من توجيهات الإمام الحسن العسكري (ع)

جاء في وصية للإمام أبي محمد الحسن العسكري وجهها لأتباعه وشيعته قال فيها: «أوصيكم بتقوى الله والورع في دينكم والاجتهاد لله وصدق الحديث وأداء الأمانة إلى مَنِ ائتمنكم من بَرٍّ أو فاجر، وطول السجود وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد. صلُّوا في عشائرهم واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم وأدوا حقوقهم، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق في حديثه وأدى الأمانة وحسَّن خلقه مع الناس قيل: هذا شيعي فيسرّني ذلك، اتقوا الله وكونوا زينًا ولا تكونوا شينًا، جرُّوا إلينا كل مودّة وادفعوا عنا كل قبيح»[1] . الإمام الحسن العسكري عاش كآبائه الطاهرين حياة صعبة قاسية، ولعل الصعوبة في حياته أشد من حياة آبائه وأجداده في بعض الجوانب والظروف.
ومن ذلك قصر عمره الشريف، فولادته كانت سنة 232 هـ، وشهادته سنة 260 هـ، مما يعني أن عمره كان 28 سنة فقط، فهو وجدّه الإمام الجواد من أقصر الأئمة عمرًا، فقد استشهد الإمام الجواد وعمره 25 سنة، وهذا مما يدعم القول بأن رحيلهما عن الدنيا لم يكن بشكل طبيعي، وإنما بعامل الاغتيال والقضاء على حياتهما بالسم، وإن كانت الآجال بيده سبحانه، خصوصًا مع ملاحظة الظروف والأجواء التي كان الأئمة يعيشونها في ظل السلطة المناوئة لهم.
وبالإضافة إلى قصر عمر الإمام العسكري فإنه عاش حالة الحصار طوال حياته، وهذا أمر لم يعانه آباؤه بمثل ما عاناه، فبعض الأئمة كانت تتاح لهم الفرصة بحيث لا يكون فيها تحت رقابة السلطة، كأن تكون حياته في بدايتها بعيدة عن مركز السلطة، فيكون في المدينة مثلاً والخليفة في بغداد أو دمشق، لكن الإمام العسكري عاش حالة لحصار والرقابة المشدّدة من صغره.
فحينما رُحِّلَ مع أبيه الإمام الهادي بأمر المتوكّل العباسي من المدينة إلى سامراء (سُرَّ مَن رأى) كان عمره سنتين أو أربع سنوات فقط، وكانت المنطقة التي أُسكنوا فيها منطقة الجيش والجند، ولذلك كانت تسمّى (عسكر)، ومَنْ يقيم فيها يسمى (عسكري) نسبة إلى هذه المنطقة، ولذلك أطلق على الإمام هذا اللقب. وفي سامرّاء لم يكن هناك جمهور الأمة ولا نخبتها العلمية من الذين قد يختلط بهم الإمام أو يلتفّون ويتعاطفون معه، بل كانت عاصمة الدولة آنذاك، فكان سكّانها الحاكم مع جنوده وحاشيته والمقربين إليه.
وقد أبقى الخليفة العباسي الإمام الهادي وابنه العسكري فيها وشدّد عليهما الرقابة، وبقي الإمام العسكري فيها إلى أن استشهد.
لذلك يمكننا أن نتصوّر صعوبة الظروف التي قاساها الإمام، لدرجة أن بعض الروايات التاريخية تنقل أن الإمام كان مفروضًا عليه أن يحضر إلى ديوان الحاكم مرّتين في الأسبوع ليثبت تواجده وحضوره.
وهذا كلّه يبين أن الفرصة في أن يلتقي الإمام بالناس كانت ضعيفة، والفرصة الوحيدة كانت حينما يكون الإمام في الطريق عندما يخرج لبعض شؤونه أو إلى قصر الخليفة، وإلا فإن التردّد على الإمام وزيارته كانت محفوفة بالمخاطر.
