فوائد لغوية ...
دأبَ كثير من الناس استخدام ألفاظ ومفردات لُغوية استخدامات خاطئة .. وما ذاك إلا بسبب تعودهم سماع تلك الألفاظ من غيرهم ، وظنهم بأن استخدامهم لها هو استخدام صحيحٌ صائبٌ .. وهم الذين لم يُكلِّفوا أنفسهم لَذة البحث ، ومُتعة التنقيب عن معاني تلك الألفاظ ، ومدلولات تلك المفردات .. فتواترت الأخطاء ، مِمَّا أدَّى إلى انتشارها بين الناس عامَّة !!
ومن هذه الكلمات التي لا يكاد يَمُرُّ يوم إلا ونسمعها من المتحدثين والمتحدثات ، أو نقرؤها في سطور الكُتاب والكاتبات كلمة " مَليئة " بمعنى : مملوءة .. ولم أجد كلمة مليئة بهذا المعنى تحديدًا في لسان العرب ، وما وجدتها هي كلمة : مليء بمعنى : غني ، ومؤنثه : مليئة .. والصواب أن يقول المعلم مثلًا : وهذا النص مملوء بالمفردات اللُّغوية البديعة .. وتقول مُقدِّمة برنامج : وهذه الحلقة مملوءة بالفقرات المتنوعة ..
وكثيرون وكثيرات من التربويين والتربويات يُصِرُّون على جمع كلمة " مُشكلة " على " مشكلات " ، ويُقِرُّون بخطأ من يجمع هذه الكلمة على " مشاكل " .. والصواب أن هذه الكلمة تُجمع على مشاكل ، ومشكلات ، ودليل ذلك ، أن كلمة " مُرضعة " مثل كلمة " مُشكلة " قد جُمعت في أفصح كلام ، وهو كتاب الله الكريم على " مراضع " ، قال الله - تعالى - في مَعرض قصة نبي الله موسى عليه السلام في سورة القصص : " وحَرَّمْنا عليهِ المَرَاضِعَ " الآية ... وإن كان بعض أهل اللُّغة قد أجازوا جمعها على " مشاكل " ؛ لأنها لم تَعُد وصفًا ، بل أُنْزِلت منزلة الأسماء .
ومما تَجدر الإشارة إليه أن هناك فرق بين كلمتي " أُمهات ، وأُمَّات " .. فأمهات تكون لمن يَعقل ، وأُمَّات فيمن لا يَعقل .. فلا يصح أن يُقال : وذاك كتاب من أمهات الكتب ، ولكن يُقال : وذاك كتاب من أمَّات الكتب .. مع أن كثيرًا من الشعراء قد خالفوا ذلك ، فمنهم من جمع من يعقل على أُمات ، ومنهم من جَمع من لا يعقل على أُمهات .. ودواوين الشعراء ، ومعاجم اللُّغة شهود على ذلك .
وكثيرًا ما يُطلق الناس على قوس المطر " قوس قُزح " .. وهذه تسمية خاطئة فضلًا على النهي الوارد في ذلك ؛ لأن قزح شيطان .. والأفضل أن نقول : قوس الغيث أو المطر ، أو ألوان المطر .. وبعض العلماء سموه : قوس الله .. والعرب تُسميه " الخُضُلَّة " .
وحَجِيٌّ بنا ، ونحن أنجال العربية ، وبنات البيان أن نحرص على استخدام المفردات الصحيحة رغبةً في السير في سبيل الصواب .. ونُفورًا من الخطأ في التعبير تَحُدثًا وكتابة .. ووقوفًا عند الخطأ حين الاستماع والقراءة ؛ لنُنبِّه عليه .. عَلَّ الأخطاء أن تَقِلَّ .. والصواب أن يَحِلَّ .