إن أغتيال إبراهام لنكولن روع الأمريكيين فى كل من الولايات الشمالية و الجنوبية على السواء. فالشماليون فقدوا الرجل الذى قادهم إلى النصر، و الجنوبييون فقدوا الشخص الذى كان بمقدوره أن يعيد بناء بلادهم المحطمة، من دون أن يفرض عليها مزيداً من الأعباء. و المعروف أن إبراهام أغتيل عام 1865 على يد مخبول يدعى " جون ويليكز بوث "، فقد أندفع إلى مقصورة لنكولن خلال أحد المهرجانات و أطلق على الرئيس النار من مسدسه، و تمكن من الإفلات.
ولد إبراهام لنكولن عام 1809 فى ولاية " كنتكى ". وكان أبو فقيراً و صاحب عائلة كبيرة العدد و تعيش فى كوخ صغير عند طرف الغابة. وقد توفيت امه عندما كان بعد فى التاسعة من عمره، فتزوج والده مرة ثانية من " سارة جونستون " وكان امرأة طيبة شجعت إبراهام فى كفاحه لتعليم نفسه.
فى الحادية و العشرين من عمره أنتقل للإقامة فى مدينة " نيو سالم " بولاية الينوى. وهناك أشتغل فى عدد من الأعمال المتواضعة، كما عمل وكيل بريد فى القرية. ومع إنه كانت تعوزه الرشاقة فى الحركة و التعبير، وهو ما كان مكملاً لطول قامته و دمامة مظهره، فإنه سرعان ما أصبح ذا شهرة كبيرة كراوى قصص.
و الشعبية التى أكتسبها كانت عوناً له عندما عزم على الإنخراط فى حقل السياسة. وفى عام 1834 أنتخب عضواً فى مجلس الينوى التشريعى - البرلمان المحلى - عن حزب المحافظين. وفى عام 1837 أنتقل إلى مدينة " سيرنغفيلد " عاصمة الولاية، لكى يستطيع تتبع الأحداث عن قرب، وهناك تعمق بدراسة القانون، مما ساعده فى حياته السياسية. وفى عام 1842 تزوج لنكولن مسز مارى تود، و أنجب أربعة أبناء لم يبق سوى واحد منهم على قيد الحياة. ثم أنتخب لنكولن عضواً فى الكونغرس - البرلمان الأتحادى - ولكن ما أظهره من أعتدال فى السياسة جعل الحزب يرفض ترشيحه للنيابة فيما بعد.
وكان الخلاف يتزايد بين ولايات الشمال وولايات الجنوب بسبب العبيد الزنوج. ولم يستطع الحزب السياسى الذى ينتمى إليه لنكولن، أن يصمد لضغط المتطرفين من كلا الجانبيين. ففريق يطالب بالتحرير التام للعبيد و فريق آخر بالإبقاء على العبودية. و بعدما راح الحزب يفقد مؤيديه نشأ، نتيجة ذلك، حزب سياسى جديد هو الحزب الجمهورى هدفه إلغاء الرق، فأنضم لنكولن إليه.
وفى عام 1858 أختير لنكولن ليكون مرشح الحزب الجمهورى لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية إلينوى. ومع إن لنكولن خسر فى الإنتخابات فإن الخطب التى ألقاها و المساجلة مع منافسه دوغلاس أعطته شهرة فى أرجاء البلاد كلها.
وفى عام 1860 أختير لنكولن مرشح الحزب الجمهورى للرئاسة، و أستطاع أن يفوز بسهولة بسبب الأنقسام داخل الحزب الديمقراطى بين شماليين و جنوبيين. ولكن قبل أن يستطيع الوصول إلى كرسى الرئاسة، قررت معظم الولايات الجنوبية الخروج من الأتحاد و إعلان أستقلالها بأسم الولايات الكونفدرالية. وفى عام 1861 قام الإنفصاليون بإطلاق المدافع على حصن " فورت سومتر "، وذلك بدأت الحرب الأهلية.
و بالرغم من أن الولايات الشمالية كانت أوفر غنى و أكثر سكاناً من الجنوب، فإن الحرب تطورت تطوراً سيئاً بالنسبة إليهم فى بداية الحرب، بسبب القيادة البارعة التى أظهرها القائد الجنوبى الجنرال " روبرت ". ولم يستطع لنكولن أن يوفق إلى القائد الذى يكون نداً للعدو إلا فى عام 1863، وهو الجنرال غرانت. فمع القائد الجديد تغيرت مسيرة الحرب، وفى عام 1863 أحرز الشمال أنتصارات كبيرة فى " فيكسبورغ " وفى العام نفسه أعلن لنكولن قراره المشهور بتحرير العبيد.
و بحلول عام 1865 بلغ الجنوب حد التعب و الأنهيار، و أضطروا إلى الأستسلام. إلا أن لنكولن لم يعش طويلاً لكى يشهد أنتصاره، ففى الرابع عشر من نيسان ( أبريل ) أى بعد خمسة أيام من أستسلام الجنوبيين، أغتيل لنكولن.
فى بداية الحرب الأهلية أنقطع مورد القطن الخام من الولايات الجنوبية الأمريكية إلى مصانع الغزل بإنجلترا نتيجة للحصار البحرى الذى فرضه الشمال. ولم تمض فترة حتى أصبح عمال مصانع الغزل فى إنجلترا بدون عمل. ومع ذلك فإنهم عدوا قضية الشمال عادلة.