العام والمشاركة السياسية ترشيحاًوانتخاباً ونحو ذلك، غير أنَّ القوانين الوضعية في رحلة تطورها في شأن حقوق المرأةفقدت الاتزان وتأرجحت بين غمط لحقوق المرأة ومعاملتها كإنسان أقل درجة من الرجل فيبدايات القرن المنصرم، وتحرر من كل قيد في نهاياته، بينما وقفت الشريعة الإسلاميةعبر القرون موقفاً متزناً في شأن حقوق المرأة.. موافقاً للفطرة.. ومتناسقاً مع دورالمرأة ورسالتها في الحياة.

اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأةفي نظر القانون الوضعي
لعل آخر تطور في شأن حقوق المرأة يتمثل في اتفاقية القضاء على جميع أشكالالتمييز ضد المرأة (سيداو) والتي تعرف في لغة أهلها بـ Convention Elimination of All Forms of Discrimination Against Women
التي بدأت فكرتها بمعاهدة حقوق المرأةالسياسية التي أعدتها مفوضية مركز المرأة ب
الأمم المتحدةوتبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة ثم أعدتإعلاناً خاصاً بإزالة التمييز ضد المرأة، ثم أجازت ذلك الإعلان عام 1967م، دعا ذلكالإعلان إلى تغيير المفاهيم وإلغاء القوانين الظالمة والعادات السائدة التي تفرقبين الرجل والمرأة، مع الاعتراف بأنَّ المنظمات النسائية غير الحكومية هي القادرةعلى إحداث هذا التغيير.
بعد إجازة الإعلان بدأت مفوضية مركز المرأة ب
الأمم المتحدةفي إعدادمعاهدة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في عام 1973م وأكملت إعدادها فيعام 1979م واعتمدتهاالأممالمتحدةفي 28/12/1979م وأصبحت سارية المفعول بعد توقيع خمسين دولة عليها في 3/12/1981م.
موجز الاتفاقية:_
1. ترتكز الاتفاقية على مبدأ المساواة المطلقة والتماثل التام بين المرأة والرجلفي التشريع وفي المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي التعليموالعمل والميراث والأنشطة الترويحية والرياضية وفي الحريات العامة وفي قوانينالأسرة وقوانين منح الجنسية وفي الحق في اختيار محل السكن والإقامة وفي الأهليةالقانونية.
2. تشرح المادة الأولى من الاتفاقية معنى التمييز ضد المرأة، وتنص على التماثلالتام بين الرجل والمرأة بغض النظر عن حالتها الزوجية.
3. في المادة الثانية وصف للإجراءات القانونية المطلوب من الدول الأطراف أنتتعهد بالقيام بها للقضاء على التمييز ضد المرأة، وتشمل سبعة بنود منها إبطال كلالأحكام واللوائح والأعراف التي تميز بين الرجل والمرأة في قوانينها واستبدالهابقوانين تؤكد القضاء على التمييز ضد المرأة.
4. المادة الثالثة تتناول التدابير التي يمكن أن تتخذها الدول الأطراف من أجلتطور المرأة وتقدمها على أساس المساواة مع الرجل بما في ذلك التشريع.
5. المادة الرابعة تحظر وضع أي أحكام أو معايير خاصة بالمرأة، بل توجب أن تكونالقوانين عامة للرجل والمرأة سواء بسواء، وتسمح بوضع قوانين مؤقتة خاصة بالمرأةللإسراع بالمساواة مع الرجل، وتصبح ملغية بعد تحقق المساواة.
6. المادة الخامسة تلزم الدول الأطراف بتجسيد مبدأ المساواة في دساتيرها الوطنيةوقوانينها الأخرى، وتبنّي التدابير التشريعية والجنائية، وإقرار الحماية القانونيةضد التمييز وتغيير القوانين والأعراف التي تشكل تمييزاً ضد النساء وحث الدول علىالعمل على تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة بهدف تحقيقالقضاء على العادات العرفية المتحيزة لجنس دون الآخر، والممارسات الأخرى القائمةعلى فكرة دونية أو تفوق أحد الجنسين، كما تحدثت عن المسؤولية المشتركة لكل منالرجال والنساء في تنشئة الأبناء.
7. المادة السادسة تتعلق بوضع تشريعات مناسبة لمكافحة جميع أشكال الاتجاربالمرأة واستغلالها في الدعارة.
8. المادة السابعة تنادي بالمساواة بين الرجل والمرأة في المجال السياسي ترشيحاًوانتخاباً ووظيفة وسلطة وصياغة للسياسات ومشاركة في العمل التطوعي.
9. المادة الثامنة تنادي بالمساواة بين الجنسين في تمثيل الحكومات على المستوىالدولي والاشتراك في أعمال المنظمات الدولية.
10. المادة التاسعة تنادي بالمساواة بين الجنسين في اكتساب الجنسية والاحتفاظبها، وأن لا يفرض على الزوجة تغيير جنسيتها إذا غيَّر المتزوج جنسيته وكذلك بالنسبةللأطفال.
11. المادة 10 تنادي بمساواة الرجل ولامرأة في مناهج التعليم وأنواعه والتدريبوالتلمذة الحرفية وتشجيع التعليم المختلط وإزالة المفاهيم النمطية عن دور المرأةوالرجل في الأسرة والمشاركات الرياضية وإدخال معلومات تنظيم الأسرة في المناهجالدراسية.
12. المادة 11 تتعلق بضمان حقوق المرأة في اختيار المهنة وضمان الحقوق المتساويةمع الرجل في فرص العمل والأجر والضمان الاجتماعي والوقاية الصحية، وتدعو إلى حظرفصل المرأة عن العمل بسبب الحمل أو إجازة الأمومة، وتحث على تشجيع إنشاء مرافقرعاية الأطفال وتنميتها.
