ينقسم هذا العلم إلى:
1) علم الأصوات الذي يعنى بدراسة كل صوت على حدة من حيث مخارجه وصفاته.
2) علم الصواتة ويعنى بدراسة أثر الأصوات في بعضها في المنظومة الكلامية.
ينقسم الأول إلى عدة فروع، منها:
1) علم الأصوات النطقي، ويعنى بطريقة إنتاج الصوت في الجهاز النطقي للمتكلم، محددا وظائف أعضاء النطق لدى الإنسان مع ما يترتب عليها من صفات تتميز بها كل مجموعة من الأصوات.
2) علم الأصوات السمعي، ويعنى بطرقة التقاط الأذن للصوت وتحلليها من قبل المستقبل، فيدرس وظائف مكونات جهاز السمع عند الإنسان مع ما قد يصيبها من اختلال وراثي أو طارئ.
3) علم الأصوات الفيزيائي، ويعنى بدراسة الذبذبات الصوتية التي تنتقل من جهاز النطق إلى جهاز الاستقبال، ويركز على انتقال الموجات الصوتية عبر قناة الاتصال بين المتكلمين، وقد توصل علماء الأصوات إلى نتائج مذهلة في هذا المجال انعكست بشكل إيجابي على وسائل الاتصال المعاصرة.
علم الاصوات النطقي
- علم قديم جدا، عرفه الهنود والإغريق والرومان والعرب، وبعدهم توقف العمل فيه لأسباب يمكن إجمالها في قلة الوسائل التجريبية باستثناء الملاحظة.
- يستعين علم الأصوات ا ليوم بعلوم أخرى مثل: علم وظائف الأعضاء، والتشريح، والفيزياء، ومعامل خاصة بتوليد الأصوات وتحليلها، فصنعت برامج حاسوبية متطورة خاصة بالتوليد الصوتي وتوليف الكلام والإدراك الصوتي، كما صنعت برامج أخرى خاصة بتعليم النطق وإصلاح عيوبه ... إلخ.
- دراسة علم الأصوات تعادل تماما دراسة الصرف والتركيب، الأول يوظفه في تحليل بنية الكلمة، وخاصة الكلمة المعتلة التي تتضمن أحد حرفي العلة: الياء والواو، وهو ما يعبر عنه بالإعلال والإبدال والقلب، والثاني يوظفه في تحديد دلالة التراكيب، وخاصة تلك التي توظف في أكثر من سياق.
ولعلم الأصوات مجالات تطبيقية كثيرة، نذكر منها:
- القراءات القرآنية (علم التجويد)، ومعه انتقلت الدراسات الصوتية على يد الفراء من الميدان اللغوي الدقيق إلى ميدان البحث في مناهج الأداء القرآني.
- لا يقتصر علم الأصوات على خدمة القراءات بل إن فضله عم الكلام العربي كله، أليست الأصوات وسيلة الحفاظ على كلام الله ؟ إذن يجب علينا العناية بها، وقديما استخدمت الأصوات في تعليم الداخلين في الإسلام طريقة نطق اللسان العربي الفصيح وتقويم ألسنتهم حتى يتسنى لهم قراءة القرآن بشكل سليم ...
التعليم والتعلم
لعلم الأصوات دور تطبيقي كبير يتمثل في تعلم اللغات وتعلمها، وخاصة تعليم اللغة الفصحى سواء لأهلها أو لغير الناطقين بها، أما بالنسبة للعرب، فإن الغاية من ذلك تقريب النطق وتوحيده بين الذين يتكلمون لهجات مختلفة، وهم في حاجة إلى تنميط لغتهم بتوحيد مخارج الأصوات لديهم إلى أن تنتفي الفروق اللهجية بينهم ليصبحوا قادرين على التحدث بلغة موحدة، مثال ذلك:
1) مخارج الأصوات: نطق الكاف والقاف، ونطق الجيم والكاف، ونطق الجيم والياء ونطق القاف والهمزة، إلخ.
2) صفات الأصوات: الذال والزين، والثاء والسين، والظاء والزين، والظاء والضاء، غلخ.
3) ترقيق بعض الأصوات بدل تفخيمها، مثل: رماد التي ينطقها البعض مرققة بينما يجب أن تنطق مفخمة لوجود المد المفتوح بعدها، إلخ.
4) إسقاط بعض الأصوات من الكلام، كما في نطق عبد السلام التي تنطق في بعض اللهجات العربية عبسلم، أو عبسم ، ومحمد التي تسقط منها الدال ، إلخ.
5) اختلاف التنغيم بين العامية والفصحى، حيث يكون مرتفعا في بعض السياقات في الفصحى وهو، وأكب مثال على ذلك أسلوبا التعجب والاستفهام، إلخ.
