في 10 محرم عام 61 للهجرة حدثت ثورة الامام الحسين الثورة الاصلاحية السياسية الدينية الكونية التي تجسدت فيها اروع صور التضحية والدفاع عن المبدا فقد بدا الرسول محمد بنشر رسالته واستمرت الرسالة بفضل المشروع الثوري الذي لن ينسى الى يوم القيامة.بقيادة الامام الحسين ابن فاطمة بنت محمد "عليهم افضل الصلاة والسلام "..
ثورته لم تكن للبحث عن منصب او مال اوجاه او حكم لمكان لقد كانت لتحمي حرية الإنسان وكرامته، ومنحه حق الكلمة ليطالب بحقوقه ويعيش حياة كريمة من غير ذل او امر او استعباد .
لم تكن فقط قضية دنيوية بل كانت كونية وربانية فقد جائت توصيفات غريبة عن اشياء حدثت عند مقتل الامام الحسين كما يذكرها الشيخ الطبراني في كتاب "مقتل الحسين "عليه السلام " ويذكرها فريد وجدي في دائرة معارف القرن العشرين حيث ان السماء بكت دما وكلما رفعوا حجرا من بيت المقدس وجدوا تحته دم ,
فلولا إنها قضية ربانية لما تغير الكون هكذا .
لقد كانت ثورة الإمام الحسين بن علي (ع) ثورةً شجاعةً ضد مظاهر التسلط والاستبداد، وكان لها صداها المؤثر منذ استشهاده (ع) الى يومنا هذا .
كيف وجدناها ثورةً إصلاحيةً؟
لقد ناشد الامام القوم بقوله: «لم أخرج أشرًا ولا بطرًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي. أريد أن أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر... فمن قبلني بقبول الحق فالله أوْلى بالحق. ومن رد عليّ هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين".
لقد قطع الشك باليقين عندما حدد الامام هدفه بكلمة "الاصلاح "
ومعناه أن يحق الحق وتعزز الكرامات وينتشر العدل والمساواة وتحمى حرية الانسان وتصان حقوقه المشروعة في ظل حكم خال من التعسف .
لقد انتشرت عدة كتابات عن ثورة الامام الحسين موخرا حيث كثر قراء فكر اهل بيت الرسول فقد عبر الكثير عن ثورة الامام الحسين بكتاباتهم وقد كتب كثير من المستشرقون عن ذلك احببت ان اجمع واورد لكم جزءا من ذلك :
فقد عبّر الكاتب الأديب أنطوان بارا في كتابه «الحسين في الفكر المسيحي» عن ثورة الإمام الحسين (ع) أصدق تعبير قائلاً: الثورة التي فجرها الحسين بن علي "عليهما السلام" في أعماق الصدور المؤمنة والضمائر الحرة، هي حكاية الحرية الموءودة بسكين الظلم في كل زمان ومكان وجد بهما حاكم ظالم غشوم، لا يقيم وزناً لحرية إنسان، ولا يصون عهداً لقضية بشرية، وهي قضية الأحرار تحت أي لواء انضووا، وخلف أية عقيدة ساروا…
هذا هو شخص اديب عربي مسيحي نجد انها ثورة يستقي منها العبر من هو عربي وغير مسيحي ياترى هل تاثر اشخاص من الغرب بها ؟
الجواب نعم حيث انها القضية التي ابكت العالم الاسلامي وغير الاسلامي العربي وغير العربي وعبر عنها الكثير
فقد وجدنا كتابا للصحفي الالماني ( جرهارد كونسلمان)- وهو صحفي الماني مشهور عمل محقق تلفزيوني ومن خلال عمله صار ذو خبرة بقضايا وتطورات العرب -
باسم (سطوع نجم الشيعة) وعند تصفح أحد أبوابه المسماة"الحسين الشهيد":
وجدناه يقول :إن الحسين ومن خلال ذكائه قاوم خصمه الذي ألب المشاعر ضد آل علي وكشف يزيد عبر موقفه الشريف والمتحفظ فلقد كان واقعيا ولقد أدرك إن بني أمية يحكمون قبضتهم على الإمبراطورية الإسلامية الواسعة.
من هنا إنطلقت الحياة غير الهادئة لحفيد النبي الحسين، فقد إبتدأت بعد موت معاوية حيث شعر الامام بخطر وتحد قادمين عليه وعلى الدين الاسلامي الحنيف من الأمويين.
