20, Apr, 2013
عدّاء الطائرة الورقية "رواية أمريكية بنفس أفغاني"
أحدث الروايات التي تم تحويلها إلى فيلم سينمائي مؤخرا هي رواية الكاتب الأمريكي من أصل أفغاني ، خالد حسيني The kite runner ما يمكن ترجمته بـ « عداء الطائرة الورقية» رواية أولى لصاحبها و بيع منها أكثر من 8 ملايين نسخة في أكثر من 34 بلدا, لقد استشرف منتجا الفيلم ،ربيكا يلدهام ووليام هورنبرغ ، أهمية تلك الرواية مما دفعهما إلى شراء حقوق تحويلها إلى فيلم سينمائي حتى قبيل نشرها بشكل رسمي, أي حين كانت الرواية محض مخطوطة. والآن وبعد عدة أعوام من نشرها تم تحويلها فعلا إلى فيلم سينمائي أحدث حتى قبل عرضه في صالات السينما بشكل رسمي ضجة إعلامية كبيرة حيث أثارت لقطات من الفيلم، تصور إحداها مشهد اغتصاب صبي ، مخاوف من تأجيج الصراعات
والأحقاد القبلية "والتي ليست بحاجة أصلا لمن أو لما يؤججها" حيث إن الصبي الذي يتم اغتصابه ينتمي إلى قبيلة الهزارة في حين أن الصبي الذي يقوم بفعل الاغتصاب من قبيلة الباشتون.
تلك المخاوف وردود الأفعال العنيفة دفعت بالشركة المنتجة للفيلم وهي بارامونت بيكتشرز إلى نقل أربعة من الصبية الذين يظهرون في الفيلم إلى موقع سري في الإمارات العربية المتحدة حيث سيبقون هناك إلى أجل غير مسمى. قصة الفيلم تدور حول قيم الصداقة والشرف والشعور بالذنب والعنف كما يقول مؤلف الرواية الذي لم يخف انزعاجه من تصوير البعض للفيلم باعتباره يدور حول فكرة الحرمان الجنسي. الفيلم يحكي إذا قصة الصداقة التي ربطت بين صبيين ينتمي كل واحد منهما إلى جماعة اثنية مختلفة عن الأخرى حيث إن أمير بطل الفيلم ينتمي إلى الباشتون وهم يشكلون الأغلبية ويتمتعون بمراكز النفوذ والقوة ، في حين أن حسن ينتمي إلى قبيلة الهزارة التي تشكل أقلية مستضعفة ومهمشة إلى حد بعيد. علاقة الصداقة تلك ليست علاقة عادية إذا بل هي معقدة ومركبة إذ أن والد حسن يعمل أجيرا لدى والد أمير المقتدر ماديا وصاحب الأفكار العلمانية الصريحة المتعارضة مع التفكير التقليدي.
هي ليست علاقة صداقة محضة بل إنها على مستوى آخر ومن زاوية أخرى علاقة سيد بمسود وتابع بمتبوع. تتأزم تلك العلاقة بشكل كبير وتصل إلى مفترق طرق حين يتعرض حسن لحادثة اغتصاب من قبل بعض الصبية الذين أرادوا أن ينتقموا من حسن ويلقنوه درسا لأنه تجرأ ووقف في وجههم ليدافع عن سيده وصديقه أمير في موقف سابق. يفشل أمير في الدفاع عن حسن كما دافع عنه ولا يعود بوسعه أن يعيش معه ويراه كل يوم ويتصالح مع الاحساس العميق بالذنب فيلفق له تهمة السرقة وينتج عن ذلك ترك والد حسن العمل لدى والد أمير رغم توسل هذا الأخير له بألا يفعل ذلك وهو الأمر الذي أثار دهشة واستغراب أمير بشكل كبير.
أثناء الاحتلال السوفييتي لأفغانستان يهرب أمير برفقة والده إلى باكستان ومن ثم إلى الولايات المتحدة التي يقيم فيها ويصبح واحدا من مواطنيها ويحترف مهنة الكتابة وينشر عددا من الروايات. غير أن حياته تنقلب رأسا على عقب حين تبلغه مكالمة هاتفية من كابول من أحد أصدقاء والده القدامى والمقربين إليه يطلب فيها منه أن يعود إلى أفغانستان لكي يبحث عن ابن صديقه حسن الذي قد قتل وزوجته على يد الطالبان التي عادت بأفغانستان إلى العصور المظلمة. إن قصة الفيلم تعكس جانبا من حياة خالد حسيني ذاته
رغم تأكيده على أن الكثير من أحداث الرواية وفصولها الأكثر درامية هي خيال محض. ولد خالد حسيني في منتصف الستينيات من القرن الماضي وانتقل مع والده إلى باريس في 1976 حيث كان والده يعمل في السلك الدبلوماسي وكان من المفترض بالعائلة أن تعود بعد مرور أربع سنوات غير أن
الاحتلال السوفييتي لأفغانستان جعل من ذلك شيئا غير ممكن مما دفع بهم إلى اللجوء إلى الولايات المتحدة حيث استقروا في سان فرانسيسكو.
