الحمدُ لله الذي لم يتَّخذْ ولدًا، ولم يكن له شريكٌ في المُلْك .. المستحقِّ لأنواع العبادة دون غيره .. أحمده وأستعينه وأستغفره .. وأشهد أن لا إلهَ إلاَّ هو وحْده لا شريكَ له .. جبَّارُ السموات والأرض .. وأشهدُ أنَّ سيِّدَنا محمدًا رسولُ الله صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه .. وعلى كلِّ مَن سار على نهْجه .. واستنَّ بسُنَّته .. واقتفى أثرَه إلى يوم الدِّين.

بكل بساطة .. وبأسهل الكلمات .. وبأدق العبارات .. وبمختصر الجمل المفيدة .. هم كانوا الأجدر .. والأقدر .. والأجسر .. والأشرس .. ونحن كنا .. الأضعف .. والأتعس .. والأصغر .. لا أحب جلد الذات .. ولست أستلذ بها .. ولكني أحاكي الواقع المرير الذي عشناه في تلك الليلة .. حالي كحال كل عشاق البلوغرانا لست راضيا عن أداء فريقي .. لم أراه كما تعودت .. كالجسد الواحد .. بل رأيته مقطع الأوصال .. متراخي الأطراف .. يعزف ألحانا نشاز .. تائها لأنه كان يبحث عن ميسي الأعرج .. إنعدمت لديه كل الحلول .. تمسك بقشة لكي تنقذه من الغرق .. فأتته رياح البافاريين وطيرته هو وقشته .. وتركته تائها حيران لا يدري ماذا يفعل .. كلماتي مذاقها مر كالعلقم .. ولكن لا بد لي من أن أخرجها لأنها تحرق جوفي .. لقد فازوا لأنهم الأفضل .. لا أكترث بأن تكون أهدافهم غير شرعية أو بمساعدة الحكم .. فلقد أضاعوا فرصا أضعاف ما سجلوا .. هذه ليست قضيتي .. لا أحب أن أبكي على الأطلال .. وأن أعيد ما قيل وقال .. كرة القدم عشق وهيام وجنون .. من يملك هذا الأحساس سيبذل الغالي والنفيس لأجل معشوقته .. سيجري .. سيعرق .. سيقدم عرضا قويا لأجل تلك الجماهير العطشانة .. لكي تصفق وتبتهج .. ليس عيبا أن تعترف بأن خصمك قد تفوق عليك في كل شيء .. بل العيب أن تكون ميتا وغيرك حي .. لكي تتعلم كيف تفوز .. يجب عليك أن تعرف جيدا كيف تخسر.
البرسا في تلك الليلة لم يعرق .. لم يتعب .. بل وقف يشاهد سفينته وهي تغرق .. وعيناه لا تصدقان .. لم يناضل .. لم يقاتل .. لم يمرر .. لم يخلق فرصا حقيقية .. لم يحاول أن يجاري خصمه .. أستسلم مبكرا .. ورفع الراية البيضاء .. وفتح مرماه لتلقي المزيد والمزيد من الأهداف .. وقع ضحية أكذوبة أنه الأفضل والأقوى .. نسي أن غيره قد لحق به بل وتخطاه .. لا يمكن أن نهضم عرق غيرنا .. فالمسألة ليست 3 أهداف غير شرعية .. ولا ضربتي جزاء مشكوك فيهما .. من يفهم كورة .. سيجد أن هناك خصما قويا تحدانا .. فغلبنا .. وكسر شوكتنا .. بل وللأسف " أذلنا " .. لدينا خيارات كثيرة .. بإمكاننا أن نختار البكاء .. ونقيم خيمة عزاء .. ونصبح مثل أؤلئك البكاؤون .. النواحون .. معلقوا مشاكلهم كلها على المؤامرات وشماعة التحكيم .. نحن لسنا كذلك .. نحن البلوغرانا .. حتى ونحن غارقين في مصائبنا لا نزال أقوياء .. فرسان لا نهضم حق من غلبنا في مبارزة .. لا ننتقص من شرعية فوز .. لا نعلق خسارتنا على أكثر من شماعة .. كان لا بد لنا من هزة .. زلزال .. تعيد الأمور إلى نصابها مرة أخرى .. بعد أن تاهت بوصلتنا منذ رحيل ذلك الكبير فيلسوف كرة القدم الشاملة .. هارد لك لكل عشاق ومحبي ومتنفسي الألوان الزرقاء والحمراء ..