ويستطرد الصحافي الألماني (كونسلمان) في حديثه عن العرش الأموي الهزيل وتحديدا خلافة يزيد بما يحمل من شخصية نكراء وشوهاء فيقول: لقد كان يزيد مستخفا، مستهزئا لا يقوى على تحمل المسؤولية، قال عنه احد الرجال البارزين الذي يذكر العهد الذهبي الذي حكم فيه النبي: أعلينا أن نبايع من يلاعب الكلاب والقرود ومن يشرب الخمر ويرتكب الآثام علنا، كيف نكون مسؤولين عن هذه البيعة أمام الله ؟ .
لن يرضى الامام بمثل هكذا بيعة وحمل النساء والاطفال والعشيرة وذهب الى العراق
عارفا انه سيواجه موتا محققا ولكنه اراد ان ينصر الدين وكان انصاره صامدين ثابتين
مع علمهم بويلات وحرب كبيرة سيواجهون باناس كل همهم المال .
ويقول لأستاذ جرهارد كونسلمان بحرارة وعاطفة شجية لسلوك جسده أبو عبد الله في ملحمة الطف المليئة بالكمالات الإنسانية فيقول: ( ولمرة أخيرة حاول زعيم الركب الحسيني إستخدام عنصر الإقناع أمام أعداءه، فقد كان رجلا ذا كلام ساحر خاصة في وقت الشدة، ولكن لم ينفعهم ذلك، فنزل للحرب مع عدم رغبته بها وبقيت كلمات الشهيد الحسين مقدسة حتى اليوم ولقد إستخدم فيها الامام عناصر الفصاحة فإستعان بالمبررات وعبارات الرجاء إلا أنها بقيت بلا أثر فيهم، وفي قيض الظهيرة أصاب الوهن صوت الحسين فجف حلقه وشفتاه ولسانه بفعل العطش فصار القرار للسيوف.
لقد تفوق الاعداء بكثرة العدد ولكن كان أصحاب الإمام صامدين وحامين لإمامهم بعمل حلقة حوله ولكن الحلقة كسرت بسبب إعياء وعطش الرجال لان العدو لم يسمح لهم بتناول الماء
، فلم يكن أمام حفيد النبي الحسين إلا أن يستخدم سيف ذي الفقار ، فقاتل ببسالة عظيمة حتى إنكسر أمام الخصم وكان قد أصيب بأربع وثلاثين ضربة سيف، وثلاث وثلاثين رمية نبال، وهكذا قتلوه وقتلوا أصحابه بلا رحمة .
ويصور الكاتب الألماني مصائب آل الرسول بعد عصر عاشوراء بتحسر وتحرق فيقول : وقام أتباع يزيد بفصل الرؤوس عن الأجساد بما فيهم الحسين وخلعوا الثياب من الأجساد الدامية ومثلوا بكثير من جثث القتلى من أبناء الحسين ولم يسلم منهم حتى الطفلين، وعندما هوجمت الخيام التي تحوي النساء لم يبق على قيد الحياة الا نساء وعدد قليل منا لغلمان فتم إرسالهم إلى الكوفة ليلا فتركوا كربلاء باكين ووصلوا الكوفة حتى سمعت صرخات مدوية ونحيب، مما أصابت الهستيريا أصحاب الفضول بعد إحباطهم من نصرة الحسين )ع).
ثم يعرج الصحفي الألماني كلامه بالقول : أدى مصرع الحسين إلى ان تصير سلالة آل محمد وعلي في ضمير كثير من المسلمين.. إنهم أنبل جنس عاش على أرض الدولة الإسلامية، وصار مصرع الحسين في كربلاء أهم حدث في مجرى التاريخ وظل هذا الشهيد رمزا للمسلمين حتى يومنا هذا، وقد أحس يزيد أن الحسين ميتا لهو أخطر عليه من الحسين حيا.
إن ما تناوله الصحفي الألماني في كتابه عن الحسين ونهضته من مضامين إبداعية إستلهمت شيئا من الفاجعة تستحق التبجيل والتكريم فلقد تناول حفيد النبي مع عدم إنتمائه هو للرسالة المحمدية وهذا مدعاة شرف وفخر لأن الحسين ملك للعالم كله وهو المنهل العذب الذي ينحو نحوه الظامئون من كل الأديان والأجناس ليغترفوا من عذب ماءه حتى الوصول للكمال الإنساني الذي مثله أبو الشهداء في كربلاء فالحسين وكما نستقرأه عبر كتاب هذا الألماني هو ثورة في وجدان الإنسانية..
