و قد وردت أحاديث كثيرة توضح أهمية مساعدة الفقراء والمحتاجين من المؤمنين وقد اعتبر الله الإنسان المعين للعباد من أفضل عباده وأحبهم وأقربهم إليه ، فعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( ألا إن أحب المؤمنين إلى الله من أعان المؤمن الفقير من الفقر في دنياه ومعاشه ، ومن أعان ونفع ودفع المكروه عن المؤمنين )
بين الحب والخوف . .
ومثال آخر على الصعيد الاقتصادي : فلو فكر إنسان في توفير الثروة لنفسه ، وتحصيل وسائل الراحة والرفاه ، ولم يهتم باوضاع من حوله من الفقراء والمحتاجين ، فإنه لن تتحقق له الراحة والسعادة ، ذلك لأن الفقر والحاجة يلجأن بعض العناصر في المجتمع إلى التمرد والثورة ، فتتكون جماعات المقاومة لأصحاب الثروات ، وعصابات السرقة والخطف والنهب . .
ولذلك نرى الشريعة الإسلامية تركز تركيزاً كبيراً على ضرورة الاهتمام باليتيم وتحذر من تحقيره أو إهانته أو قهره ، وقد قال تعالى في كتابه الكريم موجهاً رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن ذكره ببدايات حياته حيث الفقر واليتم : ( ألم يجدك يتيماً فآوى * ووجدك ضالاً فهدى * ووجدك عائلاً فأغنى * فأما اليتيم فلا تقهر ( 2
وهناك أحاديث كثيرة تركز على هذا الجانب فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( من عال يتيماً حتى يستغني أوجب الله له بذلك الجنة ) 1
وعن أيضا : ( خير بيوتكم بيت فيه يتيم يحسن إليه وشر بيوتكم بيت يساء إليه )2
وعنه أيضا : ( من كفل يتيماً من المسلمين ، فأدخله إلى طعامه وشرابه ، أدخله الله الجنة البتة ، إلا أن يعمل ذنباً لا يغفر ) 3
وتسعى برامج الإسلام وتعاليمه إلى إنهاء حالات الفقر والمسكنة في المجتمع أو تقليصها وتخفيف وطأتها عن طريق العدالة الاقتصادية والاجتماعية .
وإذا ما بقيت في المجتمع فئة تعاني من الفقر والحاجة لسبب أو لآخر فإن الإسلام يحرم التمييز بين الناس في المعاملة والاحترام على أساس وضعهم المادي ويؤكد على احترام الفقراء ومعاملتهم معاملة لا تشعرهم بالفرق بينهم وبين الآخرين .
فعن الإمام الصادق (عليه السلام ) : ( من حقر مؤمناً مسكيناً لم يزل الله حاقداً ماقتاً حتى يرجع عن محقرته إياه ) 1
وعنه عليه السلام : ( من لقى فقيراً مسلماً فسلم عليه خلاف سلامه على الغني لقى الله عز وجل يوم القيامة وهو عليه غضبان ) 2
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( ألا ومن استخف بفقير مسلم فقد استخف بحق الله ، والله يستخف به يوم القيامة إلا أن يتوب ) 3
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( من أكرم فقيراً مسلماً لقى الله يوم القيامة وهو عنه راض ) 4
ومن جانب آخر زرع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في وعيهم أن الرّزق بيد الله تعالى ، وهو يرزق الإناث كما يرزق الذكور ، فأشاع بذلك أجواء الطمأنينة على العيش ، وكان الجاهليون يقتلون الإناث خوف الفقر . أضف إلى ذلك استعمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لغةً وجدانيةً شفافة ، فتجد في السُنّة القولية عبارات تعتبر البنت ريحانة ، والبنات هن المباركات ، المؤنسات ، الغاليات ، المشفقات.. وما شابه ذلك ، وكشاهد من السُنّة القولية وردّ (عن حمزة بن حمران يرفعه قال : أتى رجل وهو عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فأُخبر بمولود أصابه ، فتغيّر وجه الرّجل !! فقال له النبيّ : «ما لكَ» ؟ فقال : خير ، فقال : «قُل» . قال: خرجت والمرأة تمخض ، فأُخبرت أنّها ولدت جارية !! فقال له
لنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : «الاَرض تقلّها ، والسَّماء تظلّها ، والله يرزقها وهي ريحانة تشمّها..» (1)؟ . وقد أكد الاِمام علي عليه السلام ، ذلك التوجه النبوي بقوله : «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا بُشّر بجارية ، قال : ريحانة ، ورزقها على الله عزّ وجلّ»