- أما بالنسبة للتعلم اللغة الأجنبية فإن هناك قضايا صوتية كثيرة تحتاج إلى دراسة وإصلاح، من ذلك أن أغلب الذين يتعلمون لغات أجنبية، مثل الإنجليزية والفرنسية، يجدون صعوبة في نطق بعض الأصوات، منها: P التي يستمر أغلب متعلمي الأجنبية من العرب في نطقها باء، ومنها صوت V الذي ينطقه بعض المتعلمين العرب فاء، ناهيك عن الصوائت التي تختلف بشكل يكاد يكون جذريا عن نطقها في اللغة العربية، ومنه صائت: U في الفرنسية الذي ينطق واوا مائلة نحو الياء، وتزداد الصعوبة مع نطق الصوائت المركبة، مثل: eux وبعض الأصوات التي تكتب ولا تنطق، أو أنها تكتب بشكل وتنطق بآخر، مثل: Forum التي تنطق بشكل مختلف تماما عنا هي عليه في الرسم، إلخ.
الخلاصة
نظرا لكثرة المقبلين على تعلم اللغة العربية اليوم، فعلينا نحن العرب أن نضع قواعد صوتية مضبوطة للغتنا حتى ننشرها على الوجه الصحيح، وخاصة أصوات أقصى الحلق، مثل: العين وما يجاورها في المخرج، وأقصى الحلق: الحاء وما يجاورها في المخرج.
- وضع الألفياء: من المجالات المهمة التي يسهم فيها علم الأصوات بنصيب كبير طريقة وضع الالفباء للغات، والمقصود بها وضع الحروف المطابقة للطريقة التي تنطق بها في اللغة المراد نقل أصواتها إلى حروف غير حروفها، فقد نضطر أحيانا إلى كتابة بعض الأصوات العربية بحروف لاتينية للتعبير عن الطريقة التي يجب أن ينطقها بها الأجنبي، مثل: الثاء والذال والضاد والظاء والعين والقاف والغين والخاء، والشين، وهي كلها أصوات لا توجد إلا في العربية، وقد اقترح المستشرقون طرقا مختلفة لنقل الصوت العربي إلى حروف لغتهم، منها: th = ذ، و dh= ض، kh = خ، إلخ. يضاف إلى هذا كتابة الحركات الطويلة التي لا توجد في الكثير من اللغات الأوروبية.
- نذكر في هذا السياق أن بعض اللغات الشرقية نقلت كلها من الكتابة بالحرف العربي إلى الحرف اللاتيني، وهو ما حصل في تركيا على يد كمال أتاتورك الذي نقل الكتابة بالحروف العربية إلى الكتابة بالحروف اللاتينية، وإلى اليوم ما نزال نسمع عن دعوات إلى كتابة اللغة العربية بالحروف اللاتينية، وكان بعض الكتاب في لبنان من رواد هذه الدعوة التي استندوا فيها إلى صعوبة الحرف العربي التي تتمثل في الاستغناء عن الحركات، وهم يريدون بذلك كتابة اللغة العربية بحروف تثبت فيها الحركات القصيرة والطويلة.
- من المجالات المهمة التي يستخدم فيها علم الأصوات نذكر تعليم الصم كليا أو جزئيا، أو الصم البكم. وقد خصص علم الأصوات جهدا كبيرا في مساعدة الصم على إنتاج إشارات صوتية مفهومة، ومساعدتهم على استقبال الإشارات الصوتية بشكل صحيح، وهنا سنكون في حاجة ليس فقط لتدريب الصم البكم على التعلم بل إن المهمة الأصعب تتمثل في تدريبهم على إدراك الكلام، وذلك بتعليمهم قراءة حركة الشفتين، وقد ظلت المشكلة قائمة حتى مع تطوير العلماء جهاز الرسم الطبقي المسمى spectrographe الذي ظنوا أنه سيعين هؤلاء المصابين على فهم الإشارات الصوتية.
- كما يتدخل علم الأصوات لعلاج عيوب النطق أو الكلام بالنسبة لمن يمتلكون أذنا سليمة وإدراك سليم للأصوات، إلا أنهم يخطئون في نطق بعض الأصوات العربية الصحيحة، مثل الراء، حيث يخطئ اللسان في الالتصاق بسقف الحلق، من هذه العيوب أيضا الثاثأة والفأفأة، وهذه وإن كانت ترجع إلى أسباب نفسية أكثر منها صوتية إلا أن لعلم الأصوات دورا في المساعدة على إصلاحها عن طريق تدريب المصاب على الاستخدام الصحيح لأعضاء جهازه النطقي.
- وهناك أخيرا مجال مهم يتدخل فيه علم الأصوات بشكل كبير وهو مجال الإعلام المسموع، فالمذيعون هم أكثر الناس اتصالا بمختلف الشرائح الاجتماعية، ومن ثم وجب تدريبهم على النطق السليم لأصوات اللغة التي يمارسون عملهم بها حتى تكون مفهومة بشكل كامل، وأي خلل في النطق قد يؤدي إلى غموض الرسالة أو عدم فهمها تماما من قبل السامع.