وكتب عدد من المستشرقون منهم :
الكاتبة الإنكليزية القديرة فريا ستارك كانت قد كتبت فصلاً صغيراً عن عاشوراء في كتابها المعروف باسم (صور بغدادية) صفحة (145- 150) طبعة كيلد يوكس1947م، وقد يسمى كتابها (مخططات بغداد)، وتبدأ هذا الفصل بقولها: إن الشيعة في جميع أنحاء العالم الإسلامي يحيون ذكرى الحسين ومقتله ويعلنون الحداد عليه في عشرة محرم الأولى كلها.. وتأتي على ذكر واقعة الطف ومصيبة أهل البيت وإحاطة الأعداء حول الإمام الحسين (ع) ومنعهم إياه عن موارد الماء فتقول:
على مسافة غير بعيدة من كربلاء جعجع الحسين إلى جهة البادية، وظل يتجول حتى نزل في كربلاء وهناك نصب مخيمه.. بينما أحاط به أعداؤه ومنعوا موارد الماء عنه. وما تزال تفصيلات تلك الوقائع واضحة جلية في أفكار الناس في يومنا هذا كما كانت قبل (1257) سنة وليس من الممكن لمن يزور هذه المدن المقدسة أن يستفيد كثيراً من زيارته ما لم يقف على شيء من هذه القصة لأن مأساة الحسين تتغلغل في كل شيء حتى تصل إلى الأسس وهي من القصص القليلة التي لا أستطيع قراءتها قط من دون أن ينتابني البكاء
وقد ذكر مستر توماس لايل الذي اشتغل في العراق معاوناً للحاكم السياسي في الشامية والنجف بين سنتي 1918- 1921 ومعاوناً لمدير الطابو في بغداد وحاكماً في محاكمها المدنية في كتابه (دخائل العراق ص57-76) بعد أن شهد مجالس الحسين ومواكب العزاء..
...ولم يكن هناك أي نوع من الوحشية أو الهمجية، ولم ينعدم الضبط بين الناس فشعرت في تلك اللحظة وخلال مواكب العزاء ومازلت أشعر بأنني توجهت في تلك اللحظة إلى جميع ما هو حسن وممتلئ بالحيوية في الإسلام، وأيقنت بأن الورع الكامن في أولئك الناس والحماسة المتدفقة منهم، بوسعهما أن يهزا العالم هزاً فيما لو وجها توجيهاً صالحاً وانتهجا السبل القويمة ولا غرو فلهؤلاء الناس واقعية فطرية في شؤون الدين..
و قال غاندي في كتابه (قصة تجاربي مع الحقيقة): أنا هندوسي بالولادة، ومع ذلك فلست أعرف كثيراً عن الهندوسية، وأني اعتزم أن أقوم بدراسة دقيقة لديانتي نفسها وبدراسة سائر الأديان على قدر طاقتي.
وقال: لقد تناقشت مع بعض الأصدقاء المسلمين وشعرت بأنني كنت أطمع في أن أكون صديقاً صدوقاً للمسلمين..
وبعد دراسة عميقة لسائر الأديان عرف الإسلام بشخصية الإمام الحسين وخاطب الشعب الهندي بالقول المأثور: على الهند إذا أرادت أن تنتصر أن تقتدي بالإمام الحسين..
وهكذا تأثر محرر الهند بشخصية الإمام الحسين تأثراً حقيقياً وعرف أن الإمام الحسين مدرسة الحياة الكريمة ورمز المسلم القرآني وقدوة الأخلاق الإنسانية وقيمها ومقياس الحق.. وقد ركّز غاندي في قوله على مظلومية الإمام الحسين بقوله: تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر..
قال العالم الإيطالي.. الدومييلي في كتابه (العلم عند العرب)..
نشبت معركة كربلاء التي قتل فيها الحسين بن علي، وخلفت وراءها فتنة عميقة الأثر، وعرضت الأسرة الأموية في مظهر سييء.. ولم يكن هناك ما يستطيع أن يحجب آثار السخط العميق في نفوس القسم الأعظم من المسلمين على السلالة الأموية والشك في شرعية ولايتهم..
