هل كلما خالف أو اعترض على ولي الأمر أحد من أفراد رعيته في الرأي ، يحق له أن يقتله؟!! – ولا سيما في القضايا التى فيها مجال للاجتهاد ، حيث لا نص صريح من الكتاب ولا صحيح من السنة النبوية وما أكثر ذلك ، وتجدد الموضوعات وتتشعب ولا سيما الأمور الدنيوية ، أفكلما وقع خلاف في الرأي تم إحلال الرصاصة محل الحجة، والمولوتوف محل شفافية الرأي ورفاهية الحس ،؟؟!! يحكم مَنْ إذًا ؟؟!! أين الجدال بالتي هي أحسن ، أين دفع الحجة بالحجة؟؟!! أين مواريثنا الشرعية ؟؟!! أين قدواتنا الصالحة ؟؟!! أذلك صنيع الأنبياء والمرسلين عليهم السلام ، أذلك سبيل المؤمنين ؟؟!! ليس لنا مثل السوء ، تعجب عندما تسمع أقوالا تفضح خبيئة ولاة السوء في ديار المسلمين ، ما حدث في بلاد الربيع العربي ليس ببعيد؟؟ هاهي ليبيا المنكوبة بالأمس وسوريا اليوم ،- تجأر إلى الله أرضها وسماؤها ورطبها ويبسها ، وشعبها بكل طوائفه إلا شرذمة مفتونة مأخوذة العقل ، ذاهلة اللب، شاردة الفؤاد، تجأر وتئن من بغي واليها، وظلمه وطغيانه ، وعدوانه، وقدواته التي بها يكيد ؛ بل ويدمر ويقتل شعبا مسلما بغير حق ،جريمة شعبه ، أنه رفع رأسه ، وباشر حقه في الرقابة على واليه ، وأراد أن يضع حدا لسفهه وفساده، وبغيه وعناده، فأعمل فيهم القتل والسفك والتشريد ظاهرا بعدما باشر ذلك باطنا على مدار عقود مضت، وقدوته الشيوعيون الملحدون فى روسيا والصين ، فى الأولى، عندما اعتصم نواب البرلمان في روسيا، مطالبين ببعض الحقوق ، ورافضين لسياسات ، عمد رئيس روسيا - يلسن - إبان ذلك إلى الدبابات أسلوبا للحوار ، فدك مبنى البرلمان ؛ والأعضاء بداخله، وواقعة أخري استخدم فيها الغازات السامة، كل ذلك فى مواجهة المعارضة، وفي الصين عندما تظاهر الطلاب في ميدان السماء، مطالبين بالحرية، أيضا استخدمت الدبابات في مواجهة أبرياء عزل من كل سلاح ، واتخذ من هذه النماذج قدوات له في صنيعه مع شعب أعزل ، يؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا، وصدق الله تعالى إذ يقول "وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً[1]" لقد غاب عن أمثال هؤلاء الولاة البغاة الطغاة الذين يُعملون القتل والسفك في دماء رعيتهم وشعوبهم غاب عنهم الصواب والرشاد الذي سار عليه سلف هذه الأمة عندما تنبت نابتة معارضة، رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الحديبية ماذا كان منه ؟؟!! مع الفاروق الذي أخذته الحمية لشروط المشركين المجحفة، يوم الحديبية ؟؟ وماذا كان من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما امتنع علي رضي الله عنه عن تعديل بداية وافتتاحية وثيقة المعاهدة التي تم توقيعها مع المشركين، ، ثم لماذا أصلا قدر الله تعالى وقوع صلح الحديبية : يقول تعالى :" وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً * هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً * إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً [2] إذًا قد كانت الحكمة من إمضاء وإنفاذ صلح الحديبية على الرغم من الإجحاف في شروطه على المسلمين، هو حقن دماء المسلمين، وصونها من أن تراق هدرا ، إلى آخر ما هنالك من الحكمة البالغة لله تعالى في هذه الواقعة، وما أكثر ما وقع في التاريخ الإسلامي من معارضة للولاة ،ولم تكن المواجهة أبدا بالسلاح والقتل والسفك للدماء والإزهاق للأرواح ، وسأذكر بعضا منها: أولا : الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه – في معارضة الخوارج له أولا راسلهم وكاتبهم، وناظرهم وجادلهم