مقتطفات من مقدمة ابن خلدون
اهل البدو اقرب الى الشجاعة من اهل الحضر
السبب
اهل الحضر القوا جنوبهم على مهاد الراحة والدعة...وانغمسوا
في النعيم والترف ووكلوا امرهم بالدفاع عن اموالهم الى واليهم
والحاكم الذي يسوسهم ..والحامية التي تولت حراستهم
واستناموا الى الاسوار التي تحوطهم فلا تهيجهم هيعة ولا ينفر لهم صيد فهم غارّون امنون قد القوا السلاح وتنزلوا منزلة النساء والولدان
اما اهل البدو لتفرّدهم عن المجتمع وتوحشهم في الضواحي وبعدهم عن الحامية وانتباذهم الى الاسوار قائمون بالدفاع عن انفسهم لا يكلونها الى سواهم ولا يثقون بغيرهم ويحملون السلاح ويتلفتون من كل جانب
ويتجافون عن الهجوع ويتفردون في البيداء واثقين بانفسهم
قد صار لهم البأس خلقا والشجاعة سجية
.................................................. ..
في ان المغلوب مولع بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه
.................................................. ..............................
السبب
*********
ان النفس تعتقد ان الكمال في من غلبها وانقادت اليه
فالمغلوب يتشبه بالغالب في ملبسه ومركبه وسلاحه في اتخاذها
واشكالها
بل وفي سائر احواله وانظر ذلك في الابناء مع آباءهم كيف متشبهين بهم لاعتقادهم ان الكمال فيهم وانظر الى كل قطر من الاقطار كيف يغلب على اهله زي الحامية وجند السلطان لانهم هم الغالبون على الاكثر
حتى اذا كانت امة تجاور اخرى وهي الغالبه ...فأنه يسري اليهم من هذا الشبه والاقتداء حظ كبير
كما هو في الاندلس ...لهذا العهد مع الجلالقة فأنك تجدهم يتشبهون
بهم في ملابسهم وشاراتهم والكثير من عوائدهم واحوالهم حتى
في رسم التماثيل في الجدران والمصانع والبيوت حتى لقد يستشعر
الناظر بعين الحكمة انه من علامات الاستيلاء والامر لله
وتأمل في هذا سر قولهم العامة على على دين الملك فأنه من بابه اذ
الملك غالب لمن تحت يده والرعيّة مقتدون به لاعتقاد الكمال فيه ا
اعتقاد الابناء بآبائهم والمتعلمين بمعلميهم والله العليم الحكيم وبه
سبحانه التوفيق