الا ستنفار لمواجهة خطر المخدرات
تقف مجتمعاتنا أمام تحدٍ كبير ازاء التعاطي مع شريحة الشباب وما يواجهها من مخاطر فرضتها ظروف الحياة الحديثة. وحين تتحدث النصوص الدينية عن بعض معالم مرحلة الشباب فإنها إنما تريد أن توجهنا إلى ضرورة فهم هذه المرحلة وحسن التعامل معها.
فالإنسان في مرحلة شبابه يعيش عنفواناً في عواطفه وأحاسيسه، ويعيش شعوراً بالقوة في شهواته واندفاعاً في غرائزه، وهذا ما يجعله معرضاً لمختلف الأخطاء، وقد ورد عن أمير المؤمنين في وصفه لهذه المرحلة العمرية قوله : (وقد تأتي عليه حالات في قوته وشبابه، يهم بالخطيئة فتشجعه روح القوة وتزين له روح الشهوة وتقوده روح البدن حتى توقعه في الخطيئة)[7] .
إن على المجتمع أن يعي جيداً تحديات مرحلة الشباب، فالمجتمع الذي يحسن التعامل مع هذه الفئة، ويقدر ظروفها، ويساعدها على تجاوز التحديات التي تعيشها في هذه المرحلة، فإنه بذلك يحمي أمنه واستقراره. ذلك أنه ما لم يحسن المجتمع التعامل مع شريحة الشباب، فإن ذلك مدعاة لانفلات الأمن الاجتماعي. وما يحصل في المجتمعات من مظاهر سلبية صادرة عن بعض المجاميع الشبابية إنما يؤكد هذه الحقيقة.
إن التعامل السليم مع شريحة الشباب يخدم مستقبل المجتمع على نحو مباشر. فمستقبل المجتمع هو بيد فئة الشباب تحديداً، من هنا فالمسألة ليست أن نتقي الأضرار والمشاكل فقط، بل أن نصنع المستقبل الأفضل لمجتمعنا عبر هؤلاء الشباب. لقد بات تحدي هذه المرحلة العمرية في عصرنا الراهن تحدياً كبيراً، نظرا لسيادة الروح المادية في عالم اليوم، ما دفع لنشوء قوى استثمارية باتت تتاجر بكل شيء بما في ذلك عواطف الشباب وغرائزهم. لقد أصبح عالم اليوم أسير قوى كبيرة، وجهات متمكنة، عملها وشغلها المتاجرة بعواطف الشباب ومشاعرهم، وإثارة غرائزهم وشهواتهم، والتفنن في تقديم المتع الوهمية التي تفتك بقواهم، وهذا ما يجعلنا أمام تحد كبير. لاشك أن استهداف فئة الشباب يعدّ استهدافاً مباشراً لمستقبل الشعوب والمجتمعات، ذلك أن افساد واضعاف القيم في المجتمعات يجعل مستقبلها هشاً.
إن مجتمعنا يواجه تحديّاً حقيقياً في التعامل مع الشريحة الشبابية خاصة شريحة العاطلين عن العمل. فهؤلاء الشباب ذكوراً وإناثاً سيعيشون الشهور يعانون فيها من فراغ كبير اضافة الى متطلبات الحياة للشباب،
هو كيفية ملئ وقت الفراغ هذا؟ إن أحد أخطر السبل لمليء الفراغ لدى الشباب هو الانسياق نحو مسارات منحرفة، وهذا ما تشير إليه التقارير والأرقام التي تكشف عن انضمام مزيد من الشباب إلى حضيرة المجرمين وأصحاب المخدرات ، وذلك راجع بطبيعة الحال إلى الفراغ وعدم احتواء هذه الشريحة والتعامل السليم معها.
إن من أخطر ما يواجهه شبابنا اليوم هو المخدرات، فبلادنا ومجتمعاتنا مستهدفة بهذا الوباء الفتاك. فليس من الخافي أن تعاطي المخدرات والحبوب يفتك بالإنسان في جانبه المعنوي والمادي، ويتسبب له بأضرار فادحة بدنياً ونفسياً واجتماعياً. وقد سبق لوزارة الداخلية تم القبض على شباب متهمين بالتورط في قضايا تتعلق بتهريب مخدرات , ولا يقتصر ذلك على الذكور فقط، فهناك أكثر من 220 فتاة ألقي القبض عليهن بسبب المخدرات. إن من الواضح أن هناك استهدافاً مباشراً لفئة الشباب عبر عصابات تعمل من أجل نشر المخدرات بين الشباب، بدءاً من الأولاد في عمر الخامسة عشر بل دون ذلك.
إن على العائلات أن تولي أبناءها مزيداً من الاهتمام بهم وسلوكهم . فلا ينبغي ان ينشغل الآباء عن أبنائهم، بل المطلوب أن تكون هناك برامج ولقاءات وجلسات، ونشاط ترويحي متزايد للحفاظ على بقاء الابناء في جو العائلة. كما أن على المجتمع أن يدعم البرامج الشبابية، فكل مسجد وكل جمعية وكل لجنة ومؤسسة مدنية ينبغي أن يكون لهم برامج شبابية متميزة دينية وغير دينية وفي مختلف المجالات، في الدين والفن والتراث والثقافة والحقوق. ينبغي أن تستثمر في استقطاب الشباب واحتواء هذه الشريحة وافادتها وتنمية طاقتها وقدراتها، حتى تكون هذه الفئة ضمانة لمستقبل أفضل للمجتمع، عوضاً عن تكون عنصر تهديد لأمن المجتمع واستقراره. والحمد لله ربي العالمين