تخرج خالد في جامعة كاليفورنيا طبيبا ومارس مهنة الطب لثمانية أعوام حتى ديسمبر من عام 2004 حيث تفرغ تماما
للكتابة ويذكر أنه قد أصدر العام الماضي روايته الثانية (ألف شمس رائعة) والتي لاقت نجاحا مماثلا لا يقل عن نجاح روايته الأولى. مخرج الفيلم مارك فورستر كان مخلصا للرواية وللأجواء والأفكار التي تعكسها باعتراف حسيني نفسه الذي لم يخف سعادته بأن الفيلم قد تم تصويره بلغتين هما اللغة
الدارية ، إحدى اللغات الرئيسية في أفغانستان ، واللغة الإنجليزية ، وبأن المخرج لم يرسم «القصة بفرشاة شرق أوسطية عريضة» كما يعبر خالد حسيني. لقد قام فورستر باختيار الصبية الذين يظهرون في الفيلم من البيئة المحلية دون أن تكون لهم تجارب
مسبقة في التمثيل والوقوف أمام الكاميرا كما أنه اختار موقعا مشابها ومماثلا للبيئة المحلية التي رسمت فيها الأحداث في مدينة صينية تدعى كاشغار وهي تقع على طريق الحرير القديم وحول هذا الأمر تحديدا يصرح المخرج بقوله: «لم أرد أن أقدم البلد بشكل مغلوط وقد ارتحت كثيرا حين قال لي خالد أن كاشغار ذكرته بصباه في كابول».
عاد خالد حسيني إلى بلده الأم أفغانستان لأول مرة خلال ثلاثين عاما سنة 2003 وقد فجع كثيرا بما رآه بالطبع فقد تحولت كابول إلى ساحة حرب وميدان قتال غير معالمها وشوه صورتها التي احتفظ بها في ذهنه من أيام صباه الأولى، ومثل شخصيته الخيالية أمير أحس كما لو أنه كان سائحا وهو يعبر عن ذلك بقوله كلانا كان بعيدا لزمن طويل. كلانا لم يخض في أي حرب وكلانا لم نعان مع الشعب الأفغاني. لقد كتبت عن إحساس أمير بالذنب والآن صرت أحس بطعمه.
The Kite Runner - Trailer
قراءة في رواية خالد حسيني عداء الطائرة الورقية كما أرسلت للنشر
عادل نايف البعيني
تُرْجِمَت أعمال الروائي الأفغاني خالد حسيني للعربية، وعادت روايته الأولى "عداء الطائرة الورقية" للواجهة من جديد؛ لتحتلّ الصدارة في مبيعات الرواية، ولعل مردّ ذلك يعود لكثرة ما كتب عنها، وأشير لأهميتها وجاذبيتها الأدبية والفنية، بالإضافة إلى تحويلها لفيلم هيولودي شهير.
"عداء الطائرة الورقية" رواية من ثلاثمئة وست وستين صفحة من الحجم الوسط، صادرة عن دار "دال" للنشر والتوزيع، ترجمة "منار فيّاض"، تتضمن خمسة وعشرين فصلا. اعتمدت على أحداث مؤثرة يتقزز منها الضمير الإنساني عموما كقضية الاغتصاب والقتل والإبادة الجماعية والإساءة للأطفال أو العنف تجاه المرأة ، وكل عمل إنساني مجرم مستحدث!