وحتى اللقاء به في الطرقات العامّة لم يكن آمنًا، وهذا ما نستشفّه من رواية تنقل عنه أنه كتب إلى بعض شيعته يقول لهم: «ألا لا يُسَلِّمَنَّ عليَّ أحد، ولا يشير إليَّ بيده، ولا يومئ، فإنكم لا تؤمنون على أنفسكم»[2] . وورد عنه أنه قال: «ما مُنِيَ أحدٌ من آبائي بمثل ما مُنيتُ به»[3] .
هذه الرقابة المشدّدة على الإمام ما تركت الفرصة لأن تستفيد الأمة منه كثيرًا، وبالرغم من ذلك نجد أن عددًا لا بأس به روى عن الإمام، حيث ترجم السيد محمد كاظم القزويني في كتابه (الإمام الحسن العسكري من المهد إلى اللحد) لـِ 242 ممن استفادوا من علمه ورووا عنه، وهو عدد لا بأس به بالمقارنة مع الحالة التي كان يعيشها الإمام
.
لكن ما وردنا عن حياته كان محدودًا جدًّا، فلذلك نجد أن أكثر من يكتبون عن سيرته يشيرون من البداية إلى شحّ المصادر، يقول السيد محمد كاظم القزويني في مقدمة كتابه (الإمام الحسن العسكري من المهد إلى اللحد، ص6): لا أستطيع أن أعرف كيف يتّم تأليف هذا الكتيّب مع قلّة المواد التاريخية الموجودة في التراجم والسّير، وفي بطون التواريخ والأحاديث؟.
ومن الغريب أن نجد في المقابل من يضيف إلى حياته أشياء تحتاج إلى تحقيق وتثبّت.
وهذه مشكلة نواجهها مع معظم سِيَر الأئمة
.
من ذلك انك تجد معظم من كتب عنه في كتب الروايات يذكر هذه المكرمة والفضيلة، والتي لو تأمل فيها الإنسان يشك في أساس صحتها، حيث يذكرون أن المعتمد العباسي وهو الذي يروى أنه دسّ السم للإمام العسكري ، والذي قد عاش فترة كثرت فيها الصراعات السياسية بين العباسيين وبين الأخ وأخيه أو الأب وابنه من أجل الحصول على السلطة، مما سبب عدم استقرار الحكم، بحيث لا يبقى الخليفة إلا شهورًا أو سنوات محدودة. فقد نقل (أن المعتمد تضرع إلى الإمام العسكري وسأله أن يدعو له أن يبقى في الحكم عشرين سنة، لأنه رأى من سبقه من أسلافه من الحكام العباسيين كيف كانت أيام حكمهم قصيرة، وكيف خلعوا وقتلوا شرَّ قتله؟! فدعا له الإمام العسكري واستجاب الله دعاء الإمام)[4] .
هذه الرواية تريد أن تبرز أمرين، هما:
الأول: أن الإمام مستجاب الدعاء من الله تعالى.
الثاني: أن الإمام يُحْسِن حتى مع أعدائه ويدعو لهم.
وما يدعو للتشكيك في هذه الرواية أنه من غير المتصوّر أن يدعو الإمام لطاغية ظالم وغير شرعي، ولو كانت استجابة الإمام ودعاؤه اضطرارًا وتقية لن يكون دعاء الإمام نابعًا من قلبه وعن قصد وإرادة، وبالتالي لا يستجيب الله تعالى دعوة ليست من القلب وغير مقصودة.
ولهذا فإن هذه الرواية تحتاج إلى تحقّق وتثبّت.