13. المادة 12 تدعو إلى اتخاذ التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأةفي ميدان الرعاية الصحية.
14. المادة 13 تدعو الدول الأطراف للقضاء على التمييز ضد المرأة في مجالاتالحياة الاقتصادية (الحصول على القروض والرهون وغيره من أشكال الائتمان الماليوالاجتماعي) والاشتراك في الأنشطة الترويحية والألعاب الرياضية وجميع جوانب الحياةالثقافية.
15. المادة 14 تدعو إلى أن تُكفل للمرأة الريفية حقوقاً مساوية للرجال في وضعخطط التنمية وتنفيذها والاستفادة من برامج الضمان الاجتماعي والتدريب وإنشاءالتعاونيات والمشاركة في جميع الأنشطة المجتمعية وتوفير خدمات الإسكان والكهرباءوالماء والنقل وتوفير الخدمات والمعلومات في مجال تنظيم الأسرة.
16. المادة 15 تمنح المرأة أهلية قانونية مماثلة لأهلية الرجل في جميع مراحلالإجراءات القضائية وتنادي بإبطال كافة الصكوك التي تحدّ من أهلية المرأة القانونيةوتنادي بالمساواة في قوانين السفر واختيار محل السكن.
17. المادة 16 تدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة في حقوق عقد الزواج وأثناءهوعند فسخه وتؤكد المساواة في حق اختيار الزوج وحق الولاية والقوامة والوصاية علىالأولاد وحق اختيار اسم الأسرة والمهنة وحيازة الممتلكات والتصرف فيها والحق فيتحديد النسل وتحديد سن أدنى للزواج.
18. المادة 17 تفصل طريقة تكوين اللجنة الخاصة بمراقبة تنفيذ الاتفاقية وتتكونمن 23 عنصراً منتخبين من الدول الأطراف ومن المتحمسين للاتفاقية والذين يعملون علىتنفيذ الاتفاقية بصفة شخصية لا كممثلين لدولهم.
19. المادة 18 تدعو الدول الأعضاء للتعهد برفع تقرير للأمين العام للأمم المتحدةعما تمَّ اتخاذه من تدابير تشريعية وقضائية وإدارية وغيرها من أجل إنفاذ أحكام هذهالاتفاقية في غضون سنة واحدة من التوقيع عليها، وتقرير آخر كل 4 سنوات يحتوي وصفاًمنفصلاً لهيكل البلد القانوني والسياسي وضع المرأة في الدولة والمنظمات الطوعية ومااتخذ من إجراءات لتطبيق كل مادة على حده.
20. المادة 19 من الاتفاقية تختص باللوائح الداخلية لتنظيم أعمال اللجنة CEDAW بينما تختص المادة 20 باجتماعات هذه اللجنة وبمقتضى المادة 21 ترفع اللجنة تقريراًسنوياً إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بواسطة المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ولهاأن تقدم مقترحات وتوصيات عامة في تقريرها. ثم يحيل الأمين العام تقارير اللجنة إلىلجنة وضع المرأة ب
الأممالمتحدةبغرض إعلامها، أما المادة 22 فتجيز للجنة أن تدعو وكالاتالأمم المتحدةالمتخصصةللمشاركة في الاجتماعات في ما يقع في نطاق أنشطتها، كما تجيز لها طلب تقديم تقريرعن تنفيذ الاتفاقية في هذه المجالات.
21. تنص المادة 23 على أنَّ أحكام هذه الاتفاقية لا تمسّ أي أحكام تكون أكثرتيسيراً لتحقيق المساواة بين الجنسين وردت في تشريعات الدول الأطراف أو في أحكاماتفاقية دولية نافذة.
22. وتفضي المادة 24 أن تتعهد الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة ـ على الصعيدالوطني ـ التي تستهدف التطبيق الكامل للحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية.
ينما تبقى المادة 25 باب التوقيع على الاتفاقية مفتوحاً لجميع الدول، كما تبقىالمادة 26 الباب مفتوحاً لطلب إعادة النظر في الاتفاقية عن طريق إشعار كتابي للأمينالعام للأمم المتحدة.
23. حددت المادة 27 بداية تنفيذ الاتفاقية بينما اختصت المادة 29 بالتحفظات التيتبديها الدول وقت التصديق أو الانضمام، وقررت عدم جواز إبداء أي تحفظ يكون منافياًلموضوع الاتفاقية، كما قررت جواز سحب التحفظات في أي وقت بتوجيه إشعار للأمين العامللأمم المتحدة.
24. المادة 29 توضح آلية حل النزاع بين دولتين أطراف في الاتفاقية حول تفسيرالاتفاقية أو تطبيقها، فتقرر التفاوض أولاً ثمَّ التحكيم الدولي عند طلب أحدالدولتين ثانياً، ثم المحكمة العدلية الدولية ثالثاً.
25. بينما تنص المادة 30 على حجية نصوص هذه الاتفاقية باللغات الست المعتمدة للأممالمتحدة.

اتفاقية CEDAW في ميزان الإسلام
يمكن بيان تهافت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في النقاطالتالية:
1. الاتفاقية مبدأها ومنتهاها ولحمتها وسداها هو المساواة المطلقة والتماثلالتام بين الرجل والمرأة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعيةوالرياضية والقانونية ونحوها.. وهذا مبدأ خاطئ للآتي:
2. مخالفته لصريح القرآن، يقول سبحانه: ((وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى ))
3. مخالفته لصحيح السنة من روايات ال بيت ، يقول الرسول صلى الله عليه واله وسلم: ("إنما النساء شقائقالرجال")، والشق هو النصف المكمل وليس النصف المماثل الذي لا يختلف عن الآخر.
