رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴿٣٧﴾
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ♥
دعوات ابراهيم عليه السلام جميلة جدا جدا.. دعوات الأنبياء كلها تليّن القلب وتلامس حاجاتنا جميعا.. مالفت نظري في هذه الدعوة هو حاجتنا كبشر للمجتمع.. حاجتنا للجماعة . حاجتنا للمخالطة وممارسة كل القيم والمبادئ مع الجماعات التي نعيش في وسطها .. حاجتنا لمجتمع نعطي فيه ونبرز من خلاله.. حاجتنا لجماعة تعرف من خلالها حدود أنفسنا وذواتنا بطريقة ما.. حاجتنا لأفئدة تهوي إلينا لتكون أفئدتنا نحن قابلة للإعراب والتعريف.. حاجتنا للجماعة فطرية ومن يهاب المجتمع أو يحب العزلة ويفضلها دائما على تواجده في المجتمع يصنفه علماء النفس كمريض نفسي أو مصاب بحالة رهاب اجتماعي أو فوبيا المجتمع.. نحن نحتاج للمجتمع ابتداء من أسرنا الصغيرة مرورا بالمجتمع الأكبر الذي نعيش من خلاله انتهاء بالعالم كله.. بالبشرية التي لاتربطنا معها علاقات دم أو نسب لكن تربطنا أواصر بشرية مهما اختلف الدين أو العرق.. نحن نحتاج المجتمع لكي نمارس من خلاله انسانيتنا.. لكي نتميز ونتفوق علي أنفسنا من خلال وجودنا وعطائنا داخل هذا المجتمع.. نحن نبرز من خلال تواجدنا في جماعة فقط ولانبرز عندما نكون وحيدين منكفئين على أنفسنا وذواتنا.. نحن بالمجتمع نتعبد الله ونتقرب له.. عطائنا للمجتمع عبادة.. معاونتنا لبعضنا البعض عبادة..”والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”.. الذب عن عرض بعضنا البعض للمحافظة على أواصر المجتمع ومنع نبذ الأفراد من تلك الجماعات عبادة.. “من ذب عن عرض أخيه المسلم ذب الله عنه النار يوم القيامة” .. “من ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة” الخدمات الاجتماعية عبادة.. حتى أن الله يحب من يخدم عباده ويفضله على العابد .. الله يحب ويرفع منزلة العلماء المؤمنين لأنهم بعلمهم يقدمون خدمة جلية للمجتمع -علم شرعي أو علوم طبيعية أو إنسانية – .. ” فضل العالم علي العابد كفضلي أنا على أدناكم” الله يحبك أنت من خلال وجودك في الجماعة أيضا وذلك بأنه يكافئ من يخدمك أو يعينك أو يستر عليك ويقدم له جزاء دنيوي وأخروي.. نحن نتعبد الله من خلال خدمتنا للمجتمع بنية صافية ونقية.. وقال زكريا داعيا ربه ” رب لاتذرني فردا وأنت خير الوارثين ” لم يقل لاتدرني وحيدا.. لأنه لاوحدة مع الله.. لكنه قال فردا.. لأن الانسان يحتاج إلى أسره صغيرة تكون جزء من مجتمع كبير.. نحتاج للجماعة حتى نعيش.. وحتى تظهر لنا إنسانيتنا.، حتى نتعبد الله ونتقرب له.. نحن نبرز من خلال المجتمع.. ونتميز عبره.. نحن مطالبون بكل ما يكفل للمجتمعات التي نعيش فيها سلامتها وعدم استطالة الأذى فيها. نحن نحتاج للمجتمع لنكمل ذواتنا.. لتتمايز حدودنا.. نحن أيضا نحتاج للمجتمع حاجة عاطفية وشعورية.. تهوي أفئدتهم لنا ونأنس بقربهم ويأنسون بقربنا. نحتاجهم فطريا ونقيم الموائد لحضورهم وندعوهم للزيارة بمناسبة أو بدون مناسبة.. فهلا عدلنا النية في ذلك وجعلناها تعبدا لله بهذه الأواصر الاجتماعية ؟ قد نسينا هذه العبادة فلماذا لانحييها ؟
منقول من أجل الفائدة