الحذاء يشتري الدواء
خبر صغير بمساحته في الصفحة الأخيرة بصحيفةالحياة قرأته بتاريخ 23 فبراير2013. أستوقفني وشعرت أنه خبر هام وكبير بمضمونه ..عنوانه ( ماسح أحذية يهب 200 ألف دولار لمستشفى) ومضمونه أن رجل يعيش في نيويوركإسمه " ألبرت ليكسي " يعمل ماسح أحذية يقوم بتلميع الأحذية بجانب مستشفىالأطفال في بيتسبورغ منذ عام 1981م وهو يتقاضى خمسة دولارات عن كل حذاء , ويعطيهالزبائن بقشيش إضافي يقوم بالتبرع به كله للمستشفى، وقد تجاوزت قيمة تبرعاته علىمدى 32 سنة مبلغ200 ألف دولار !! وقال الطبيب "جوزيف كارسيلو" إن عوائدالتبرعات تعود لمعالجة الأطفال اللذين لايقدر أهلهم على تحمل تكاليف العلاج . وقدعرضت قصته قناة (دبليو تي أي إي) وربما لو لم تظهره قناة تلفزيونية لما كتِب الخبرعنه ولما عرفه أحد .. وكثير من الناس يعتبر مسح الأحذية وتلميعها مهنة متواضعة ..وأنها عمل بسيط جداً ولكن هذا الرجل أثبت بفعله أن أي عمل يمكن أن يصبح عظيماًبنتائجه وبما يقوم به صاحبه من أعمال تضيف له قيمة أكبر من حجمه. وآرى أن مسح الأحذية عمل شريف وأفضل كثيراًمن البطالة أو من عمل غير شريف حتى لو كان في أعلى المناصب إذا أستخدم صاحبه طرقملتوية للكسب غير المشروع.وهذا الرجل يستحق الإحترام لعمله أولاً كأي إنسان شريفيعمل في أي مهنة .. وله إحترام مضاعف وتقدير على عمله الجليل في صمت وهو يتبرعبمبلغ يبدو زهيداً من البقشيش اللذي كان من حقه لكنه آثر معالجة الأطفال المحتاجينبه .. وقد أستطاع ذلك فعلاً لمدة سنوات طويلة لايكل ولايمل فيها من مسح الأحذيةومن التنازل عن مبلغ قد يكون هو في حاجة له – وإلا لما أستمر في عمله كماسح أحذيةولاأظنه فكر في تحسين وضعه – لكنه وجد أن الأطفال المرضى حاجتهم أشد ولهذا قرر أنيواصل عطاؤه للخير. ولم ينقم على المجتمع والحياة كما يفعل كثير ممن هم في مكانةأقل من غيرهم شكلياً .هذا الإنسان/الإنسان حقاً بمعنى الكلمة هو نموذج جميل ومشرفللبشر يجب أن نتعلم منه معنى الإيثار والعطاء والخير دون إنتظار المقابل .. رأيتصورته تبدوالطيبة في وجهه، فمن بذل جهده وعمره في سبيل غيره بالطبع هوشخص جميلبمشاعره وكرمه .وكم من الأغنياء اللذين يملكون الملايينوالمليارات ولايفكرون في الإنفاق لخدمة المجتمع كأنهم يعيشون في كوكب آخر لايرونفيه المحتاجين ولايسمعون أنين المرضى المعذبين !نحتاج إلى قلوب بيضاء شفافة وأنفس خضراء معطاءةليكون تفكيرنا خارج حدود أنفسنا ونقدم مانستطيعه مهما كان متواضعاً وبسيطاً منوجهة نظرنا فهناك من ينتظره بلهفة، ولننظر حولنا لنرى ونتلمس همسات المحتاجين قبلأن نضطرهم للصراخ .. إن لحظة خير تقدمها للغير قد تكون هي النور اللذي يضيء حياتكقبل حياتهم . " وفي ذلك فليتنافس المتنافسون