لندخل سويا في موضوع المباراة .. حقيقة مسكين من يظن أن هذه الخسارة وليدة مباراة الأمس ضد البافاري .. فريقنا منذ بداية السنة الجديدة أو بالأحرى منذ بداية الموسم الجديد .. لم يعد يقنعنا كمشجعين أبدا كما كان من قبل .. ولحسن حظنا أن الغريم سقط في هفوات أول الموسم وأستغلينا الظروف .. وإلا كنا سننافس الآن أتليتيكو مدريد على الوصافة .. الفريق كان متذبذبا منذ بداية الموسم .. مباراة يظهر فيها الغول البرشلوني .. وأخرى يختفي .. ولعل خسارة قبل نهائي كأس الملك .. والتعادل في الكامب نو مع الغريم .. والخسارة في البيرنابو .. وأخيرا خسارة مباراة الميلان .. كلها تعطي صورة واضحة لما أقول .. وبصراحة الأختبار الحقيقي قبل مباراة الليلة ضد العملاق البافاري ومنذ بداية الموسم كانت صد الغريم فقط .. وخسرنا كل أوراقنا ضده .. حتى وصولنا لنصف نهائي الأبطال كان بطريقة متذبذبة .. خسارة في أسكتلندا .. خسارة في أيطاليا .. الفوز في الكامب نو ولكن بطريقة مفخخة .. لأن الميلان هذا الموسم فريق ضعيف مقارنة بمواسمه الأخيرة .. ثم باريس سان جيرمان الضيف الغائب منذ مدة عن الأبطال وقليل الخبرة .. تعادلنا معه ذهابا وإيابا .. كلها كانت مؤشرات لهبوط حاد في مستوى الفريق .. يقابله صمت مطبق من إدارة النادي الرئاسية والفنية معا .. عودة لمباراة الليلة .. والتي تعتبر من أسوأ مباريات برشلونة منذ زمن بعيد .. كان البايرن وكأنه يلاعب فريق في آخر ترتيب الليغا .. محاولاتنا على مرماهم لا تتعدى الــ 4 محاولات خجولة جدا .. غياب تام للمهاجمين .. دفاع مرصوف بطرق سريعة " هاي واي " .. وجه غير مشرف أبدا للبرسا .. العوامل التي تقف وراء ذلك كثيرة .. سأسرد بعضها بإختصار شديد .. مع إعتذاري الشديد لمن لن يعجبه كلامي .. سأبدأ بالقمة .. روسيل .. هو المسئول الأول والأخير بحكم منصبه .. واستميحكم عذرا يامن تؤيدونه بأن أقول هو رأس الأفعى .. منذ أن أستلم والفريق أموره تتراجع للخلف .. أراد أن يظهر بمظهر المنقذ المالي .. " خربها وقعد على تلها " .. 3 سنوات ونحن نعيش نفس المأساة .. أصغر مشجع برشلوني أصبح يعرف ما هي عيوب الفريق .. والزعيم في وادي آخر يبحث عن القضايا التي يرفعها ضد لابورتا .. سأتكلم بأسم كل جمهور البرسا .. لا مانع لدينا أن يكون رئيس النادي " حرامي " .. ولكن شرط أن يحرز لنا السداسية كما فعل لابورتا .. الكل يطالب بالتعاقد مع مدافع يسد حاجة الفريق وهو ضارب الطرشة .. منذ بيع تشيغرنسكي لم نعوضه بآخر .. مع العلم أننا كل موسم وفي أوقات حساسة نجد أنفسنا نبحث عن لاعبين ليخلفوا بيكيه أو بيول .. رقعنا ووضعنا ماسكيرانو .. وهاهو أصيب ولا يوجد بديل .. لعبنا بلاعب صغير كدنا أن نقتله بغبائنا .. لاعب كــ بارترا لا يزال عظمه طريا أركنه طيلة الموسم على الدكة .. ثم ألعب به مباراة كهذه أمام أكبر عملاق في أوروبا .. هذا قمة التخبط واللا إدارة .. لدي مدرب مريض بمرض خطير جدا متوقع أن يعاوده في أي وقت .. وأنا كرئيس لا أملك خطة طواريء في نادي بحجم برشلونة .. كلنا نفخر بقيم ومباديء النادي .. ولكن ليس لدرجة أن يتحول إلى مؤسسة خيرية ويراعي الشئون الأجتماعية والمالية على حساب تدهور مستوى الفريق .. فهو بداية أسمه FCB .. بمعنى فريق كرة قدم .. هذا الرئيس ومنذ قدومه وهو يتخبط بقراراته وعام بعد آخر نتراجع للخلف .. ولا يعلم إلا الله إلى أين سيقودنا في النهاية.