4. مخالفته للعقل السليم، إذ أنَّ الاختلافات في بعض الوظائف الفسيولوجية بينالرجل والمرأة لا تحتاج إلى بيان لكل ذي لب ، وهي تقتضي ـ عقلاً ـ وجود اختلافات في الوظائفالخارجية "الأدوار الحياتية" بالنسبة للرجل والمرأة.
5. الاتفاقية مشحونة بجو العداء بين الرجل والمرأة، فهي تصور العلاقة بين الرجلوالأنثى كعلاقة ظلم تاريخي تريد أن تضع حداً له وترى أنَّ الحياة يجب أن تقسمبالتساوي بين الرجل والمرأة، وأنَّ الرجل إذا أخذ نصيباً أكبر فإنَّ ذلك على حسابالمرأة، والصواب أنَّ الحياة ليست لهذا الضيق، بل هي رحبة فسيحة تسعهما معاً، ولكلدوره ووظيفته في تناغم وتكامل لإثراء الحياة وتحقيق التعارف والمودة والرحمة وحفظالنوع: (("يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىوَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَاللَّهِ أَتْقَاكُمْ))" "((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْأَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةًإِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"،))
ثم إنَّ اختلاف الأدوارالحياتية يقتضي اختلافاً في الحقوق والواجبات بلا ظلم.
6. الاتفاقية تنظر للمرأة باعتبارها فرداً مستقلاً وليس عضواً في أسرة فيهاالمرأة والرجل والطفل.
7. الاتفاقية تريد القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وذلك أمر لا يقبلعقلاً ولا منطقاً ولا وجداناً؛ لأنَّ التمييز بكل المعايير فيه الحسن وفيه القبيح،ولو استبدل اسم الاتفاقية باسم آخر كاتفاقية القضاء على جميع أشكال الظلم الواقععلى المرأة لكان مقبولاً.
8. الاتفاقية ناقصة لأنها تحدثت عن حقوق المرأة وأغفلت واجباتها، فليس فيها بندواحد يلزم المرأة بواجب، والحق لا بد أن يقابله واجب حتى يحدث الاتزان المطلوب فيالمجتمعات.
9. المادة الثانية من الاتفاقية تخالف الشريعة الإسلامية بمحاولتها القضاء علىجميع أشكال التمييز ضد المرأة، والشريعة تؤيد التمييز الإيجابي للمرأة الذي يكونلها وليس ضدها، وتقرر مساواة المرأة للرجل في الأصل وكرامة الخلق وفي المسؤوليةوحمل الأمانة وفي الجزاء الدنيوي والأخروي والمساواة في استحقاق كل زوج لحقه وإقامةالشعائر والاحتكام للشرائع وسمو الأخلاق، ثم تقرر التمييز الإيجابي لاختلاف بعضالوظائف الفسيولوجية للمرأة عن الرجل،
فالمرأة لا تصلي ولا تصوم عند حدوث عارضأنثوي، ولكنها تساوي الرجل في قصر الصلاة في السفر والمرض، وتقرر التمييز الإيجابيعندما تحدد للرجل مسؤولية الإنفاق على الأسرة وجوباً يعاقب عليه إن أبى أو قصر، ثملا تساويه في الميراث في حالات محدودة. وحتى في الميراث فلا ظلم يقع على المرأة في التشريع الإسلامي، إذ أنها تأخذأحياناً نفس نصيب الذكر إذا كانت أماً وتوفى ولدها: "

ü وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍمِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ"،
ü وكذلك في حال الأخوةوالأخوات من الأم: "
ü وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُأَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ.
10. إنَّ الإحصاء للنسبة المئوية للحالات التي تأخذ فيها الأنثى نصف نصيب الذكر كشفأنها تساوي 13.33% فقط، والباقي 86.67%، أما أن ترث مثلما يرث الذكر أو أكثر، فضلاًعن إرث الرجل في أغلب الأحوال يكون عاصباً منتظراً لما يفضل من أصحاب الفروضوالأنثى في أغلب أحوالها 90% تأخذ نصيبها فرضاً، هذا ولا يعزبن عن البال أنَّالأنثى مصونة مكرَّمة من الشريعة الإسلامية وأن وليها (الأب أو الزوج) ملزم بسكنهاونفقتها ونفقة أولادها ولا تكلف بأن تنفق ديناراً واحداً ـ إلا عن طيب خاطر ـ مهماكانت غنية، وأنها في أهليتها المالية مثل الرجل كما سبق بيانه،
ليس لأحد عليهاولاية سواء كان أباً أو زوجاً، وللمرأة حق التصرف بالبيع والإقالة والخيار والسلموالصرف والشفعة والإجارة والرهن والقسمة والإقرار والكفالة والصلح وغيرها من سائرالعقود والالتزامات.
11. المادة الثالثة تتعلق بالإجراءات التي تمكن المرأة من ممارسة الحقوق والحرياتالأساسية على أساس المساواة مع الرجل، ولم تحدد المادة هذه الحقوق ولا الحريات ولميتضح بعد ما إذا كانت تتضمَّن ما يعرف بالحقوق التناسلية التي وردت في وثيقتيالمرأة والسكان العالميين أم لا؟
12. المادة الرابعة تخالف الفطرة الإنسانية والطبيعة البشرية بين الجنسين،وتتجاهل المعاهدة الاختلافات الفسيولوجية إذ أنها تحظر وضع معايير خاصة بالمرأة وتسمح فقطبوضع قوانين مؤقتة خاصة بالمرأة للإسراع بتحقيق المساواة، وعندها تصبح ملغية.
13. المادة 5 دعت إلى القضاء على الأدوار النمطية للمرأة، وتعني بها دور الأمالمتفرغة لرعاية أطفالها،
وفي هذه المادة نقض لعرى الأسرة ومخالفة لقوله تعالى: "))بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْأَمْوَالِهِمْ((".
