جراحة الجُملة العصبية بإستخدام الـ gamma knife ... جراحة بلا ألم أو نُدببسم الله الرحمن الرحيم ...
تعتبر تقنية الـ Gamma Knife ... أو مايسمى بـ سكينة غاما ... من أهم تقنيات الأجهزة الطبية المستخدمة في الوقت الحاضر ... وتمثل ثورة رائعة في مجال جراحات الجملة العصبية ... تحديداً في علاج أورام الدماغ والتمددات الشريانية وتشوهاتها أو بعض الأمراض الوظيفية كالصرع والباركينسون ... تعتمد هذة التقنية المتطورة ... التي أكتشفها البروفسور السويدي لارس ليكسل منتصف ستينات القرن الماضي وعمل على تطويرها حتى وفاته منتصف الثمانينيات ... على إستخدام النظير المشع لفلز الكوبالت 60 لتوليد أشعة غاما الكهرومغناطيسية والتي تمتاز بطاقتها العالية جداً (MeV 1.22) وطولها الموجي القصير جداً ، خصوصاً إذا ماقورنت بالأشعة السينية ، مما يمكنها من أن تخترق جسم الأنسان بدون شق أو جراحة ...
هذة الفكرة أضحت النواة الأساسية لما يسمى بالجراحة الإشعاعية Radio-surgery بواسطة الغاما نايف ... والمستخدمة حالياً في إستئصال أورام الدماغ بشكل كبير ... من خلال تسليط تلك الأشعة بتركيز عالي جداً على نقطة واحدة في الورم المراد إستئصاله (وذلك بعد تحديد الأبعاد الثلاثة لقياس الورم بدقة عالية) ... حيث ستعمل الأشعة على منع نمو خلايا الورم وتحطيمها بشكل تدريجي خلال فترة شهور قليلة (من خلال التأثير على الأحماض النووية DNA + RNA لخلايا الورم تحديداً) ... ومن دون ان يؤثر ذلك على أي من الأنسجة أو الأعصاب المحيطة به مما سيؤدي إلى تقليل إحتمالية حدوث المضاعفات السلبية التي تصاحب عادة المعالجة بالإشعاع ... مثل تساقط الشعر ، فقدان الذاكرة أو ضمور الدماغ ... مع تحقيق التواصل المرئي والسمعي فيما بين الطبيب والمريض أثناء كافة مراحل العلاج وما لذلك من تاثير إيجابي على حالة المريض النفسية ... وهذا أهم مايميز الجراحة بإستخدام الغاما نايف بجانب قضائها على الورم بدون أي تداخل جراحي تقليدي وبالشكل الذي يقلل من وقت مكوث المريض داخل المستشفى مع أكثر دقة وفعالية وبأقل تكلفة بأن واحد ...
كما إن من أهم المفارقات الخاصة بتلك التقنية هو إعتبارها من أساليب الجراحة الإنتقائية – Selective Surgery بالرغم من حساسيتها ... حيث يدخل المريض المراد معالجته للمستشفى بكامل وعيه ... حيث يرتدي خوذة محكّمة – Head Frame Helmet يتم تثبيتها بشكل جيد جداً على رأسه بواسطة مسامير خاصة مصممة لهذا الغرض (لتمثل هذة الحالة الوحيدة التي قد يشعر بها المريض ببعض الألم خلال مراحل العلاج) ... فمن خلال تلك الوضعية سيتم تحديد إحداثيات الأبعاد الثلاثة لمركز رأس المريض – Center of Arc وبشكل دقيق جداً بإستخدام مسطرة نصف دائرية الشكل على طول الرأس لتمثل بعد ذلك نقطة المرجع – Reference والتي سيتم تحديد موقع وأبعاد الورم المطلوب إستئصاله بالنسبة لها ... يتم إجراء التصوير الطبي لرأس المريض وبإستخدام أحد التقنيات المعروفة كالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي أو الأيكو وحسب ملائمتها للحالة المرضية للمريض ... وبعد تحديد كافة البيانات (الأرقام) المطلوبة يتم إدخالها ضمن برنامج كومبيوتر سيحدد وفق خوارزمية معينة كمية الأشعاع المطلوب تسليطها على مناطق الورم وعدد مرات القصف ... بحيث سيأخذ بنظر الإعتبار ، إضافة إلى أبعاد الورم وموقعه ، بُعد مصدر الإشعاع عن موضع الورم وعامل التوهين – Attenuation Coefficient الذي ستعاني منه الأشعة عند إنتقالها عبر رأس المريض ...
يتم تسليط أشعة غاما من خلال مجموعة مصادر (يبلغ عددها 201 مصدر) مصنوعة من الفولاذ ومن الرصاص (من أجل منع تسرب الأشعة) يبلغ حجمها 2 سنتيميتر مكعب بحيث يتوضع في مركز رأس منظومة الغاما نايف فتحة مركزية أفقية يبلغ قطرها 2.5 سنتيميتر تقريباً تمثل منبع الأشعة ويتواجد بداخلها الراسم الذي يتمتع بحرية الحركة على طول وضعية رأس المريض ... إن المبدأ الأساس لمعظم تطبيقات العلاج بالإشعاع هو كيفية تحديد الحزم الأشعاعية المنبعثة من مصادر الإشعاع وتركيزها بإتجاه نقطة واحدة داخل الورم او الموضع المراد علاجه أو إستئصاله ... منظومة الغاما نايف لاتشذ عن تلك القاعدة ... حيث يضطلع بهذة المهمة محدد الأشعة أو المسدد – Collimator والذي يكون بمثابة فلتر مصنوعً من مادة الرصاص يتم التحكم بحركته من خلال عدة زوايا ومن ثم يحدد حجم الفتحة الملائمة (4,8,14,18 مليميتر) لإنبعاث حزمة الإشعاع طبقاً لموضع الورم وأبعاده ...
