TODAY - December 27, 2010
طريد اجتثاث البعث يباشر مهامه نائباً للمالكي
المطلك... لفظه عرابو العملية السياسية فعاد إليها منتصراً
صالح المطلك يتسلم منصبه نائباً لرئيس الوزراءلم يكن أحد يتصور حين أبعدت هيئة المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث مطلع العام الحالي السياسي العراقي المخضرم صالح المطلك أنه سيعود في نهايته منتصراً على خصومه في العملية السياسية مرغماً إياهم على الإذعان لواقع جديد يشهده العراق وليعودوا ويلغوا بأنفسهم قرارهم السابق وحيث خطا بثقة الى مقعد نائب رئيس الحكومة ليتسلم مهامه الجديدة بفضل نجاحه في لعب الدور المطلوب لهذه العودة وقوة أصوات الملايين من العراقيين الذين حصلت عليها كتلته العراقية التي فازت في الانتخابات النيبابة العامة الاخيرة.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ
باشر صالح المطلك مهام عمله اليوم نائبا لرئيس الوزراء من سلفه رفيقه في العراقية رافع العيساوي مثمناً "الجهود الخيرة التي بذلها العيساوي خلال مدة تسلمه منصب نائب رئيس الوزراء ورئاسته لعدد من اللجان الخدمية المنبثقة عن مجلس الوزراء".. في حين تمنى العيساوي للمطلك النجاح في مهمته الجديدة معرباً "عن ثقته بالحرص الوطني وجدية العمل التي يتحلى بها ". وبدا المطلك زعيم جبهة الحوار الوطني التي تأسست عام 2005 سعيدا وهو يجلس خلف المكتب الفاره لنائب رئيس الوزراء بنجاحه في اجتياز اصعب ازمة تمر بها حياته السياسية.
فمنذ ان شملت هيئة المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث في كانون الثاني (يناير) الماضي بقرارتها المطلك الى جانب ناشطين اخرين في العملية السياسية اضافة الى حوالي 500 مرشح تقدموا لخوض الانتخابات العامة لكن الاجتثاث حرمهم من ذلك وبعد مغادرته الى عمان مقر اقامته الثاني بعد بغداد لم ينقطع هذا السياسي عن مجريات الاحداث في بلده مناضلا من اجل العودة الى العملية السياسية التي طرد منها بتهمه ترويجه للبعث وافكاره الامر الذي يحرمه الدستور العراقي.
فحين أرسل رئيس الوزراء زعيم دولة القانون نوري المالكي مبعوثين اليه في عمان الصيف الماضي لاقناعه بالانشقاق عن العراقية لم يقطع المطلك شعرة معاوية مع المالكي مفي ذات الوقت الذي ظل فيه متمسكا بكتلته حريص في تصريحاته على تأكيد قوتها ووحدتها... وحيث ظل ممسكا بخيوط اللعبة السياسية من طرفيها. وحين ارغمت الازمة السياسية القادة العراقيون على الاذعان للتوافقات خروجا من عقدة تشكيل الحكومة الجديدة كان المطلك اول المستفيدين... فجاء شرط رفع قرار الاجتثاث عنه وزميليه ظافر العاني وجمال الكربولي اضافة الى اجراءات اخرى الاساس لقبول العراقية في الانخراط في "حكومة الشراكة الوطنية".. وهكذا كان فحصل رئيس واحدة من اكبر مكونات العراقية وهي جبهة الحوار الوطني بنوابها الواحد والعشرين على منصبه السيادي نائبا لرئيس الحكومة الجديدة بعد ثلاثة ايام من تصويت خصومه في مجلس النواب من التحالف الوطني "الشيعي" وكذلك الاكراد الذين أرضاهم بتفاهمات مع مسعود بارزاني لصالح عودة هذه الشخصية السنية الى العملية السياسية مرغمين بالتصويت على رفع قرار الاجتثاث عنه وزميليه برغم معارضة الهيئة واعتبارها القرار غير قانوني.. لكن اصوات الشراكة علت على مطالب الاجتثاث.
اعتراضات هيئة الاجتثاث لم تُجد
فقد أكد المدير التنفيذي لهيئة المسائلة والعدالة علي اللامي ان تصويت مجلس النواب على الغاء قرار الهيئة بحق اعضاء العراقية الثلاثة مخالف للقانون ولا يحق لمجلس النواب رفع الاجتثاث عنهم. واضاف اللامي ان "مجلس النواب غير مخول قانونا برفع الاجتثاث عن اي شخص مشمول بقرارات الهيئة وهو بهذا الاجراء الذي اتخذه يكون قد تخطى المادة (12) التي تعطي الحق في ذلك حصريا بمجلس الوزراء مشيرا الى المادة (12) رسمت الطريق في هذا الموضوع ان يكون مجلس النواب مصادقا على قرار مجلس الوزراء في موضوع المشمولين باجراءات الهيئة.