14. كما نادى تفسير
الأممالمتحدةبوضع نظام "إجازة الآباء" لرعاية الأطفال وتوفير شبكات دور رعاية لهم،كما وصفت المادة 5 وظيفة المرأة بأنها وظيفة اجتماعية يمكن أن يقوم بها أي شخص،
وفيهذا مساس بمفاهيم مستمدة من قواعد دينية ومحاولة لتفكيك نظام الأسرة وإخراج جيلحاقد مجرد من جوانب العطف والحنان التي يكتسبها من الأمهات سواء عن طريق الرضاعة أوالحضانة أو غيرها.
15. الحقوق السياسية التي أشارت إليها المادة 7 لا تتعارض مع الشريعة الإسلاميةإلا في ما يختص بالولاية العامة التي ذهب كثير من الفقهاء إلى عدم جوازها.
16. تمثيل المرأة لدولتها في المحافل الدولية الذي نادت به المادة 8 لا يخضع فينظر الإسلام لمعيار النوع "ذكر أو أنثى"، بل يخضع لمعيار القوة والأمانة والكفاية.
17. المادة 9 تتعلق بهوية المرأة وحقها في التجنس.. وإعطائها حقاً مساوياً للرجلفيما يختص بجنسية أبنائها، وهذا يخالف الإسلام لقوله تعالى(( "ادْعُوهُمْلِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ"،))
18. وهي خاضعة للسياسة الشرعية وترجيحمصلحة الطفل وما يتعلق بذلك من حضانة وتنشئة.
19. المساواة المطلقة في مناهج التعليم وأنواعه في شروط التوظيف والتعليم المهنيالتي نادت بها المواد 10 و 11 وتشجيع التعليم المختلط تخالف الفطرة السليمة وقواعدالشرعية الإسلامية والفرو قات الفسيولوجية التي أشرنا إليها آنفاً تقتضي أن تختلفمناهج التعليم في الأمور التي تؤثر فيها هذه الاختلافات الفسيولوجية، كالأعمالالشاقة للمرأة،
أما التعليم المختلط للبالغين فهو حرام شرعاً، لما يجر إليه من ويلاتومخالفات شرعية ومشاكل اجتماعية,إلا ضمن قوانين مذكورة في الشارع المقدس وهذا غير موجود على أرض الواقع .
20. كذلك المساواة المطلقة بين الذكور والإناث في الأنشطة الرياضية لا يقرّها الشرع المقدس في جميع الأديان السماوية ،إذ أنَّ طبيعة بعض الأنشطة لا تتناسب مع تكوين المرأة.
21. المساواة في الخدمات الصحية بين الرجل والمرأة التي نادت بها المادة 12 لاغبار عليها، غير أنَّ توفير موانع الحمل للأنثى عموماً دون تحديد لارتباط ذلكبعلاقة شرعية (الزواج) أمر يقرّ الفاحشة ويشيعها ولا يرضاه الإسلام.
22. الاستحقاقات الأسرية التي طالبت المادة 13 بالمساواة فيها بين الرجالوالنساء والتي تشمل المساواة في الميراث أمر يخالف الشريعة الإسلامية ويظلم المرأة،وقد فصلنا في موضع سابق كيف أنَّ الإسلام أنصف المرأة في أمر الميراث.
23. المادة 14 تغلب إشراك المرأة الريفية بالعمل بأجر خارج البيت على دورها كأموزوجة، والأنشطة المجتمعية التي ذكرت في نص المادة مبهمة وتحتاج إلى توضيح، كما أنتوفير خدمات تنظيم الأسرة في الريف أكثر خطورة منه في المدينة؛ لضعف المتابعةالصحية في الريف.
24. المادة 15 تمنح المرأة أهلية قانونية متساوية مع الرجل وتنادي بإبطال الصكوكوالقوانين التي تحدّ من أهلية المرأة القانونية، كما أنَّ البند 3 من المادة 15يخالف الشريعة الإسلامية التي جعلت شهادة رجل تساوي شهادة امرأتين وتخالف رأيالجمهور في عدم قبول شهادة المرأة في الحدود والقصاص، وهذا الفرق في الحكم ناتج منالاختلافات الفسيولوجية التي أشرنا إليها، فالرجل أضبط من المرأة في الأمورالمالية، وقد سلف القول أنَّ بعد المرأة عن الاحتكاك بمواطن الجرائم والعدوان علىالأنفس والأعراض والأموال وعدم ضبطها لعواطفها عند وقوع هذه الحوادث وغلبة الصراخوإغماض العينين ونحوه عليها يجعل شهادتها غير مقبولة عند جمهور العلماء ـ هذا ويرىبعض الفقهاء قبول شهادة المرأة في الحدود والقصاص ـ وقد قرر بعض أهل العلم أنَّالصحيح أن تقبل شهادة المرأة ما دامت عادلة ضابطة واعية.
25. وقد سبق أن بينا أنَّ شهادة المرأة في ما يتعلق بأمور المرأة مثل شهادة الرجل،وهذا ما ذكره القرآن في شهادة اللعان حينما يقذف الرجل زوجته وليس له على ما يقولشهيد: ((" وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّاأَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَالصَّادِقِينَ* وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَالْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍبِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِعَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ".))
26. أما الفقرة 4 من المادة 15 والتي تقضي بحرية التنقل والسكن فتتعارض مع مبدأقوامة الرجل وضرورة استئذان المرأة لوليها قبل الخروج أو السفر، وقوامة الرجلللأسرة أمر يستسيغه العقل، فالأسرة مؤسسة ولا بدَّ لها من قيادة تتخذ القرار بعدمشاورة الأطراف، وهذه القيادة هي الرجل، أما جو الندية والعداء الذي شحنت بهالاتفاقية فلن يؤدي إلا إلى تفكيك هذه المؤسسة "الأسرة".