الإمام يملك شخصية مؤثرة: كان الإمام الحسن العسكري يملك شخصية مؤثرة ومهيمنة على من يلتقي به ويتعامل معه، وفي هذه النقطة تروى العديد من الروايات، منها ما ينقل عن أن السجّانين ـ أو الموكلين به عندما يأمر الخليفة بسجنه ـ كانوا يتأثرون به ويتغيرون سلوكيًّا، وذلك كما ينقل أنه في زمن المهتدي العباسي عندما جاء بعض العباسيين لمسؤول السجن الذي وضع فيه الإمام واسمه (صالح بن وصيف) وقالوا له: ضَيِّقْ عليه ولا توسّعْ. فقال صالح: ما أصنع به، قد وكَّلْتُ به رجلين شرَّ مَنْ قدرت عليه، فقد صارا من العبادة والصلاة والصيام إلى أمر عظيم. ثم أمر بإحضار الموكَّلَيْن فقال لهما: ويحكما، ما شأنكما في أمر هذا الرجل؟ فقالا له: ما نقول في رجل يصوم النهار ويقوم الليل كله، لا يتكلّم ولا يتشاغل بغير العبادة، فإذا نظر إلينا ارعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا فلما سمع العباسيّون ذلك انصرفوا خائبين[5] . وفي حادثة أخرى تنقل كتب التاريخ أنه: حبس أبو محمد عند (عليِّ بن اوتامِش) –وكان شديد العداوة لآل محمّد عليه وعليهم السلام غليظاً على آل أبي طالبٍ – وقيلَ له: افعل به وافعل. قال: فما أقام إلا يوماً حتى وضع خدَّيه له، وكان لا يرفع بصره إليه إجلالاً له وإعظاماً، وخرج من عنده وهو أحسن الناس بصيرة وأحنهم قولاً فيه[6] .
وهذه المواقف تكشف عن مدى قوّة وهيمنة شخصية الإمام على قلوب الناس، وهكذا ينبغي أن يكون سلوك الإنسان المسلم قويًّا في شخصيته ومؤثرًا وفاعلاً بسلوكه أكثر من كلامه ووعظه.

وصايا الإمام العسكري:
الإمام العسكري هو الإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيت ، ووالد الإمام المهدي الذي سيغيب عن شيعته مدة ممتدّة من الزمن، ولذلك فما ورد في الوصية التي افتتحنا بها الحديث عبارة عن منهج عام للشيعة يتعاملون وِفْقَهُ ويسيرون على هديه في عصر الغيبة.
ويمكننا أن نستخرج من هذه الوصية ثلاثة محاور:

المحور الأول: الالتزام بالمبادئ والقيم: التشيّع ليس انتماءً قبليًّا، وإنما هو انتماء قيمي سلوكي، وبالتالي فإن مَنْ ينتمي إلى هذا الخط والتيار يجب أن يكون ملتزمًا بالقيم والمبادئ، ولا يكفي الانتماء العاطفي، من إعلان الحب لأهل البيت والموالاة لهم، فالكثير من الروايات والنصوص تؤكّد على أن هذا لا يحقق العنوان ولا يجدي، فمجرّد المحبّة والولاء القلبي والانتماء العاطفي لا يجدي، وإنما يجب الالتزام بالقيم، ولذلك فإن أول ما يركّز عليه الإمام في هذه الوصية هو مسألة القيم والسلوك الملتزم، يقول: «أوصيكم بتقوى الله والورع في دينكم والاجتهاد لله وصدق الحديث وأداء الأمانة إلى مَنِ ائتمنكم».
المحور الثاني: الاندماج في مجتمع الأمة:
السلطات العباسية والأموية وجميع السلطات المعادية لأهل البيت حاولت أن تحاصر أهل البيت وتبعدهم عن شيعتهم وأتباعهم وعن الناس عمومًا، حتّى لا يتفاعلوا مع جمهور الأمة ويؤثروا فيهم.
ولذلك يوجّه الإمام خطابًا عامًّا لشيعته بأن لا ينعزلوا عن الأمة، وأن يندمجوا مع جماهيرها وعامّة المسلمين، فالبعض من الناس يرى في الاندماج والتداخل مع الآخرين نوعاً من الذوبان فيهم على حساب المبادئ. وفي الواقع إن المؤمن الحقيقي الذي يحمل الوعي والبصيرة لا يخشى عليه من الذوبان والتأثّر، بل هو في موقع التأثير في الآخرين.
ولذلك فالأئمة يوجهون شيعتهم إلى الاندماج والتداخل مع الناس في مجتمعاتهم وأوطانهم، وألا يكونوا فئة معزولة محاصرة، وألاَّ يعيشوا حالة الانطواء والانكفاء على أنفسهم.