بالتي هي أحسن سواء بنفسه أو بابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين. واستشهد على بعثه إليهم ومراسلته لهم بهدي الكتاب العزيز في الخلية الأولى من بناء المجتمع وهي الأسرة حيث قال تعالى: "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً[3] وقال أُمَّةُ مُحَمَّدٍ أَعْظَمُ مِنِ امْرَأَةِ رَجُلٍ" واستشهد كذلك بقوله تعالى فيما هو أكبر من الأسرة قليلا "وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا[4]" ولا صلح إلا بمراسلة ومباحثة وفحص لما سيتم الصلح عليه هذه سبيل المؤمنين لا القتل ولا السفك ولا التخريب ولا التدمير وعلى هذا كان صنيع خليفة المسلمين الرابع رضي الله عنه أرسل إليهم وحاورهم حتى رجع منهم ألوف ومن بقي منهم "أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ – يقول - كُونُوا حَيْثُ شِئْتُمْ وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا تَسْفِكُوا دَمًا حَرَامًا وَلَا تَقْطَعُوا سَبِيلًا وَلَا تَظْلِمُوا أَحَدًا فَإِنْ فَعَلْتُمْ نَبَذْتُ إِلَيْكُمُ الْحَرْبَ"[5] وأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ فَوَاَللَّهِ مَا قَتَلَهُمْ حَتَّى قَطَعُوا السَّبِيلَ وَسَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْخِلَافِ عَلَى الْإِمَامِ لَا يُوجِبُ قِتَالَ مَنْ خَالَفَهُ[6] وإنما لا بدمن المراسلة كما رأينا وقد راسل علىٌ أهل البصرة قبل وقعة الجمل, وأمر أصحابه أن لا يبدءوهم بقتال, ثم قال: هذا يوم من فَلَج فيه فَلَج يوم القيامة, ثم سمعهم يقولون: الله أكبر يا ثارات عثمان, فقال: اللهم أكب قتلة عثمان على وجوههم. كذلك بعثَ عبدَ الله بن عباس للحرورية فواضعوه كتاب الله ثلاثة أيام فرجع منهم ألوف[7] فيجب أن يتقدم ما قدمه الله وهو الصلح ويتأخر ما أخره وهو القتال[8] ، لدواعيه الشرعية وإنما وجبت المراسلة والدعوة للطاعة لأن المقصود من القتال هو كفهم ودفع شرهم لا قتلهم؛ فإذا أمكن بمجرد القول كان أولى من القتال لما فيه من الضرر بالفريقين[9] وحتى البغاة – وليس المتظاهرون بغاة – نقول حتى البغاة إذا أمكن دفعهم بدون القتل لم يجز قتلهم لأن المقصود دفعهم وليس إهلاكهم, ولأن المقصود إذا حصل بما دون القتل لم يجز القتل من غير حاجة[10].لبشاعة وشناعة جرم قتل النفس المعصومة بغير حق ولأن الله جل شأنه قال: {فَقَاتِلُوا الَّتِى تَبْغِى حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}[11] , فمن فاء فلا يقاتل, وإنما حل قتال الباغى بمقاتلته ولم يحل قتله قط فى غير المقاتلة[12] فَهَاهُوَ سبحانه لم يَأْذَن ابْتِدَاء فِي قتال بَين الْمُؤمنِينَ بل إِذا اقْتَتَلُوا فأصلحوا بَينهمَا والاقتتال هُوَ فتْنَة وَقد تكون إِحْدَاهمَا أقرب إِلَى الْحق فَأمر سُبْحَانَهُ فِي ذَلِك بالإصلاح وَكَذَلِكَ فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما اقتتل بَنو عَمْرو بن عَوْف فَخرج ليصلح بَينهم وَقَالَ لِبلَال إِن حضرت الصَّلَاة فَقدِّم أبا بكر" ثمَّ يقولَ سُبْحَانَهُ "فَقَاتلُوا الَّتِي تبغى حَتَّى تفئ إِلَى أَمر الله[13] فَبعد اقتتالهم إِذا أصلح بَينهم بِالْقِسْطِ فَلم تقبل إِحْدَاهمَا الْقسْط بل بَغت فَإِنَّهَا تُقَاتل لِأَن قتالها هُنَا يُدْفع بِهِ الْقِتَال الَّذِي هُوَ أعظم مِنْهُ وإذا لم تقَاتل حَتَّى تفئ إِلَى أَمر الله بل تُركِت حَتَّى تقتتل هِيَ وَالْأُخْرَى كَانَ الْفساد فِي ذَلِك أعظم والشريعة مبناها على دفع المفسدتين بِالْتِزَام أدناهما وَفِي