27. المادة 16 تدعو إلى المساواة بين الذكر والأنثى في الزواج عند العقد وأثناءالزواج وعند فسخه وحق اختيار الزوج وحقوق الولاية والقوامة والوصايا على الأولادوحق اختيار اسم الأسرة، والمادة تخالف الشريعة الإسلامية التي قسمت الأدوار فيالأسرة بين الرجل والمرأة ولم تجعلها متساوية متطابقة، فلكل حقوق وعليه واجبات.
28. ففي الإسلام عند عقد الزواج لا بد من رضا الزوجة، كما لا بد ـ عند المسلمين ـ منولي للزوجة وحضور شاهدي عدل عند قسم من مذاهب المسلمين ، كما لا بد من مهر يقدمه الزوج للزوجة، أما أثناءالزواج فتقوم الحقوق على الآتي:
المساواة: ("وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ")، أي أن كلحق للمرأة يقابله واجب للرجل، وكل واجب للرجل يقابله حق للمرأة.
القوامة ومعناها القيام بشؤون الأسرة ورياستها وحماية أفرادها؛ وذلك لأنالرجل مكلف بالإنفاق على الأسرة وتوفير احتياجاتها من مسكن وملبس ونحوه.
التشاور في شؤون الأسرة، ويمتد حتى بعد الطلاق في شؤون الأولاد.
التعامل بالمعروف وحسن المعاشرة، لقوله تعالى: "((وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمبِمَعْرُوفٍ" "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ". ))على المرأة حضانة الطفل في سنواته الأولى والإشراف على إدارة البيت وطاعةالزوج في المعروف.
على الزوجين التعاون في تربية الأولاد، لقوله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعوكلكم مسؤول عن رعيته". على الرجل معاونة زوجته في أعمال البيت اقتداء برسول الله وأمير المؤمنين صلى الله عليهم جميعا.
29. أما عند فسخ العقد فإنَّ الزوج هو الذي يملك حق فسخ الزواج، أما إذا أرادت الزوجة فسخالعقد دون أن تشترط على زوجها ذلك فيمكنها:
أـ طلب الطلاق عن طريق القاضي إذا تضررت من الزواج.
ب ـ مفارقة الزوج عن طريق ما يعرف بالخلع، وهو الطلاق مقابل عوض مادي.
30. أما أن تختار الزوجة اسم الأسرة فليس لها ذلك، كما أنه ليس للزوج أيضاً، فاسمالأسرة في الإسلام يورث ولا يختار، والنسب يكون للأب، وانتساب المرأة لزوجها دونأبيها ظلم لا يقره الإسلام ولا الأديان الأخرى ولا الأعراف العربية.
31. أما خطوبة الطفل وزواجه في الإسلام فيصح عقد الصغير دون الدخول للأنثى وتتوقف الإجازة على البلوغ.
32. أما تنظيم النسل في الشريعة الإسلامية فجائز عند رضا الزوج والزوجة بعدتشاورهما.
33. المواد: 17، 18، 19، 20، 21، 22، 23، 24، 25، 26، 27، 28 مواد إجرائية تدخل فينطاق السياسة الشرعية التي يكون فيها مندوحة للاجتهاد ونظر المجتهد الجامع للشرائط ، والملاحظ أنَّ هذه الموادتكرّس لاستعمار داخلي جديد ولوجود دولة داخل دولة، كما أنها تعطي لجنة المراقبةالتي ورد ذكرها في المادة 17 حق تفسير الاتفاقية ورفع التقارير والتوصيات.
الزبدة...
1. إنَّ موضوع المرأة من الموضوعات التي ينبغي أن يوليها المصلحون كلّ عناية ورعايةواهتمام، وما ضاع المسلمون إلا يوم ضاعت المرأة، فأصبحت مقصومة الظهر، مهيضةالجناح، لا تستطيع أن تقوم بواجب ولا أن تنهض بمسؤولية، ولا أن تخرّج رجالاً، كيفوفاقد الشيء لا يعطيه. إنه لواجب كبير على أهل الإصلاح أن يقفوا من قضية المرأةوقفة عدل وإنصاف يضعون عنها إصر الجاهلية يناصرون قضيتها، ويشدون من أزرها غيرمسرفين ولا مفرّطين. ولذا جاء في فكر السيد محمد الصدر عدة نقاط لتقويم المرأة وعدم خروجا عن دائرة التشريع رغم ما ذكر لها (قدس)من حقوق وهيكلنا ندرك بوضوح ما أولته الطبيعة، بعناية الله تبارك وتعالى، للمرأة من مميزات جسمية وعاطفية، لأجل تكوين الأسرة وبناء الجيل الجديد، حتى لقد كانت المرأة مخلوقاً (أُسَرَّياً) أكثر منها ذات أي وصف آخر.
فهناك اللقاء العاطفي بين الجنسين، التي تنعقد به بذور الذرية الأولى، ذلك اللقاء التي تمثل المرأة أحد ركنيه الأساسيين. وانفعال المرأة بهذا اللقاء بشكل عاطفي حساس ضروري لان يكون اللقاء منتجاً وصالحاً للإنجاب،
2. فان اللقاء الجاف وان كان ممكنا إلا انه لا يمكن أن يكون مثمراً بحال من الأحوال. ومن المعلوم إن اللقاء الوجداني بشكله المطلوب لا يتوفر إلا على صعيد الأسرة وفوق صرح الزواج.
وهناك مدة الحمل، وساعة الولادة التي تقاسي المرأة خلالها ثقل الحمل وألم المخاض، وتكون خلالها في أشد الحاجة للرعاية والاستجمام. فان العمل الممض قد يؤدي إلى الإجهاض. فتخسر البشرية فرداً كان يمكن أن يؤدي لها أجل الخدمات. ومثل تلك الرعاية يتعذر على المرأة الحصول عليها إلا في الجو العاطفي في الأسرة المتماسكة.