لأن أي مجتمع ينعزل ويبتعد عن الجمهور يسهل اتهامه بأي تهمة، وتشوه سمعته، بينما إذا اختلط مع الناس فإنهم يرونه ويتأكدون من وضعه ولا تنطلي عليهم تلك التهم والشبهات التي من الممكن أن تلقى من هنا وهناك.
ومن جهة ثانية، إن الانعزال لأي مجتمع يخلق أجواء معادية ضدّه، وسيكون على العكس من ذلك لو كان هناك اختلاط وتداخل فإنه تنشأ حالة من المودّة والألفة والعلاقة الجيّدة بين الجميع.
وثالثًا: إن الابتعاد عن الناس لا يوصل إليهم الفكرة بشكل جيد، وتصبح أفكار ومعتقدات وآراء ذلك المجتمع المنعزل مشوشة وغير مفهومة لدى الآخرين، بينما لو كان هناك اندماج بين المجتمعات على اختلافها ستكون أفكار كل مجتمع معروفة بشكل أوضح.
ولذلك نحن نؤكّد ـ وخاصّة في هذا العصر الذي حدثت فيه تغيرات تجعل الإنسان أكثر ثقة بنفسه وأكثر أمنًا واطمئنانًا على وضعه ـ على مسألة الاندماج والانفتاح، وقد رأينا الآثار الطيبة الكثيرة، فوجدنا كيف أن البعض من المؤمنين من أتباع أهل البيت حينما اندمجوا مع الآخرين استطاعوا أن يعطوا صورة مشرقة عن مذهب أهل البيت
وأتباعه، وأن يتركوا انطباعًا حسنًا لدى الآخرين، وهذا الأمر في مصلحة المجتمع المؤمن وفي مصلحة الرسالة التي نؤمن بها.
إن الاندماج أمر مطلوب، وخاصّة على المستوى الوطني، وعلى مستوى المؤسسات الوطنية والعلاقات الاجتماعية.
ولذلك فإن ما نراه من حالة سلبية عند بعض الطلبة من مجتمعنا حينما يتوجهون للدراسة في الجامعات، فتراهم يتكتّلون وينطوون على بعضهم، بحيث لا تكاد تجد لهم علاقات مع الآخرين من أبناء المجتمعات الأخرى إن هذه الظاهرة غير جيدة، فنحن لا نخاف من إبداء ما عندنا حتّى نبدو بهذه الانطوائية والانعزال، وخاصة مع هذه التطورات الإيجابية، بل نحاول أن نتعرّف على الآخرين ونترك الفرصة للآخرين ليتعرّفوا علينا.
وقد رأينا أن من فوائد انفتاح البعض على الآخرين أن دعاهم ذلك للتعرّف أكثر على مبدأهم ومذهبهم والقراءة والاطلاع حوله بشكل أفضل، لأنهم حينما يلتقون مع الآخرين فيسألونهم عن عقائدهم وممارساتهم يجدون أنفسهم أمام تحدي الإجابة على هذه الاستفسارات، فيقرأون ويبحثون، وهذه ثمرة جيدة. وبهذا فإن الانفتاح على الآخر يكون من أسباب البصيرة بالمبدأ، ووسيلة للتعريف بهذا المجتمع وإيصال هذه الأفكار والآراء للآخر.
ومن الخطأ الكبير أن يبقى شبابنا في الجامعات أو موظفونا في المناطق المختلفة منكفئين على أنفسهم.
والإمام في هذه الوصية يحث على مسألة الاندماج والتداخل مع الآخرين، يقول: «صلُّوا في عشائرهم واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم وأدوا حقوقهم، إن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق في حديثه وأدى الأمانة وحَسُنَ خلقه مع الناس، قيل هذا شيعي فيسرّني ذلك »، وهذا معناه أن الإمام يريد أن يعوّد أتباعه بالالتزام بالقيم والسلوك الطيب بين الناس.

