-*مكانة اهل القران فى الدنيا *-.
لقد بلغت عناية الله - عز وجل - بنا لرفع الجهل عنّا أن كان أول ما نزل من الوحي لنبينا - صلى الله عليه وسلم -
أعظم كلمة هبط بها جبريل هي قوله تعالى: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ (سورة العلق آية: 1)،
وانطلقت بعد ذلك لتصبح شعارًا للمسلمين ليكونوا حملة مشعل العلم الهادي، وأمر الله - عز وجل - في أول آية نزلت من القرآن دليل
واضح على أهمية العلم في تكوين عقل الإنسان وفي رفعه إلى المكانة السامية ؛ وأما النصوص التي وردت في السنة التي تحث على
طلب العلم فهي كثيرة جدًّا، وهذه الأدلة الآتية هي كالبرهان الساطع والإثبات القاطع على ذلك
) من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل الله له به طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله
ويتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكة ونزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده (.
وقد ذكر لرسول الله رجلان أحدهما عابد، والآخر عالم، فقال - عليه أفضل الصلاة والسلام - : )
فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ثم قال: إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت، ليصلون على معلمي الناس الخير (.
كما قال - صلى الله عليه وسلم-: ) من علّم علما فله أجر من عمل به، لا ينقص من أجر العامل شيء (.
ويبلغ من فضل العلم أنه يرفع قدر أناس ليس لهم حسب ولا نسب فوق كثير من الأكابر
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ) لا حسد إلا في اثنين: رجل علمهُ الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعهُ جارٌ له فقال: ليتني أُوتيتُ مثل ما أُوتي فلان، فعملتُ مثلَ ما يعمل، ورجل آتاه الله مالًا فهو يهلكه في الحق، فقال رجلٌ: ليتني أُوتيتُ مثل ما أُوتيَ فلانٌ، فعمِلتُ مثلَ ما يَعْمَل (.
قال العلماء: الحسد قسمان حقيقي ومجازي، فالحقيقي تمني زوال النعمة عن صاحبها، وهذا حرام بإجماع الأمة مع النصوص
الصحيحة، وأما المجازي فهو الغبطة، وهو أن يتمنى النعمة التي على غيره من غير زوالها عن صاحبها، فإن كانت في أمور الدنيا
كانت مباحة، وإن كانت طاعة فهي مستحبة والمراد بالحديث : لا غبطة محبوبة إلا في هاتين الخصلتين
قال رسول الله ( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذى لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة لا ريح لها وطعمها مر (.
وإنما خصت الأترجة بالتمثيل دون غيرها من الفاكهة التي تجمع طيب الطعم والريح كالتفاحة لأنه يتداوى بقشرها وهو مفرح بالخاصية، ويستخرج من حبها دهن له منافع وفيها منافع أخرى،
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ) أبشروا فإن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبدًا (.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ) من استمع إلى آية من كتاب الله، كتب له حسنة مضاعفة ومن تلاها كانت له نورًا يوم القيامة (.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ) يقول الرب تبارك وتعالى: من شغله القرآن عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه (.
ثمرات قراءة القرآن:
لقراءة القرآن من الثّمرات ما لا يحصى، وقد جاءت بذلك الأحاديث الصّحيحة، والآثار الواردة عن الصّحابة والتّابعين وقد لخّصها الشّيخ مصطفى عمارة فيما يأتي:
1- إنّ قارئ القرآن في مصافّ العظماء ومن أفضل النّاس، وأعلاهم درجة.
2- يكتسب القارئ عن كلّ حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها.
3- تشمل القارئ ظلّة الرّحمة ويحاط بالملائكة وتتنزّل عليه السّكينة.
4- يضيء اللّه قلب القارئ، ويقيه ظلمات يوم القيامة ويبعد عنه الشّدائد.
5- القارئ رائحته زكيّة ومذاقه حلو كالأترجّة، ومن هنا فهو جليس صالح يتقرب إليه الصّالحون العاملون ليشمّوا منه عطره، وينفحوا من شذاه.
6- قارئ القرآن لا يحزنه الفزع الأكبر لأنّه في حماية اللّه ولأنّ القرآن يشفع له.
7- قارئ القرآن سبب في رحمة والديه، وإغداقهما بالنّعيم ويمدّهما اللّه بالأنوار المتلألئة جزاء قراءة ابنهما.
8- قارئ القرآن يرقى إلى قمّة المعالي في الجنّة ويصعد إلى ذروة النّعيم.
9- يغبط الصّالحون قارئ القرآن ويتمنّون أن يكونوا في درجته السّامية عند اللّه تعالى، ويودّون أن يعملوا مثله.
10- قارئ القرآن تدعو له الملائكة الكرام بالرّحمة والمغفرة.
11- قارئ القرآن مستمسك بالعروة الوثقى، ويتمتّع بالشّفاء النّاجع ويعصم من الزّيغ، وينجو من الشّدائد.
12- قارئ القرآن من أهل اللّه وخاصّته المتقرّبين إليه، ومن العاملين الشّغوفين بطاعة اللّه والقانتين له.
ويمكن أن نضيف إلى هذه الثّمار ثمرات أخرى يانعة منها:
13- قارئ القرآن يرتفع به درجات في الدّنيا أيضا إذ يرفع اللّه به أقواما ويخفض آخرين ممّن أعرضوا عنه أو هجروه.
14- قارئ القرآن يكتب عند اللّه من الذّاكرين والقانتين.
15- قارئ القرآن ممّن يشهد لهم رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - يوم القيامة.
16- الماهر بالقرآن يُبعث يوم القيامة مع السّفرة الكرام البررة.
17- قارئ القرآن تبتعد عنه الشّياطين وتخرج من بيته.
18- قارئ القرآن يستنير عقله ويمتلئ قلبه بالحكمة وتتفجّر منه ينابيع العلم.
19- قارئ القرآن فيه قبس من النبوّة غير أنّه لا يوحى إليه.
20- حامل القرآن لا يجهل مع من يجهل لأنّ القرآن في جوفه يحميه من الحدّة والغضب.
21- بالقرآن الكريم تعمر القلوب والبيوت، ويعمّها الخير والبركة.
22- قراءة القرآن تورث القلب خشوعا والنّفْس صفاء.
23- قارئ القرآن يسأل اللّه به فيجيبه فضلا منه وكرما.
24- أهل القرآن يذكرهم اللّه فيمن عنده وكفى بذلك فضلا وشرفا.
25- في القرآن غنى لأهله تسعد به قلوبهم كما يسعد صاحب الأموال بأمواله، وهو غنى لا دخل فيه.
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله محمد، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
منقول