وهناك فوق كل ذلك ونتيجة لذلك، تربية الأولاد، التي هي العنصر الأهم في الأسرة، وهي رسالة المرأة الكبرى التي وجدت لأجلها واختارها الله للاضطلاع بمهامها. وأعطاها من المميزات الجسمية والنفسية ما تستطيع به الصبر والمثابرة على مهمتها الشاقة الطويلة. وهي رسالة كبرى ومهمة عظمى تتحمل المرأة قسطها الوافر اتجاه ربها ودينها وتجاه مجتمعها وأمتها من ناحية أخرى. واللازم عليها أن تكون بمستوى المسؤولية، فتنتج أفراداً صالحين خيرين بنائين، يقدمون لخير الأمة والبشرية ما استطاعوا من خدمات.
وأداء هذه الرسالة الكبرى منوط أيضاً بالأسرة، فان التربية الصالحة، وإنشاء الأنفس المخلصة البناءة، لا يكون مضمونا إلا تحت إشراف الأبوين، وما يبذلانه من عطف ورعاية، لأنها المدرسة الأولى للفرد، وبها ينال الفرد أسسه الفكرية الكبرى التي يحتذيها في سائر أيام حياته.

إذا عرفنا ذلك، وتميزنا بوضوح الدور الطبيعي الهام الذي تؤديه المرأة والمسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقها، استطعنا أن نفهم بوضوح أهمية عمل المرأة في البيت لإشرافها على مملكتها الصغيرة وإخلاصها بجد وشرف على أداء المسؤولية، ونفهم مدى الضرر الاجتماعي الكبير الذي يحدث إذا غادرت المرأة بيتها وغمطت حق أسرتها وعملت في مصافّ الرجال.
أما عملها في بيتها في الأداء الصحيح لرسالتها الجليلة تجاه زوجها وأولادها وأمتها. لكي تكون المدرسة الأولى لرجال الغد وبناة المستقبل، فتزرع في عقولهم المثل العليا وفي نفوسهم السجايا الصالحة والأخلاق الحميدة، لكي تقدم إلى المجتمع بكل فخر واعتزاز أفراده الصالحين المأمولين لكل خير.
ولا نقصد بعمل البيت إلا ما كان داخلا في هذا الخط، ومتمشيا مع هذا الهدف، أي الجهد الذي تبذله المرأة في سبيل أداء حق زوجها وتربية أولادها.
3. وأما ما زاد على ذلك فليس واجباً عليها وليس من حق أحد مطالبتها به، وإنما تتبرع به الزوجة ـ إن تبرعت ـ في سبيل إرضاء أسرتها وإرضاء ربها وتحصيل ثوابه الموعود. إذن،
فالإسلام إذ يأمر المرأة بالقيام بواجباتها في الأسرة، وأداء مسؤولياتها اتجاهها، إنما يواكب بذلك طبيعتها الأساسية واصل خلقتها التي خولها الله تعالى إياها بصفتها زوجة وأماً. وتكون المبادئ الأخرى التي تكلف المرأة أكثر من ذلك، قد كلفتها شططا ما هو خارج عن مسؤوليتها وحدود طبيعتها.
وأما عمل المرأة خارج البيت، فانا إذا نظرنا إليه بصفتها وسيلة لكسبها للمال، لم نجده بنفسه وعنوانه محرماً في نظر الإسلام، فان للمرأة كما للرجل تماما، حق الملكية وإجراء المعاملات والمشاركة في الأعمال التجارية المهنية وغيرها. إلا أن ممارستها لحقها في هذا الميدان يجب أن يقتصر في حدود طاعة تعاليم دينها وعدم غمط حقوق غيرها وإهمال مسؤولياتها. فان استطاعت المرأة أن توفق بين ذلك وتقوم بواجباتها وعملها، جاز لها العمل وحل لها الكسب، وألا كان في كثير من الأحيان حراماً في نظر الإسلام.
وان عمل المرأة في خارج البيت عدة مفاسد اجتماعية وإسلامية يمكن أن نلخصها في النقاط التالية:
أولاً: إن عملها في الخارج، كما عرفنا، إهدار لحق زوجها وأولادها، وإهمال لشؤونهم، مما يلجئ الزوج إلى الانحراف الخلقي، وقضاء وقت فراغه سائبا ما بين المطاعم العامة والأماكن المشبوهة.
ولئن كان حق الزوج قابلاً للإسقاط من قبله، فان حق الأولاد ومسؤولية تربيتهم غير قابلة للسقوط ولا يمكن تلافيها بتأسيس الملاجئ ودور الحضانة. حيث يعتني بالأولاد كما يعتنى بالآلة ولا ينال الفرد منهم إلا قسطاً ضئيلا من الإشراف العام، ويكون محروماً تماماً من عطف الأمومة والأبوة، ومن الجد والإخلاص في تربيته وإصلاحه. وسوف ينعكس ذلك بكل تأكيد على سلوك الفرد وعواطفه وأسلوب تفكيره. وسوف لن يستطيع أن يعطي للمجتمع ولا لأسرته وأولاده، ما كان محروما منه في صغره من حنان وإخلاص.
إذن فلا ينبغي إن يكون الغرض من دور الحضانة هو ذلك.. وإنما المهم في تأسيسها هو أن تتكفل بالرعاية أولئك الأطفال الذين حرموا اضطرارا من عطف الأبوين لبعض الظروف التي قد تطرأ عليهما كالموت والطلاق ونحو ذلك.
