TODAY - December 21, 2010
كيف لسانتا توزيع هداياه في دراسة علمية
مهمة سانتا تفشل اذا شاهده طفل
دراسة فريدة تغوص في حقيقة سانتا كلوز وقدرته على توزيع الهدايا لملايين الأطفال عبر العالم في حال وجوده، عبر استطلاعها آراء علماء في وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) والمجلس الأوروبي للبحوث النووية (سيرن) ، في محاولة للبحث في مدى مساعدة تكنولوجيا النانو وتحليق سحابة النسبية سانتا كلوز في مهمته الصعبة.
وانطلاقاً من فرضية وجود سانتا كلوز، تلك الشخصية المحبة للمرح، يملك هذا الرجل أصعب مهمة في العالم: توزيع الهدايا على اطفال العالم في ليلة واحدة.بحسب منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، هناك حوالى ألفي مليون طفل دون الـ18 من العمر في العالم، غالبيتهم تقريباً مهذبون. كيف يمكن لعجوز سمين تأدية مهمة مماثلة؟
في كتابه "فيزيائيات الكريسماس"، خلصت حسابات روجر هايفيلد إلى أن سانتا كلوز يجري في ليلة الرابع والعشرين من ديسمبر/ كانون الثاني 850 مليون محطة لتحقيق مهمته. وسيتطلب منه الأمر 24 ساعة إضافية في حال كان يطير عكس دوران الارض.
وحتى لو سلمنا بأنه اتبع المسار الثاني، إلا أن الوقت سيبقى ضيقاً. ويكمن الأمر في سرعة رحلة سانتا كلوز.
فبحسب هايفيلد، محرر مجلة "نيو ساينتست"، سيحتاج سانتا كلوز لأن يسير بسرعة تفوق بستة آلاف مرة سرعة الضوء، والبالغة 300 ألف كيلومتر في الثانية. وهو أمر مستحيل.
ويعني ذلك أن الاجابة لن تكون في مبادئ الفيزياء الاساسية، باعتبار أن اتباعها ستكون عواقبه مأساوية: وفاة سانتا منذ المحاولة الاولى لتقليد الضوء.
ومن حسن حظ الذين يؤمنون بوجود سانتا قدرة الفيزياء الحديثة على المساعدة في فهم استمراره في توزيع الهدايا بدون ان يلمحه أحد.
آليات الكم
نظرية الكم تقتضي تواجد سانتا بعدة أماكن في آن
متحدثاً من مختبرات المجلس الأوروبي للبحوث النووية (سيرن) في جنيف، قال دانيال تابيا دكتور الفيزياء التجريبية للطاقة العالية، لـ"بي بي سي": "مجرد أن أحدا لم يره، لا يعني ان لا وجود له". وأضاف: "ربما سبب عدم رؤية أحد لسانتا كلوز كونه يتصرف، في تلك الليلة على الأقل، وفقاً لظاهرة الكم".
ويلفت تابيا الى أنه "في آلية الكم، يخبرنا مبدأ هيسينبيرج لعدم اليقين بأنه إذا كنا نعلم جيدا متغيراً واحداً، لا يمكننا أن نعرف الآخر تماما، ونحن نعلم السرعة التي يسافر عبرها سانتا، لكننا لا نعلم موقعه".
ويمكن لسانتا أن يكون في أي مكان في العالم وفي أي وقت عشية عيد الميلاد. وبحسب تابيا، "يكون ذلك ممكنا إذا كان لسانتا كلوز قدرة فائقة على موازاة زمنية للحالة الكمية. بمعنى آخر، إذا انتشرت مجموعة سانتا في أنحاء العالم.
وفقاً لنظرية فيزيائية مكسيكية، فإن كل حالة كمية لسانتا يمكنها تقديم هدية لكل طفل نائم في ذلك الوقت.
وماذا يحصل في حال رآه طفل في تلك الليلة؟ "ستعرف عندها موقعه الفعلي، مما قد يؤدي الى انهيار حالة الكمية وتنهار مع ذلك عملية توزيع الهدايا حول العالم"، وفقاً للباحث الذي يجيب بخيبة أمل.
هذا يعني أن وجود سانتا يعتمد على عدم رؤيته إطلاقاً، ذلك أن رؤيته تبطل وجوده.
سحابة النسبية
يمكن سانتا كلوز أن يلجأ الى معرفته العلمية الواسعة بهدف تجنب تدمير طفل صاح المفاجأة على آلاف الاطفال النيام.
يقول لاري سيلفربرج استاذ الهندسة الميكانيكية والفضائية في جامعة كارولينا الشمالية انه على الاطفال ان لا يصدقوا هؤلاء الذين يقولون ان سانتا كلوز ليس حقيقياً، باعتبار انه ما من امكانية لتوزيعه الالعاب حول العالم مرة واحدة. هنلك طريقة لذلك، وهي تستند إلى علم المعقول.
في دراسة اعدها عام 1997، يدافع سيلفربرج عن نظريته بالقول ان نظرية النسبية لآلبرت آينشتاين تنطبق على سانتا كلوز، وهو على عكس البشر، قادر على التلاعب بالوقت والفضاء والتحكم بهما.
وبفضل معرفته بالفيزياء، يوجد سانتا سحابة من النسبية تتم عبرها مقاربة الفضاء والوقت والضوء بطريقة مختلفة تماماً عنها داخل السحابة تلك.