مثل هَذَا يُقَاتلُون حَتَّى لَا يكون فتْنَة وَيكون الدّين كُله لله لِأَنَّهُم إِذا أمروا بالصلاح والكف عَن الْفِتْنَة فبغت إِحْدَاهمَا قوتلت حَتَّى لَا تكون فتْنَة والمأمور بِالْقِتَالِ هُوَ غير المُبْغَى عَلَيْهِ أُمر بِأَن يُقَاتل الباغية حَتَّى ترجع إِلَى الدّين فقتالها من بَاب الْجِهَاد وإعانة الْمَظْلُوم المُبْغَى عَلَيْهِ[14] وها هو أمير المؤمنين معاوية – رضوان الله عليه –يمتنع عن قتال معارضيه الأشداء فيما، روت كتب التاريخ أنه رضي الله عنه – قال : ما أخاف على ملكي إلّا ثلاثة: الحسين بن علي، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، قيل: فلم لا تقتلهم؟ فقال: فعلى من أتأمر؟[15] وعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا[16] فيه إشعار بالوعيد على قتل المؤمن متعمدا بما يتوعد به الكافر، قال ابن العربي: الفسحة في الدين سعة الأعمال الصالحة حتى إذا جاء القتل ضاقت لأنها لا تفي بوزره، والفسحة في الذنب قبوله الغفران بالتوبة حتى إذا جاء القتل ارتفع القبول، وحاصله أنه فسره على رأي ابن عمر في عدم قبول توبة القاتل. حيث قَالَ ابْنِ عُمَرَ: إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الأمُورِ الَّتِى لا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ[17] والمعنى : أَي ذَنْب وَقع كَانَ لَهُ فِي الدّين وَالشَّرْع مخرج إِلَّا الْقَتْل، فَإِن أمره صَعب والورطات جمع ورطة: وَهِي كل بلَاء لَا يكَاد صَاحبه يتَخَلَّص مِنْهُ. يُقَال: تورط واستورط[18]. وعن جابر لما افتتح النبي صلى اللّه عليه وسلم مكة استقبلها بوجهه وقال: أنت حرام ما أعظم حرمتك وأطيب ريحك وأعظم حرمة عند اللّه منك المؤمن قال تعالى:" وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً[19] وقال الحسن البصري – رضي الله عنه - يَا سُبْحَانَ اللَّهِ الثلاثة الذين خُلِّفوا مَا أَكَلُوا مَالًا حَرَامًا وَلَا سَفَكُوا دَمًا حَرَامًا وَلَا أَفْسَدُوا فِي الْأَرْضِ أَصَابَهُمْ مَا أصابهم وَضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ فَكَيْفَ بِمَنْ يُوَاقِعُ الْفَوَاحِشَ وَالْكَبَائر ، وَقد ورد في هذا الحديث زَيادَة فِي رواية " فَإِذَا أَصَابَ دَمًا حَرَامًا نُزِعَ مِنْهُ الْحَيَاءُ" وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ ابن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِمَنْ قَتَلَ عَامِدًا بِغَيْرِ حَقٍّ تَزَوَّدْ مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ فَإِنَّكَ لَا تَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ زَوَالُ الدُّنْيَا كُلِّهَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ لَقَتْلُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا قَالَ ابن الْعَرَبِيِّ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ الْبَهِيمَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالْوَعِيدُ فِي ذَلِكَ فَكَيْفَ بِقَتْلِ الْآدَمِيِّ فَكيف بِالْمُسلمِ فَكَيْفَ بِالتَّقِيِّ الصَّالِحِ، إن شأن القتل – بغير حق - في الإسلام عظيم، ولو لغير مسلم ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة)) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: أَيْ إِذَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ قَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ يَسْهُلُ عَلَيْهِ أُمُورُ دِينِهِ وَيُوَفَّقُ لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ يُرْجَى لَهُ رَحْمَةُ اللَّهِ وَلُطْفُهُ، وَلَوْ بَاشَرَ الْكَبَائِرَ سِوَى الْقَتْلِ، فَإِذَا قَتَلَ ضَاقَتْ عَلَيْهِ وَدَخَلَ فِي زُمْرَةِ الْآيِسِينَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: " «مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ وَلَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِيَ اللَّهَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ» ".