إذن فنعرف كم سوف يكون عمل المرأة وإهمالها للأسرة سبباً مباشراً في الإضرار بالمجتمع وتسليمه أفرادا قاصرين هدامين، عاجزين عن خدمة دينهم وأمتهم وأداء حقها والقيام بمسؤوليتها، كما هو المأمول في كل فرد فيها. فكيف ظنك إذا قام النظام الاجتماعي على عمل المرأة وأصبح اغلب الأفراد من نتاج الملاجئ ودور الحضانة.
وثانياً: إن عمل المرأة في الخارج، على النحو السائد في أنظمة كثير من الدول، منذ فجر ما يسمى بعصر النهضة والى الآن، يحتوي بشكل مباشر على إباحة اختلاط الجنسين لأجل تعاونهما في العمل، وهو بنفسه محرم في الإسلام، فانه يؤدي حتما إلى وجود العلاقات المشبوهة بين الجنسين. فان هؤلاء العمال رجالا ونساء، يغلب عليهم، بسبب العمل، الحرمان من الإشباع المشروع لغرائزهم الطبيعية أو النقص الكبير في ذلك على أحسن تقدير. على حين يجدون في اختلاطهم بالجنس الآخر مختلف الطبائع ودرجات الجمال. فتحصل بلا شك العلاقات غير المشروعة بين الكثيرين والكثيرات، إلا من وفقه الله تعالى إلى قوة الإيمان والإرادة. وهذه العلاقات بنفسها أيضاً محرمة في الإسلام.
بالإضافة إلى ما تولده من مشاكل اجتماعية خطيرة، من كثرة الإجهاض أو دفن الأطفال. أو ـ على أحسن تقدير ـ تربيتهم في الملاجئ لا يعرفون أماً ولا أباً ولا يشعرون بحنان، فينشأون أفراد غير صالحين لخدمة المجموع.
أما الاتصال غير المشروع مع تحاشي وجود الحمل، فهو تبذير للغريزة الجنسية واستعمال لها في غير طبيعتها الأصلية وهي تكثير النسل وحفظ النوع. مضافا لما ينتهي إليه هذا التبذير من قلة في الذرية المشروعة الصالحة. وهو أيضاً مما يتنافى وذوق الإسلام.
وثالثاً: إن في عمل المرأة، منافاة صريحة وواضحة في طبيعة تكوينها، فهو ينافي وقتها وجمالها وضعفها الطبيعي عن الرجل، وينافي فترات الحمل والولادة التي تمر بها. فالمرأة العاقلة إما أن تباشر الحمل بالشكل الطبيعي المستمر، فسوف تقاسي في العمل آلاماً مضاعفة قد تؤدي بها إلى الإجهاض. وإذا عرفت ذلك فحاولت الحيلولة دون وجود الحمل، أوقعها ذلك بالأمراض الناتجة عن استعمال موانع الحمل من ناحية، ونتج عن ذلك قلة الذرية من ناحية أخرى، وبالتالي قلة أفراد المجتمع. وهذا مما يتنافى وذوق الإسلام ووجهة نظره العامة في الحث على زيادة النسل.إذن فلم يبق أمام المرأة، إذا أرادت أن تعمل فتكسب من الرزق الحلال، ألا أن تقدم مسؤولياتها تجاه زوجها وأولادها ودينها وأمتها، ويكون عملها في هذه الحدود جائزا وكسبها مشروعاً.وخير لها أن لا تكلف نفسها هذا العناء، ولا تطمح إلى أكثر مما أوجبه الناس على زوجها من النفقة الواجبة التي تكفل لها الراحة في سائر جوانب الحياة. وتدع العمل لأولئك النساء البائسات اللائي حرمتهن الظروف عن المشرف والكفيل، وغير المرتبطات بزوج وأولاد، فان عملهن مما تمليه ضرورة الحياة، شريطة الاقتصار على حدود تعاليم الإسلام في الأخلاق والمعاملات.(1)1– (كتاب الأسرة في المجتمع)
الإسلام ووسائل الإعلام الغربية...
الإسلام هو الرسالة الخاتمة للرسالات السابقة يدعو إلى الإيمانبالله وحده لا شريك له وبرسله وبكتبه المنزلة ، ويدعو إلى القيم الخلقية النبيلة التي دعتإليها الأديان،
يقول الرسول الكريم صلى الله عليه واله وسلم (( " إِنَّمَا بُعِثْتُلأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ ")). من هذا المنطلق نرى أن الإسلام منهج (منهجحياة) حياة بشرية واقعية متكاملة بكل مقوماتها.
منهج يشمل التصور ألاعتقادي الذي يفسر طبيعةالوجود، ويحدد مكان الإنسان في هذا الوجود، كما يحدد غاية وجوده الإنساني.. ويشملالنظم والتنظيمات الواقعية التي تنبثق من ذلك التصور ألاعتقادي وتستند إليه، وتجعلله صورة واقعية متمثلة في حياة البشر.
كالنظام الأخلاقي والينبوع الذي ينبثق منه،والأسس التي يقوم عليها، والسلطة التي يستمد منها. والنظام السياسي وشكله وخصائصه. والنظام الاجتماعي وأسسه ومقوماته. والنظام الاقتصادي وفلسفته وتشكيلاته. والنظامالدولي وعلاقاته وارتباطاته..
موضوع الإسلام والغرب من الموضوعات القديمة الحديثة ،وأصبح يطرقبكثرة في وسائل الإعلام المعاصر وبطرف وأفكار مختلفة ،فلمَ هذا الاهتمام والزخم الإعلامي الكبير حول هذاالموضوع؟لقد دأبت وسائل الإعلام الغربية على الاهتمام بالإسلام والمسلمينمنذ ظهور الحركات الإسلامية بقيادة العلماء المسلمين داعية إلى التحرر من النفوذالغربي ، وكان تناولها لهذه الحركات يتسم بالهجوم على هذه الحركات ووصفها بالتعصبوالدعوة إلى كره الأجنبي .