بعدها نأتي للمدرب .. تيتو كان مساعدا للبيب .. بمعنى أنه لم يكن في يوم من الأيام من المدربين الكبار .. بعد رحيل البيب وتركه هذا الفراغ الهائل .. كان المفروض من الأدارة البحث عن مدرب له خبرة طويلة يستطيع أن يحمل معه هموم فريق بحجم برشلونة .. تيتو بالأمس أثبت عمليا أنه فقير تكتيكيا .. وهذا ما كان يمارسه منذ بداية الموسم ولكن كان الله ساترها معنا .. مدرب يملك أفضل لاعب في العالم .. ونخبة من اللاعبين يشكلون نواة منتخب حقق كل شيء في عالم الكرة .. ويتم العبث بهذا الجيل بشكل مهين وغير مقبول .. ما حدث بالأمس لا يجب أن يمر مرور الكرام .. تيتو ذبح اللاعبين .. مدرب بدون ردة فعل .. معاناة نفسية كنا نعيشها مع كل كرة ثابتة .. ركنية وراء ركنية .. وركنيتين بهدفين .. الركنية مثل ضربة الجزاء على برشلونة .. الكل يعرف نقاط ضعف البرسا إلأ تيتو .. لم نرى أي تكتيك منه يجابه به البايرن .. وقف متفرجا على فالديز وهو يتلقى الأهداف ولم يحرك ساكنا إلا بعد خراب مالطا .. أستمر بنفس طريقة اللعب العقيمة .. وأستمر بمنح الخصم الكثير من الكرات الثابتة .. البايرن كان جاهز بدنيا .. مجانين في الركض والإلتحامات .. جائعون بشدة للبطولات .. أمام تشكيلة مذبوحة ومقتولة .. الفرق واضح .. عندما ترى روبن يركض ويحاول قطع الكرة في نهاية المباراة .. تشعر وكأن هذا اللاعب يملك خمسين قلب وأربعين رئة.