قال فى مرقاة المفاتيح : "وَيَجُوزُ أَنْ يُنَزَّلَ مَعْنَى الْحَدِيثِ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ مُعْنِقًا صَالِحًا» ". أَيِ الْمُؤْمِنُ لَا يَزَالُ مُوَفَّقًا لِلْخَيْرَاتِ مُسَارِعًا لَهَا مَا لَمْ يُصِبُ دَمًا حَرَامًا، فَإِذَا أَصَابَ ذَلِكَ أَعْيَا وَانْقَطَعَ عَنْهُ ذَلِكَ لِشُؤْمِ مَا ارْتَكَبَ مِنَ الْإِثْمِ[20]وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا أَوْ مَنْ يقتُلُ مُؤمنا مُتَعَمدا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وفى الحديث أيضا تجريم حمل السلاح على المسالمين ((من حمل علينا السلاح فليس منا)) وكلام أهل العلم في مثل هذا بحمله على الخروج عن الإسلام والحكم عليه بالكفر المخرج عن الملة إن استحل ذلك، إن استحل قتل المسلم المعصوم معصوم الدم؛ لأن من استحل المحرَّم المعلوم تحريمُه بالضرورة من دين الإسلام كَفَر، كما أن من حرَّم ما أحلَّه الله المعلوم حلُّه بالضرورة من دين الإسلام كَفَر. وبعد يقال: لا تتشبث بالسلطان في وقت اضطراب الأمور عليه، فإن البحر لا يكاد يسلم منه راكبه في حال سكونه، فكيف عند اختلاف رياحه واضطراب أمواجه. عجيب صنيع باغي ليبيا وطاغيها بالأمس ، وباغي سوريا وطاغيها اليوم !!!، كأنه يؤثر الإمارة ولو على الحجارة. إذْ ماذا يبقى له بعد تدمير وطنه وقتل شعبه،؟؟!!! ، واللافت للنظر أن طاغية ليبيا قد اتخذ من طغاة وبغاة المعسكر الشيوعي قدوة له في صنيعه بشعبه، وباغي سوريا وطاغيها اليوم يستقوي بهؤلاء الملاحدة الذين لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ، كان رجلٌ يساير عاملا فمرّ بقصرٍ خربٍ عليه زوجا بوم، والذكر يُصرصر للأنثى، فقال العامل للرجل: ما يقول هذا البوم؟ فقال: إن أمَّنّتني أخبرتك بما يقولان؟ فقال: أنت آمن. قال: إن الذكر خطب الأنثى، فقالت: لا أجيبك حتى تجعل مهري عشرين قرية خربة. فقال الذكر: إن بقي لنا هذا العامل سنة أمهرتك خمسين قرية. فغضب العامل وقال: لولا أني أمنّتك لعاقبتك[21]. والخلاصة حرمة وشناعة وبشاعة قتل المعارضة والمتظاهرين - سلميا - المطالبين بحقوقهم ، ونصفة مظلومهم لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ لَا قِتَالَ مِنْهُمْ وَلَا بَغْيَ وَ يَحْرُمُ أَخْذُ مَا لَهُمْ ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مَعْصُومٌ، وَيَحْرُمُ أَخْذُ وَقَتْلُ ذُرِّيَّتِهِمْ؛ وَيَحْرُمُ قَتْلُ مُدْبِرِهِمْ وَقَتْلُ جَرِيحِهِمْ ، رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ: " صَرَخَ صَارِخٌ لِعَلِيٍّ يَوْمَ الْجَمَلِ لَا يُقْتَلْنَ مُدْبرٌ، وَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحٍ؛ وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ[22] قلت : هذا من الخليفة الراشد على بن أبي طالب رضي الله عنه – فى الخوارج وليس المتظاهرون اليوم بالخوارج فهم أشد حرمة دماء وأموالا وأعراضا ، هذا وبالله التوفيق وللحديث صلة بحول الله وقوته.