تبدأ الرواية بينما بطلها "أمير" يعيش في سان فرانسيسكو باتصال من صديق والده وصديقه أيضا، رحيم خان يطلب منه الحضور إلى باكستان لمقابلته لأمر هام منهيا مكالمته بقوله :" هناك طريقة لتصلح ما قمت به" لتحفر تلك العبارة برأسه نفقا يعيده إلى أيام كابول بجمالها وبشاعتها، بحلوها ومرّها، وليتذكّر صوت حسان خادمه وصديقه وأخيه غير الشقيق حيث سيعرف فيما بعد، يهمس في أذنه: "لأجلك ألف مرة أخرى" ص 12 ويبدأ حسيني بسرد أحداث الرواية بضمير المتكلم على لسان بطلها "أمير" الفتى الباشتوني الغني وذي المركز الاجتماعي المتفوق، لكنّه الضعيف في مواجهة الآخرين، حيث سيؤدي تخاذله وجبنه للتخلي عن مساعدة حسان، وهو يرى آصف عدوّه اللدود يغتصبه بمساعدة اثنين من مساعديه. لتأخذ الرواية بهذا المشهد سلوكا دراميا نفسيًّا سيكولوجيًّا، يقوم على الشعور بعقدة الذنب، مما يدفع "أمير" لاختلاق تهمة السرقة على "حسن" كي يدفعه لمغادرة داره، متمنّيا في الوقت نفسه لو يدافع حسان عن نفسه ويكذبه، لكنه لم يفعل فيعترف بالسرقة التي لم يقترفها، ويمضي مع والده علي إلى هازارات، أمام حزن والد أمير، ورغم مسامحته لابنه غير الشرعي حسان، الذي لم يعترف به، وكتم الحقيقة عنه وعن ابنه، بحيث لا يعرف بالسر إلا من رحيم خان بعد تلبية طلبه وسفره إلى باكستان.
الرواية تطرح كثيرا من الأمور الهامة، بلغة رشيقة جميلة وجذّابة، تدفعك لقراءتها ترجمةٌ سلسةٌ مرنةٌ، على الرغم مما شابها من ركاكة في تأليف بعض جملها، وكثرة الأخطاء النحوية والإملائية، وسأمرّ لاحقا على ذلك.
لقد انسلّ الحسيني إلى تفاصيل دقيقة وصغيرة، وراهن على مشاعر أمير، فبدا للقارئ كأنّه يقرأ سيرة ذاتية، وشخصية للكاتب نفسه، إذا أغنى وصفه السيكولوجي بتصوير خلاّب غني ومؤلم، أظهر تناقضات جمة في تصرفاته، وتقلبات ملفتة من حب إلى كره ، إلى شعور بالذنب، وارتياح أو رضا، إلى غضب مفتعل، يتلوه حزن لعدم المواجهة، كل هذا صوّره الروائي بين أمير وحسن والتي انتهت أخيرا، بمغادرة حسن وعدم رؤية أحدها الآخر حتى مقتل الأخير على يد طالبان مخاض من العواطف والمشاعر الحساسة، حياة متحركة تصفع وجهك من صفحات الرواية.
ومما جاء على لسان الروائي نفسه في إحدى المقابلات نستشفّ ذلك حيث قال: " القصّة خياليّة, الشخصيات مُختلقة والحبكة مُتخيلة ولكن بعض عناصر السّيرة الذاتيّة منسوجة على نحوٍ ما داخل السّرد . و لا سيّما الفصول التي تتناول حياة أمير و بابا في محاولتهما لبناء حياة جديدة في الولايات المُتحدة"
لا يدخل الروائي كثيرا في السياسة، ولا يبدو عليه الوقوف إلى جانب ضد آخر، فقط يصف وبدقّة، وحشية الجنود الروس عندما حاول أحد الضباط اغتصاب امرأة أمام زوجها، وتصويره لوحشية الطالبان سواء في قتل حسان وزوجته، أو ما قاموا به من مذابح في مزار الشريف، أو ما قام به، عدوّه اللدود آصف الذي تحول إلى طالباني يقوم عمله على رجم المحصنين والمحصنات أمام الناس، وهو في الوقت ذاته ينتزع الأطفال إناثا أوذكورا من الميتم ليغتصبهم مع أزلامه. وربّما حاول حسيني أن يصوّر الصراع الطائفي في أفغانستان بأنّه يقوم بين طبقة غنية وتدعى الباشتون من السنة، وطبقة فقيرة مغلوبة على أمرها تدعى الهازارا من الشيعة، مع أن هذا التصوير غير دقيق تماما لأن الفقر والجهل يشمل كل الأفغانيين كلهم إلا قلة منهم.
ويبدو أن الروائي أراد أن يصوّر أمريكا كوالد حنون، متغابيا عن قنابلها الذكية، ودوسها لكلّ القيم، متناسيا بأنها من سلحت ودرّبت الطالبان، وأوجدت ابن لادن والسلفية، فقط لمواجهة السوفييت آنذاك، ثم ذاقت طعم الخيبة بعد استهدافها ببرجي التجارة في الحادي عشر من سبتمبر.