في الجهة المقابلة نجد ألفيس لم يعد الدراجة .. اللاعب مذبوح ومقتول بسبب تكليفه بالجبهة اليمنى .. وبدون أن يتم إراحته في أي مباراة ولموسم كامل .. تيتو ذبح أعمدة الفريق من الناحية البدنية .. وترك الكثير من اللاعبين يتعفنون على الدكة .. ميسي كان واضحا أنه ليس في الفورمة .. لم يفعل شيئا .. أين شخصية المدرب هنا .. لماذا أدخله في التشكيلة .. وعندما رآه لا يستطيع أن يساعد الفريق .. لماذا لم يستبدله .. تشافي صاحب الــ 32 عاما مطلوب منه أن يركض طيلة 90 دقيقة .. ألا يعلم بأن تشافي الآن غير تشافي زمان .. أنه يقتل هذا اللاعب ويضعه في مركز ليس مركزه .. لم يعد يملك الكثير من النشاط والحيوية واللياقة للقيام به .. لماذا لا يتعلم من طريقة توظيف ديل بوسكي لتشافي .. حيث نرى اللاعب يلعب بالقرب من منطقة الجزاء .. ويريحه من الواجبات الدفاعية التي تنهكه بدون فائدة .. ليس عيبا أن تغير تكتيكك حسب ظروف بعض المباريات .. لا نريد أن يلعب الفريق بشكل متحفظ ويدافع على الرغم من أن ذلك ليس عيبا .. ما نريده هو الأتزان خصوصا في مباريات دوري الأبطال وخارج الديار بالذات وأمام الفريق الكبيرة .. عندما كان الفريق في أوج قمته كان يجد صعوبة في الخروج بنيجة أيجابية خارج الأرض .. فما بالك الآن .. تشافي وأنيستا يجب أن يلعبا بالقرب من منطقة الجزاء .. ولا يجوز ذبحهما بالواجبات الدفاعية الكثيرة .. هذه المشكلة حلها بسيط .. إلعب كما تلعب جميع فرق العالم بإرتكازين في مثل هذه المباريات .. بوسكيس وسونغ .. كان بإمكانهما أن يغطيا على هشاشة الدفاع .. بل ويسمحان لتشافي ولأنيستا باللعب بالقرب من منطقة الخصم .. ويسمحان للأظهرة بالمساندة الهجومية دون خوف من المرتدات .. ولكن يظهر أن تيتو " حافظ مش فاهم " .. يشعر بأن كارثة قد تحل بالفريق إذا غير نظام الــ 4-3-3 .. من غير المعقول مولر بالأمس يلعب كصانع لعب خلف المهاجم .. يسرح ويمرح كما يريد .. لأن بوسكيس كان تائها .. وهو معذور سيراقب من ويترك من .. مشاكل الفريق كانت واضحة .. لياقة بدنية ضعيفة .. حافز مختفي ومسافر مع الزمن .. ضعف مقرف في الكرات الثابتة .. لا وجود للتوازن في الفريق من الناحية البدنية .. كل هذه الكوارث كان من المفروض أن تجعل المدرب يعمل ألف حساب لمثل تلك المباراة القوية خارج الديار .. كانت تحتاج منه أن يدرس المنافس زنقة زنقة وشارع شارع .. ولكنه مع الأسف الشديد ترك الأمور على البركة وبدون تخطيط .. أما بالنسبة للاعبين فلن يتسع المقام هنا للخوض في مشاكلهم .. وسأفرد مقالا خاصا بهذا الموضوع في مقال لاحق بإذن الله.
في الختام أستسمحكم عذرا للإطالة فالحديث ذو شجون كثيرة .. وقلبي منفطر وأنا أرى البرسا يهزم بتلك الطريقة المهينة .. وسأستشهد بالمثل الخليجي القائل " الشق عود " .. نأمل أن يكون هذا الزلزال بمثابة هزة عنيفة نفيق منها من أحلام يقظتنا .. إلى واقعنا المرير الذي نعيشه .. ونصيحة مني لكل الأخوة أن نترك التحكيم جانبا .. وأن نلتفت لفريقنا وعيوبه .. وأن نحاول أن نصلح من أنفسنا .. فبكل صراحة نحن لا نستحق أن نلعب في النهائي .. ونبارك لكل مشجعي الفريق البافاري .. وأنا شخصيا أتوقع لهم الفوز بالكأس للمستوى الراقي الذي قدموه .. وسأكون مشجعا لهم مهما كان خصمهم .. لأنني عشت وتربيت على عشق اللعب الجميل .. لذلك لن أفقد إبتسامتي .. لأنني بكل بساطة برشلوني .. تقبلوا تحياتي ملاحظة : بالنيابة عن كل مشجعي البرسا ندين التصرف الذي قام به اللاعب جوردي ألبا في نهاية المباراة ضد اللاعب روبين .. الأخلاق أولا وقبل كل شيء.

كتبها أبوالفوارس
(عضو رابطة القلم)