فقد صوت مجلس النواب العراقي في التاسع من الشهر الحالي على "رفع الاجتثاث عن صالح المطلك وجمال الكربولي وظافر العاني" بأغلبية 109 نواب لصالح القرار من اصل 170 نائبا كانوا حاضرين. وتعهد القياديون الثلاثة في بيان قرأوه امام البرلمان "ادانة حزب البعث وممارساته وثورة 17 تموز وجميع اساليب القتل والتعذيب بحق الشعب العراقي". كما تعهدوا إدانة "جميع رموز قادة النظام السابق الذين قاموا بالقتل الجماعي وتبرؤهم من جميع اعماله وعدم الترويج للبعث الصدامي". وأكد القياديون الثلاثة "ايمانهم بالعملية السياسية والتداول السلمي للسلطة".
وكانت هيئة المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث قد قررت في كانون الثاني (يناير) الماضي منع المطلك وأكثر من 500 مرشح آخرين من خوض انتخابات مجلس النواب العراقي. وقالت ان قرارها جاء وفق المادة السابعة من الدستورالعراقي التي تنص على "حظر كل كيان او نهج او ممارسة او فعل يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير او التطهير الطائفي او يحرض او يمجد او يروج او يبرر له، بخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه، وتحت اي مسمى كان، ولا يجوز أن يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق، وينظم ذلك بقانون".
وكان جرى اتفاق سياسي في اجتماع عقد في الحادي عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي قبيل استئناف lمجلس النواب جلساته بعد تعطل استمر اربعة اشهر ضم رئيس الوزراء المكلف نوري المالكي المكلف بتشكيل الحكومة واياد علاوي زعيم الكتلة العراقية والسفير الاميركي في بغداد جيمس جيفري ومسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان في منزل الاخير ببغداد ونص على رفع الاجتثاث عن قيادات العراقية الثلاثة.
صالح المطلك... سيرة سياسية ومهنية
ولد صالح المطلك في الأول من تموز ( يوليو) عام 1947 في قضاء الفلوجة بمحافظة الانبار (100 كم غرب بغداد) حيث ينحدر من عشيرة الصبيحات وهي احدى عشائر العراق في الجنوب في محافظة الناصرية وتنتشر أيضا في سامراء والفلوجة وبغداد وفي معظم الدول العربية.
حصل صالح المطلك على شهادة الاعدادية عام 1964 من اعدادية الحبانية في محافظة الانبار ودخل كلية الزراعة في قسم التربه بجامعة بغداد وعمل رئيسا للاتحاد الوطني لطلبة العراق (التنظيم الطلابي لحزب البعث) لكلية الزراعة وهو طالب فيها وتخرج منها عام 1968.
عمل استاذا في قسم التربه في كلية الزراعة بجامعة بغداد بين عامي 1971 و 1986 ثم التحق في جامعة أبردين في اسكتلندا لاكمال دراسته العليا في نفس تخصصه وكان رئيسا لمنظمة الطلبة العرب في الجامعة والامين العام لاتحاد البايولوجيين العرب وحصل على شهادة الدكتوراه عام 1974 عن تخصص هندسة البيئة ثم عاد إلى العراق مباشرة.
وعمل المطلك كباحث علمي في مؤسسة البحث العلمي في جامعة بغداد ثم أصبح مديرا عاما لمركز البحوث البيئية وبعد ذلك حاز على منصب ألامين العام لمؤسسة البحث العلمي في وزارة التعليم العالي والامين العام لاتحاد الجمعيات العلمية العراقية.. ثم انتقل بعد ذلك إلى جامعة بغداد أستاذا فيها.
بعدها انتقل صالح المطلك إلى العمل في القطاع الزراعي الخاص حيث عمل في زراعة المساحات الواسعة في مناطق مختلفة من العراق منها محافظة الكوت وديالى والانبار حيث كان من المنتجين الأوائل لمحصولي الحنطة والشعير في فترة الحصار الدولي على العراق بداية التسعينات.. كما كان عضوا عاملا في حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق وفصل منه عام 1977 وبعد دخول القوات الاميركية الى العراق عام 2003 احتل المطلك منصب الامين العام لحزب الوسط الديمقراطي.
ويعتبر صالح المطلق أحد السياسيين العراقيين الذين خاضوا الانتخابات وهم رافضين ان تكون ذات ميول طائفية وهي انتخابات عام 2005 التي تم التصويت فيها على عضوية مجلس النواب العراقي. وحصلت الجبهة التي يترأسها على 11 مقعد من المقاعد 275 في مجلس النواب العراقي.. ثم على 21 مقعدا من بين 91 مقعدا حصلت عليها الكتلة العراقية في الانتخابات الاخيرة التي جرت في اذار (مارس) الماضي.
أن عودة المطلك ظافرا الى العملية السياسية بعد 10 أشهر من رميه الى خارجها ليتولى منصبا سياديا في السلطة الجديدة تعتبر واحدة من مفارقات هذه العملية التي اتفق روادها والسائرون في ركبها على العمل سوية دون مغادرتها مهما كان الثمن ومن خلال تقديم تنازلات متبادلة حفاظا على الدور والمنصب تطبيقا لمبدأ.."شيلني وأشيلك".
ايلاف