أمّا المشهد الرائع في الرواية فهو نهايتها، إذ بعد رحلة شاقة لأمير من باكستان إلى أفغانستان، يواجه خلالها الموت أكثر من مرة، يعود بالطفل سوهراب ابن حسن، فتدبّر زوجته ثريا أمر هجرته إلى سان فرانسيسكو، وهناك بعد عام من صمت الطفل، يطيّر "أمير" مع سوهراب طائرة ورقية، ويفوز بها على بقية الطائرات ليطلق عبارة حسن الشهيرة قائلا لسوهراب "لأجلك ألف مرّة أخرى" وينطلق راكضا بين مع الأطفال ليصطاد الطائرة المهزومة، فقط لأن الطفل ابتسم له أخيرا.
فالرواية مقلع من الأحاسيس والمشاعر، مليئة بالحياة والحركة، تتحدث عن العلاقات الإنسانية ما
بين "الأب، الأخ، الصديق، الوطن" و شفافيتها، عن الأخلاقيات "أخطاء الآباء، الأبناء، الحروب" وعن الماضي الذي يسكننا دوما و لا خلاص منه إلا بالخوض فيه.
ولا بد بعد ذلك من توجيه الشكر للمترجم على ما بذل من جهد، فجاءت الترجمة راقية وغنيّة، لكنّ هذا لا يمنع من إبداء بعض الملاحظات حولها، ولعل أهمّها أنّ المترجم اتبع طريق الترجمة المباشرة، والأسلوب الأجنبي تمام، كأن يقدم الاسم على الفعل بشكل مطلق، فجاءت بعض الجمل ركيكة وضعيفة البناء أشير هنا مثلا في ص 26 إلى قوله:"إنّها حقيقةٌ أنّ أبي كان يفرك وجه كل من كان يهزأ به بالإشارة إليها أميرتي" أو قوله في ص 29 :"تسرق حق زوجته بزوج، من أطفاله تسرق أباهم" أو قوله ص65" تخيّلتنا نذهب نزهة الجمعة في سيارة بابا" أو قوله :" ثريا وأنا قمنا بالأوروسي خاصتنا". أو قوله ص 31:"إعاقة شنيعة لفريقي كنت" أو استعمال قلت في آخر الجملة في متن الحوار وهذا وارد باستمرار:كقوله ص 28"اتركنا نذهب آصف قلت ":ـ أوه أنتم تزعجوني قال آصف" .
أمّا عن الأخطاء النحوية فهي أكثر من أن تحصى، وهذه الهنة تقع بلا شك على التدقيق اللغوي الضعيف لدار النشر (دال)، والتي كما يبدو لم تعطِ العمل حقه في التدقيق والتصحيح، استعجالا للنشر فجاء مشوّها لغويا ونحويا، فعلى سبيل المثال لا الحصر لم أر في تدقيق الدار خبرا مرفوعا للحروف المشبهة بالفعل مثل قولهم: "لأنّ الأفغانَ ميالين" ص23 " انهم جميعا مخطئين ص 26" أو اسما مرفوعا لكان:"كان لدي اعتراضًا" ص 144وغيرها:" مع أمّها وسيّدتان ص179) وقولهم:" كنّا أطفال !ص 349" أو : " لكنّ الجار قال أنّ الطلبانيّان...؟ 219) كلّ ذلك انعكس سلبا على ترجمة الرواية. ولو كان هناك قليل من المسؤولية لدى الدار لتم تجاوز ذلك بالصبر والتأني. أمّا الأخطاء الإملائية فحدّث ولا حرج.
ومع ذلك فما أوردته لا ينقص من قيمة العمل الروائي المبدع والمميز والجذاب، والذي يشدّك ويجذبك لمتابعة أحداثها بلا توقف حتى النهاية، وما كان هذا ليحدث لو لم تكن ترجمة العمل من ناحية المضمون جيّدة.
مشاهد من فيلم «عدًاء الطائرة الورقية» المأخوذ عن رواية للكاتب الافغاني خالد حسيني. أوردت وكالات الانياء أن شركة إنتاج الفيلم اضطرت لترحيل الاطفال ابطال الفيلم الى خارج أفغانستان خوفا على سلامتهم
فيلم من تسعة اجزاء.. كل جزء 15 دقيقة.. تمتع بمشاهدة فيلم "عدّاء الطائرة الورقية"
2
3
4
5
6
7
8
9 الاخير
لتحميل الرواية من
هنــــــا
هنــــــا
الف شمس مشرقة رواية لـ خالد حسيني