كما وتناولت قضايا محدودة في الإسلام كمسألة علاقة الإسلامبالحضارة الغربية، وموضوع المرأة، ووضع الأقليات غير المسـلمة في البلاد الإسلامية.
لقد اهتمت الصحافة الإنجليزية والأمريكية والأوربية بصورة عامة بحركات التحرر في البلاد التي كانت خاضعةللنفوذ الإنجليزي.
ولم يتوقف اهتمام الإعلام الغربي بالإسلام وقضايا المسلمين ،فالإعلام الغربي بالرغم من أنه ليس إعلاما حكوميا لكنه يميل إلى تأييد مواقفالحكومات الغربية التي تحرص على مصالحها العولمية الرأسمالـية ، والإعلام تملكه ( العولمة الغربية) وكان الإعلام الغربي يحارب على جبهتين : الشيوعيـة والإسلام ، وكان يقرنبينهما دائما.
حتى إذا سقطت الشيوعية وجد الإعلام الغربي فراغاً كبيراً مما جعلهيتجه إلى ملئه للعداء المضاعف للإسلام.وهل يصبح الإسلام الشبح الجديد ؟ وكما بعلم العالم ألان لم تعد قوةالعالم الشيوعي تشكل تهديداً كما كانت في الماضي وذلك نتيجة للأحداث الصاخبةوالمغيرة لمجرى التاريخ والتي أزلت الستار على حقبة من الزمن كان لها وقع في التاريخ الحديث والمعاصر ،
وهكذا وجد الأمريكيون الذين كانوا يكثرون في الحديثعن الخطر المفترض من الشيوعية، وجد هؤلاء أنفسهم فجأة محرومين من موضوعهم المحبب.
…والسؤال الـذي يطرح نفسه هل تختار العناصر (الإعلام) التي تتولى تحذير الشعبالأمريكي من الخطر مجموعة أخرى من البشر لوضعها أمام الجمهور على أنها تهديدلأمريكا والعالم؟ إن الصورة السيئة التي يصوَّر بها الإسلام في وسائل الإعلامالأمريكية تثير انتباه بعضنا إلى جعل الإسلام الشبح الجديد. " وخير أمثلة من الصحافةالأمريكية تتمثل في تلخيص لمقال لكاتب أمريكي هو شارلز كروتهامر .فهل كانت صورة الإسلام في الإعلام الغربي جيدة قبل نهاية الحربالباردة ؟ وهل الإعلام الغربي و المضطرين من إثارة العداء ضد الإسلام قبل سقوطالشيوعية وقد نبهت إلى هذا العداء ضد الإسلام وقبل سقوط الشيوعـية حينما تحدث نائبالرئيس الأمريكي دان كويل في خطابه الذي ألقاه (1)فربط فيه بين الإسلام والشيوعية على أنهما أكبرالأخطار التي تواجـه العالم في القرن العشرين ، وقد صور نائب الرئيس الحركاتالإسلامية بأنها حركات" أصولية متشددة."إن اهتمام وسائل الإعلام بالعلاقة بين الإسلام والغرب له أسبابكثيرة منها أن معظم البلاد العربية الإسلامية تعتمد حكوماتها على الدعم الغربي فيصور عديدة أهمها الديون الخارجية التي بلغت مئـات البلايين من الدولارات ،والدعمالمعنوي للأنظمة الحاكمة،وأن الغرب هو الذي يرعى مسألـة الصلح مع اليهود وهذه نقطةخلاف رئيسة بين الحكومات العربية الإسلامية التي تنفذ مشيئة الغرب وبين الحركاتالإسلامية.ولاشك ولا ننكر أن في الغرب بعض الأصوات المعتدلة التي تحاول أن تنظر إلىالعلاقة بين الإسلام والغرب نظرة موضوعية ،ومن هؤلاء أساتذة جامعيون ومفكرونوسياسيون ، لقد وقف الفيلسوف الإنجليزي توماس وبالرغم من أنه هاجم القرآن إلا أنه عندما جاء ذكررسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: ( لقد أصبح من العار على أي فرد متدين أن يستمعأو يصدق ما يقال من أن محمداً كان دجالا وكذابا. فكيف بالله عليكم يستطيع الكذاب أنيبني أمة عظيمة تمتد جذورها في هذه المساحة الشاسعة؟ وكيف بالله عليكم للكذاب أنيأتي بكتاب يستطيع أن يسيطر على نفوس وعقول وقلوب معظم سكان الأرض؟)(1)ومن هنا اختاره الله لنا اسماً ورسماً ، ومظهراً وجوهراً ، وقلباًوقالباً.ويقول الله تبارك وتعالى في حق الدين الإسلامي ، وموقف الجاحدين به :{الْيَوْمَيَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِالْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِيوَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } (3) سورة المائدة،ويقول تبارك وتعالى :{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُوَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُالْعِلْمُ } (19) سورة آل عمران ،ويجب أن نتساءل ما حجم هذا التيار المعتدل ، وما حجم نفوذه؟ إنالوقت الذي تحدث فيه الأمير شارلز ولي عهد بريطانيـا حديثا نال الاستحسان والإعجابفي العالم الإسلامي نتساءل هل له تأثير حقيقي في بـلاده؟ الأمير شارلز يمتدح الإسلامورئيس الوزراء البريطاني يلتقي سلمان رشدي ، والحكومة البريطانية تنفق آلاف الجنيهـات علىحماية هذا المارق ، وتبخل بالقليل على المدارس الإسلامية 1_ في حفلة تخريج دفعـة من البحريةالأمريكيـة يوم 30 مايو سنة1990م 1_ توماس كارليل عام 1864 جامعة أدنبرةالعريقة المتخصص في الدراسات الصليبية خلال المؤتمر السنوي العالمي للجامعة .