ا
السومرية نيوز/ البصرة
انطلقت في محافظة البصرة، الثلاثاء، أعمال مهرجان المربد الشعري بمشاركة مئات الشعراء والنقاد العراقيين إلى جانب عدد قليل من الشعراء العرب، وقد حملت الدورة العاشرة للمهرجان اسم الشاعر العراقي الراحل محمود البريكان.
وقال رئيس فرع اتحاد الأدباء والكتاب في البصرة الشاعر كريم جخيور في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "مهرجان المربد الشعري العاشر انطلقت فعالياته صباح اليوم، بحضور مئات الشعراء العراقيين، فضلاً عن ثلاثة شعراء من مصر والبحرين والمغرب"، مبيناً أن "المهرجان حمل اسم الشاعر الكبير محمود البريكان تكريماً له وتخليداً لذكراه".
ولفت جخيور إلى أن "المهرجان الذي يستمر أربعة أيام يتضمن قراءات شعرية لأكثر من 110 شعراء، وثلاث جلسات نقدية، فضلاً معرض للكتاب وعرض مسرحي وعزف وصلات موسيقية من قبل الفنان جعفر حسن، علاوة على معرض تشكيلي وآخر فوتوغرافي"، مضيفاً أن "الحكومة المحلية في البصرة تكفلت بتغطية نفقات الضيافة، كما تلقى الاتحاد دعماً من وزارة الثقافة".
بدوره، قال رئيس اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين فاضل ثامر في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "وزارة الثقافة خصصت لمهرجان المربد في العام الماضي 275 مليون دينار، فيما خصصت له بدورته الحالية 75 مليون دينار فقط"، معتبراً أن "حجم الدعم لا ينسجم مع مكانة المهرجان الذي يعد أفضل فعالية ثقافية في العراق".
وأشار ثامر إلى أن "اتحاد الأدباء يعول على المربد في تحريك الحياة الأدبية والشعرية، مع أن المهرجان لا يمكن أن يخلق تيارات وأسماء جديدة، إلا أنه يؤشر مسارات القصيدة العراقية، ويشير إلى أساليب الكتابة الشعرية في هذه المرحلة".
وبحسب الناقد خالد خضير الصالحي فإن "الفعاليات الثقافية الوطنية، وفي مقدمتها مهرجان المربد، لم تعد فرصة للقاء بالشعر بحد ذاته، وإنما هي فرصة ثمينة للقاء بالشعراء"، موضحاً أن "مثل هكذا فعاليات يفترض أن تتحول إلى ما يشبه الملتقيات، بحيث يكون للحاضرين فيها دوراً محورياً في الحوارات والمناقشات".
من جانبه، قال مستشار المحافظ للشؤون الثقافية عبد الأمير الوائلي في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "الحكومة المحلية دعمت المهرجان حفاظاً على خصوصيته البصرية، خاصة وان محمود البريكان الذي أطلقه اسمه على المهرجان هو من الشعراء الكبار الذين أنجبتهم البصرة"، مضيفاً أن "الدعم سوف يستمر في الدورات اللاحقة للمهرجان".
يذكر أن الشاعر محمود داود البريكان ولد في قضاء الزبير عام 1931 من عائلة ثرية نجدية الأصل تنحدر من قبيلة شمر، وكان والده تاجر قماش، وقبل تخرجه من كلية الحقوق بجامعة دمشق عمل معلماً في دولة الكويت، بعدها عاد إلى البصرة وعمل مدرساً للأدب واللغة العربية في معهد إعداد المعلمين لأكثر 30 عاماً حتى أحيل إلى التقاعد مطلع التسعينات، ثم فارق الحياة في عام 2002.
وبعد سقوط نظام الحكم السابق اعتمدت وزارة التربية العراقية قصيدة البريكان (حارس الفنار) ضمن مقرر الأدب للصف الثالث المتوسط، كما أطلقت اسمه على مدرسة حكومية تقع في منطقة حي الحسين، فيما أطلقت وزارة الشباب والرياضة اسمه على مركز نموذجي للشباب والرياضة يقع في مركز قضاء الزبير.
ويجمع أغلب النقاد العراقيين على أن البريكان هو أحد أبرز رواد حركة الشعر الحر في العراق، ومن أكثر قصائده شهرة متاهة الفراشة، حارس الفنار، اسطورة السائر في نومه، البدوي الذي لم ير وجهه أحد، ولم يطبع له ديوان في حياته، وكان يمتنع عن حيازة هوية اتحاد الأدباء بسبب هيمنة حزب البعث على الإتحاد، كما كان يعزف عن الظهور في الإعلام أو المشاركة في الفعاليات والمهرجانات الأدبية والشعرية التي تنظمها مؤسسات حكومية، ومنها مهرجان المربد الذي لم يحضر جميع دوراته.
وكان إنطلق أول مهرجان مربد في الأول من نيسان عام 1971، وجرت العادة أن يقام في العاصمة بغداد لكن بعد سقوط نظام الحكم السابق نقل الى البصرة لانها تمثل موقعه التأريخي، وبلغت دورات المهرجان 18 دورة سنوية لغاية عام 2002، قبل أن يتم إلغاء تسلسلها في عام 2003، حيث أعلنت وزارة الثقافة في عام 2004 عن تطبيق تسلسل جديد لدورات المهرجان، وبذلك تكون الدورة الجديدة لعام 2013 هي الدورة العاشرة على التوالي.
ويستمد المهرجان عنوانه من سوق المربد التي كانت تقع في قضاء الزبير ضمن محافظة البصرة، وهي أشبه بسوق عكاظ قبل الإسلام، وكانت السوق مخصصة لبيع الابل والبغال قبل أن تتحول خلال العصر الأموي الى ملتقى للشعراء والأدباء والنحاة الذين كانوا يجتمعون فيها وينظمون مناظرات شعرية وحلقات نقاشية وفكرية، وبخلاف الأسواق الأدبية الأخرى التي كانت مخصصة لأقوام الجزيرة العربية، كانت سوق المربد متسعاً لأعراق مختلفة من فرس وصينيين وهنود وأقباط وعرب، ومن أبرز شعراء المربد جرير والفرزدق وبشار بن برد وأبو نواس، كما أن الجاحظ والكندي وسيبويه والأصمعي والفراهيدي كانوا من أشهر رواد السوق التي تعرضت إلى الإندثار قبل قرون.