يتم التحكم بحركة المسدد عن طريق ذراع (روبوتي) كهروميكانيكي Automatic Positioning System – APS حساس جداً يتواجد تحت أعلى السرير الذي يستلقي عليه المريض ، وفق آلية دوران دقيقة تتواجد داخل الهيكل الرئيسي للمنظومة ... تتألف بشكل أساسي من محرك كهربائي متصل مع علبة سرعة قابلة للتعديل وتتصل بواسطة مسنن إلى مسنن الدوران عبر حزام للتوقيت ومحور ميكانيكي ... يتم تعديل سرعة دوران الذراع الحامل للمسدد حتى لفة واحدة في الدقيقة وذلك باستخدام مقياس الجهدPotentiometer حيث يختار الفولت المناسب للسرعة ... كما يتم تجهيز وحدة تعديل السرعة بفرامل ديناميكية من أجل تجنب الخروج عند حدود المكان المطلوب للمعالجة وفقاً للإحداثيات الخاصة بالورم والتي تم تحديدها سابقاً ...
تتواجد لوحة التحكم الخاصة بالمنظومة – Control Console خارج الغرفة المخصصة للعلاج وتكون مجهزة بمفاتيح التحكم بحركة سرير العلاج Adjustable Treatment Table ... فتح وإغلاق فوهة الأشعة الموجودة ضمن الدرع الخاص بالمنظومة – Shield حركة وحدة دوران ذراع المسدد التي شرحناها قبل قليل ... بالإضافة إلى أضواء التنبيه والقيادة المثبتة على جهاز التحكم والتي تبلّغ عن أوضاع الجهاز الحالية ... مع وجود جهاز يدوي للتحكم عن بُعد يوجد على كلتا جانبي سرير المريض من أجل تحقيق وضعية التثبيت المناسبة عند بدء العمل ، حيث يفضل أن يكون جهاز التحكم سلكياً وذلك من أجل منع وجود أي إشارات لاسلكية قد تتداخل مع إشارات المنظومة الأخرى ...
تمتاز منظومة الغاما نايف بمحدودية الأعطال الفنية التي تصيب عملها ... مع كون المنظومة لاتحتاج إلى التبريد أسوة بباقي أجهزة الأشعاع الأخرى ... حيث تكون معظمها عبارة عن أعطال ميكانيكية بمكونات وحدة دوران المسدد ووحدة التحكم بحركة سرير العلاج ... أو بعض المشاكل التي تصيب الكومبيوتر المسؤول عن تحديد البيانات الخاصة بالورم ... كما إن عمر النصف – Half Life Time ... الخاص بالنظير المشع لفلز الكوبالت 60 يبلغ 5,26 سنة ... لذلك يجب متابعة ذلك وتبديل المنبع المستخدم في المعالجة عندما يصبح معدل الإشعاع العلاجي الخارج منخفض عن الحد المطلوب ، مما سيؤدي إلى زمن معالجة طويل وهذا غير مرغوب به خلال عملية العلاج ...
لاتختلف المواصفات التصميمية الخاصة بالغرفة التي توجد بها منظومة الغاما نايف كثيراً عن باقي وحدات الإشعاع الطبي الموجودة في المستشفيات ... خصوصاً مايتعلق منها بنوعية جدران الغرفة وأبعادها وموقعها داخل المستشفى ... حيث يجب ان تكون جدران الغرفة ذات سمك كبير نسبياً مصنوعة من الأسمنت المسلح العالي الكثافة ... بينما تجهز الغرفة بباب ثقيل الوزن يكون مصنوع من الخشب المغطى بالرصاص ، كما يكون مزود بمفصلات هايدروليكية تعمل على ضغط الهواء من أجل تحمل هذا الثقل ... ثم يتم وضع الرمل في أعلى الغرفة من أجل منع الأشعة من الإرتداد على شكل مظلة و بالتالي الحيلولة دون تأثيراتها الخطيرة وإنتشارها في الداخل ... كما يجب تصنيع أرضية الغرفة بدقة عالية جداً بحيث تكون مستوية تماماً ومن دون نتوءات أو تعرجات ، ومن ثم يتم وضع المنظومة في منتصف الغرفة وذلك بعد أن يتم حفر حفرة في المكان المخصص لها ومن ثم ردمها بالإسمنت ... كل ذلك يستوجب أن يكون موقع الغرفة المخصصة لمنظومة الغاما نايف في الطابق الأرضي للمستشفى او المركز الموجودة بضمنه ...
تعتبر شركة Elekta السويدية من أبرز الشركات الرائدة في تصميم وتصنيع منظومات الغاما نايف والعمل على تطوير خصائصها بشكل مستمر ولغاية يومنا هذا ... ومع كل تلك الميزات لهذة التقنية الرائعة ... إلا انه لحد الأن يوجد منها فقط بضع المئات من المنظومات المستخدمة فعلياً ... معظمها في المستشفيات والمراكز الطبية الموجودة في دول العالم المتقدمة ... بينما لاتتجاوز عدد المراكز المختصة الموجودة في معظم بلدان منطقتنا أصابع اليدين ، بالرغم من كثرة عدد الأصابات المرضية التي تستوجب العلاج بهذة التقنية ... مع الأخذ بنظر الإعتبار كون معظم المرضى والمصابين من ذوي الفئات العمرية الشابة والتي تتألف منها معظم شعوب المنطقة ...
رد مع اقتباس