المحور الثالث: حسن السمعة:
هناك على طول التاريخ من يحاول أن يشوّه ويرسم صورة خاطئة عن أتباع أهل البيت
، لأغراض سياسية أو لجهله بهم أو لقناعة خاطئة، وعلينا أن نعمل لتحسين الصورة، وأن تكون صورة هذا المجتمع حسنة أمام الآخرين، فهذه مسؤوليتنا.
يقول في ذلك الإمام العسكري: «اتقوا الله، وكونوا زينًا ولا تكونوا شينًا».
إن البعض في مجتمعنا حينما يسمع حديثًا عن الاهتمام بانطباع الآخرين تجاه المذهب والمجتمع، يفهم ذلك فهمًا خاطئًا ويقول ـ إما عن جهل أو حماقة ـ: وما يهمنا ما يقوله عنَّا الآخرون. أو يستشهد بالآية القرآنية:﴿ وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ (البقرة: 120)، وهذا خلط للأوراق، فليس من الصحيح القول أن السمعة الحسنة لدى الآخرين ليست مهمة، فالإنسان المسلم كفرد ينبغي عليه أن يحسّن سمعته، والمجتمع المسلم كمجتمع ينبغي عليه ـ كذلك ـ أن يعطي الصورة المشرقة عنه كمجتمع.
وبشأن الآية الكريمة: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ فإن معناها أن يلتزم كل إنسان بدينه ومبدأه ولا يكون هناك مداهنة ومداراة على حساب المبادئ والقيم. ومعناها أن اليهود والنصارى لن يكفوا عن الضغوط عليكم حتى تتراجعوا عن دينكم.
وهذا المعنى لا إشكال أو اعتراض عليه.
ولكن حينما لا ترتبط المسألة بأصول المبدأ والمذهب، فتكون أمام أمرٍ جائزٍ أو فيه شبهة استحباب، وفي مقابل القيام بهذا الأمر نخسر السمعة والنظرة الطيبة عند الآخرين، فعلى العاقل أن يرجّح أيهما أولى، والترجيح يقتضي في هذه الحالة الحفاظ على السمعة الحسنة.
فبالنسبة للمسلمين نجد أن بعض المتشددين حينما يطلب منهم عدم القيام ببعض الأعمال حتى لا يكون انطباع المجتمعات الغربية وغير المسلمة انطباعًا سيئًا يجيبون بالآية الكريمة: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى﴾ ، وهذا موقف خطأ وغير واعٍ.
والأمر نفسه موجه لأتباع مذهب أهل البيت الذين من المفترض بهم أن يهتمّوا بسمعتهم كمذهب وكمجتمع أمام الرأي العامّ الإسلامي والعالمي.
إن مَنْ يبدي اهتمامًا بهذا الأمر يعني أنه مهتمّ بمصلحة هذا المذهب وهذا المجتمع، ولا يعني ذلك أنه نوع من التنازل أو الخضوع، وإنما يعني الحرص على سمعة هذا المجتمع، ولذلك نرى نصوصاً كثيرة عن أهل البيت تحثّ على هذا الجانب، منها ما أوردناه من وصية الإمام العسكري في قوله: «كونوا زينًا ولا تكونوا شينًا».وفي رواية أخرى عنهم: «لا تحدّثوا الناس بما ينكرون »، أي بما يستنكرونه منكم من أعمال وممارسات إذا لم تكن هذه الممارسات من أصول المبدأ.
ورواية ثالثة تقول: «رحم الله من جلب مودّة الناس إليه وإلينا».
إن الحفاظ على السمعة وتحسين الصورة عند الآخر هدف سامٍ ينبغي الاهتمام به، إذا لم يكن على حساب الأسس والمبادئ، ولكنه من الممكن أن يكون على حساب بعض الأعراف والتقاليد والأمور الجائزة، لأن هناك ما يكون أرجح وأفضل، ولهذا نجد مثل هذه الروايات والنصوص وردت عن أهل البيت .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبتنا على ولايتهم وأن يحشرنا في زمرتهم.