فلنستقرئ من كل ذلك المواعظ والدروس من عاشوراء مدرسة لو يتعلم منها الناس والعالم لاستفادوا الكثير الكثير
فمن اهم الدروس من ثورة الامام هي :
1. أن نثأر لله وحده ، لا لانتسابات الأرض ، وانتماءاتها ، وعصبياتها ، وصيحاتها ، وجاهلياتها .
أن ننتصر للدين ، وللمبدأ ، وللعقيدة ، لا للعصبيات ، والقوميات ، والعناوين التي صاغتها ضلالات الإنسان ، وأهواءه .
2. أن نرفض الباطل ، والزيف ، والفساد ، والضلال ، وأن نرفض كل ألوان الانحراف الأخلاقي ، والثقافي ، والاجتماعي ، والسياسي .:
3. أن نكون الصرخة التي تواجه الظلم والظالمين ، وتواجه البغي والباغين ، وتواجه الطغيان والطاغين ، وتواجه الاستكبار والمستكبرين .
4. أن نكون المتدينين الحقيقين ، وأن نكون الذين يملكون بصيرة الدين والعقيدة ، وبصيرة الإيمان ، والمبدأ ، ونقاوة الانتماء ، والالتزام ، وأن لا نكون من أولئك الذين يحملون بَلادَة الدين والعقيدة ، وغباء الإيمان والمبدأ وأن لا نكون النفعيِّين المَصلحيِّين المتاجرين بالدين ، والمساومين على حساب المبدأ .
5. الإمام الحسين ( عليه السلام ) أوقف حَجَّه ، وأعلن الثورة على يزيد ، وذلك ليقول للمسلمين : أيّ قِيمَةٍ لطوافٍ حولَ بيت الله ما دام الناس يطوفون حول قصور الطغاة والظالمين .
وأيَ قيمة لتقبيل الحجر الأسود مادام الناس يقبِّلون الأيدي الملوثة بالجرائم .
وأيّ قيمة لركوعٍ وسجودٍ عند مقام إبراهيم مادام الناس يركعون ويسجدون عند أقدام السلاطين .
وأيّ قيمةٍ لسعيٍ وحركةٍ بين الصفا والمروة مادام الناس يعيشون الخنوع والركود ، والجمود والاستسلام ، والجور والضعف .
وأيّ قيمةٍ لتلبيةٍ إذا كان الناس مأسورين لنداءات الطواغيت والمستكبرين .
وأيّ قيمة لذكرٍ وتلاوةٍ وعبادةٍ إذا كان الناس يمجِّدون ويعظِّمون ويؤَلِّهون الجبابرة والفراعنة...
6. ان الحسين ادى رسالة كبيرة ينهل منها الناس اجمع انها انتصار الدم على السيف من عاشور نستقي الدروس والعبر .
7. يعد الإمام الحسين (عليه السلام) من أشد الداعين إلى مبادئ حقوق الإنسان وصيانتها من الانتهاك، وذلك أنه لم يكتفي بحدود الدعوة النظرية المجردة إلى تلك المبادئ، وإنما مارس تلك المبادئ عمليا، وضحى بنفسه وأهل بيته من أجل تلك المبادئ الإنسانية.
ان الغرب كتبوا عن امامنا والعرب المسيحيون كتبوا عن امامنا والمسلمون بطوائفهم كتبوا عن امامنا فلنجعل فكر وثورة الامام الحسين هي الرابط بيننا لوحدة وطنية تجمعنا تحت ظلالها مستلهمين العبر من هذه الافعال والتصرفات التي قام بها الحسين عليه السلام واتباعه وانصاره والمحبين له في يوم عاشوراء..
ان الحسين ذو شان كبير بعطائه الكبير الذ قدمه للإنسانية جمعاء لقد صرح العرب والغرب بتاثرهم وتعلمهم من ثورة الامام الحسين عليه السلام اتمنى لو يلتفت المجتمع العربي والدولي والانساني ليبدا بترجمة هذه العبر والمباديء ويقوم بنشرها لكل الناس لننعرف بشخص الامام الحسين وبمبادئه,لنكتب اليوم عن ثورة الامام الحسين بشيء جديد يجمع كل الناس ويوحدهم وليس بطريقة تجعل الامام ملك لطائفة دون الاخرى .