وقال سيلفرسبرج في وثيقة حصلت "بي بي سي على نسخة منها: "داخل السحابة تلك، يكون لدى سانتا شهور لتوزيع الهديا. فهو يرى الناس من داخلها مجمداً". وتعادل ست شهور داخل السحابة ومضة عين.
مجموعة من الهياكل النانونية
ويمكن لسانتا أيضا تحديد تاريخ مغادرته منزله والاستعانة بفوائد تكنولوجيا النانو.
يقول جيراردو هيريرا، الفيزيائي من مركز البحوث للدراسات المتقدمة (سينفستاف) في المكسيك: إن علماء في معهد كارلسروه للتكنولوجيا في ألمانيا وامبريال كولدج في لندن، وجدوا وسيلة لجعل شيء يختفي عن الأنظار في ثلاثة أبعاد. أي جعله غير مرئي.
يقول هيريرا: "وضع الباحثون كائناً مجهرياً في كتلة من الهياكل النانونية الذهبية المتناهية الصغر الى حد تذوب عنده في الضوء من أجل تحويل الكائن الى غير مرئي".
ووفقاً لهيريرا، على سانتا الانتظار قليلا للاستفادة من هذا الاكتشاف، اذ لا يمكن في الوقت الراهن الحصول على النتائج ذاتها مع كائنات بحجم كرة أو دمية. ففي حال بات الأمر ممكناً بعد سنوات قليلة، سيكون عندها لدى سانتا كلوز وقتاً اوسع لتوزيع الهدايا حول العالم.
نجدة أمريكية
ويمكن سانتا ايضاً طلب مساعدة وكالة الفضاء الأمريكية.
فقد قال كلينتون كراج، رئيس مركز الهندسة والأمان في ناسا (نيسك) : " لدى ناسا حالياً عدة نظم دفع وتكنولوجيا التشتت الحراري، ولكن لا شيء يمكنه على حد علمي تلبية متطلبات سرعة سانتا كلوز".
بيد أن كراج، وهو الخبير الذي يقف وراء الكبسولة التي انقذت عمال المناجم التشيليين الـ33،يرى أن مركبة فضائية دوّارة كمكوك فضاء أو محطة الفضاء الدولية (اي اس اس) يمكنها أن تشكل نقطة تجميع هدايا سانتا. مما يجعل مهمة سانتا كلوز أسرع.
مزلاج فضائي خارق
تقنية التخفي نفعت مع الذرة لكن ليس مع ما هو أكبر حجماً
وبما أن الامر يحصل مرة سنوياً، قد يفضل سانتا أن يجرب متعة التحليق بمزلاج عجيب بدلاً من سحابة.
ويقول في هذا الاطار بيت رودريجيز، وهو مهندس فضائي لدى ناسا منذ أكثر من 30 عاماً: "ليس شبيهاً بما نعرفه. انه مزلاج دائري ومجهز بتكنولوجيا متطورة. له كبسولة عند المقدمة ذات شباك كبير وصاروخين ضخمين عند الجانبين وخزان وقود ضخم عند المؤخرة".
ويضيف: "كلما أراد سانتا التوقف لتوزيع هدية على طفل، يفتح فتحة في مركبته مبرمجة لإنزال الهدية الصحيحة للطفل الصحيح".
وعلى سانتا أن يلف الأرض من القطب الشمالي الى الجنوبي ذهاباً وإياباً 48 مرة، حتى لا يترك طفلاً بلا هدية.
منطق أرضي
وإذا لم يحصل سانتا كلوز في الوقت المناسب على تصريح لاستخدام سفن ناسا الفضائية، قد يعجز عن توزيع الهدايا.
من يستطيع المساعدة؟
يقول جيم دانيال مدير العلاقات العامة في شركة البريد السريع "يو بي أس: ما يحتاجه سانتا ليلة عيد الميلاد هو عملية لوجستية كبيرة. أنصحه بالاستفادة من التكنولوجيا المتطورة وطلب مساعدة أقزامه. فليست مهمة يمكنك تأديتها وحدك."
ووافقه في الرأي إيان سلفرتون، مدير العمليات لإسبانيا والبرتغال في شركة فيديكس، قائلا : "إذا طلب سانتا استعارة معداتنا الخاصة برصد النجوم، لأعطيته عدة التعقب والبحث".
وهناك تقنية اخرى يمكنها أن تفيده تعتمدها "يو بي أس"، وهي جهاز اكتساب معلومات (دياد 4)، باعتبار أن بطاريتها تعمّر اليوم كاملاً، يمكن ليد واحدة حملها، ذاكرتها بسعة 128 ميجابايت وتعمل بنظام التشغيل ويندوز "سي نت".
ويلفت دانيال الى انه "كمبيوتر صغير ولكن قوي يسمح له الوصول إلى النظام العالمي لتحديد المواقع (جي بي اس)، ومراقبة التسليم والتواصل مع مقر اقامته في القطب الشمالي".
وبفضل الشبكات اللاسلكية، يمكن لسانتا نقل البيانات في الوقت الحقيقي، والحصول على أحدث المعلومات عن الطفل الذي لا يزال مستيقظا، والاستفادة الكاملة من موقعه الجغرافي لتسليم اكبر عدد ممكن من الهدايا في أقصر وقت.
سواء كان حقيقة، ضرب خيال، أو وسيلة علمية أو تكنولوجية، ستبقي مسألة كيفية توزيع سانتا كلوز الهدايا في ليلة واحدة واحدة أجيالاً من الأطفال مستيقظين، ومعهم عدد قليل من العلماء، وربما صحفي غريب الأطوار أو اثنين.