الانتقام نزعة يميل إليها الفرد حين تتبلد القوانين، ويعلن الآخرون عجزهم عن رد الحق الذي يُطالب به صاحبه، فيفر الجميع من المشهد دون أن يشمل أي أحد سواه الحق الذي لا يتبقى منه سوى ظله، وذاك المُطالب بحقه أياً كان، والذي لا يبحث إلا عن وسيلة تساعده على استرداد حقه وإن لم تكن مشروعة يغلبها ويغلب عليها الغضب والحقد، ولا تقبل باسم آخر تُعرف به سواه (الانتقام)، الذي يحمل في جوفه الكثير من البغض، ولا يسمح إلا بنشره بين الأفراد حتى وإن كان ذلك ضمن بيئة عملية لها مخرجات يقف عليها تطور وتقدم المجتمع، الذي لا يجدر به أن يتأثر بما يدور وسط تلك البيئة، التي يتوجب عليها وعلى القائمين عليها معالجة سوء التفاهم حتى من قبل أن يتفاقم؛ ليأخذ حجماً أكبر من حجمه لاشك سيؤثر على المخرجات التي يطمح إليها المجتمع ويعتمد عليها أفراده.
إن الانتقام هو ذاته، ولكن ما يخلفه يختلف تماماً، وهو ما لن نتطرق إليه؛ لعظم الموضوع، ولكننا سنكتفي بالتطرق إلى (الانتقام في بيئة العمل) وذلك؛ للتعرف بخطره الذي يحدق بأكثر من طرف سينتهي بهم الأمر، وقد تأثر الإنتاج؛ بسبب ما قد دار بينهم من معارك بدأت مع هطول أول قطرة للانتقام، وهو ما رغبت الزاوية الثالثة به من أجلكم، فإليكم ما هو لكم.من همسات الزاويةأن نُظلم وإن كان وقع الظلم قاسياً جداً علينا لهو أهون بكثير من أن نظلم الآخرين، ونتسبب بكثير من الأذى لهم، وهو ما يمكن بأن يقع على مريض لا يدرك للصفح سبيلاً فلا يكون منه سواه الرد بقسوة أكبر، وهو ما سيجعلنا نعاني كثيراً؛ لذا ومن جديد فإن وقوع الظلم علينا لهو أهون بكثير من أن نبادر نحن بظلمنا، الذي سيتسبب بكثير من التعاسة والحزن والأسى لغيرنا، ممن يتوجب علينا تعليمهم معنى الصفح والتسامح، في مواقف كثيرة ومع كل خطوة نتقدم بها كمسلمين نتمتع بدرجة عالية من الإنسانية يحق لنا بأن نتفاخر بها من خلال مد المجتمع بهذه الأخلاقيات الجميلة التي يحثنا عليها ديننا الإسلامي الحنيف، وهي تلك التي تعلمنا كيفية التحكم بأعصابنا فلا تنفلت؛ لتجوب المكان بشرها ودون رحمة؛ كي تلتهم كل شيء وإن كان الخير نفسه. وأخيراً: يجدر بنا التفكير ملياً وبعيداً عن الانتقام، الذي يكون التفكير فيه بعد تعرضنا لظلم شديد، يأخذنا نحو الاعتقاد بأنه الخيار المثالي رغم أنه ليس كذلك، فالانتقام وفرد العضلات الذاتية أمور لا تليق بمستوى الحياة البشرية الراقية التي نعيشها، والتي لا تمت للغابات بصلة حيث (البقاء للأقوى)، فحياتنا تحتاج وقبل كل شيء علاقة قوية جداً تربطنا بالله عز وجل، يدعمها الإيمان به، والثقة التامة بأن كل ما يقع علينا هو ابتلاء، وأن ردة الفعل التي يتوجب علينا التقدم بها لابد وأن تكون مدروسة لا مجرد خطوات نندفع بها ويحثنا عليها الغضب وغيره من المشاعر التي لن نحصد من بعدها سواه الندم، الذي نسأل الله بألا يكون منا أبداً.