الغضب وعلاجه عند آل البيت عليهم السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
الله اكبر الله اكبرالله اكبر
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرج ال بيت محمد
موفقين بارك الله فيكم يا أنصارالحق
الغضب وعلاجه عند آل البيت عليهم السلام
الغضب وعلاجه
وهو: حالة نفسية، تبعث على هياج الإنسان، وثورته قولا أو عملا. وهو مفتاح الشرور، ورأس الآثام، وداعية الأزمات والأخطار. وقد كثرت الآثار في ذمه والتحذير منه:
قال الصادق(عليه السلام): (الغضب مفتاح كل شر) (الكافي).
وإنما صار الغضب مفتاحا للشرور، لما ينجم عنه من أخطار وآثام، كالاستهزاء، التعيير، والفحش، والضرب، والقتل، ونحو ذلك من المساوئ.
وقال الباقر(عليه السلام) : (إن الرجل ليغضب فما يرضى أبدا حتى يدخل النار)(الكافي).
وقال أمير المؤمنين(عليه السلام) : (واحذروا الغضب، فإنه جند من جنود إبليس)(نهج البلاغة).
بواعث الغضب
لا يحدث الغضب عفوا واعتباطا، وإنما ينشأ عن أسباب وبواعث تجعل الإنسان مرهف الإحساس، سريع التأثر.
1 ـ قد يكون منشأ الغضب انحرافا صحيا، كاعتلال الصحة العامة، أو ضعف الجهاز العصبي، مما يسبب سرعة التهيج.
2 ـ وقد يكون المنشأ نفسيا، منبعثا عن الإجهاد العقلي، أو المغالاة في الأنانية، أو الشعور بالإهانة، والاستنقاص، ونحوها من الحالات النفسية، التي سرعان ما تستفز الإنسان، وتستثير غضبه.
3 ـ وقد يكون المنشأ أخلاقيا، كتعود الشراسة، وسرعة التهيج، مما يوجب رسوخ عادة الغضب في صاحبه
أضرار الغضب
للغضب أضرار جسيمة، وغوائل فادحة، تضر الإنسان فرداً ومجتمعاً، جسميا ونفسيا، وماديا وأدبيا. فكم غضبة جرحت العواطف، وشحنت النفوس بالأضغان، وفصمت عرى التحابب والتآلف بين الناس. وكم غضبة زجت أناسا في السجون، وعرضتهم للمهالك، وكم غضبة أثارت الحروب، وسفكت الدماء، فراح ضحيتها الآلاف من الأبرياء.
كل ذلك سوى ما ينجم عنه من المآسي والأزمات النفسية، التي قد تؤدي إلى موت الفجأة.
والغضب بعد هذا يحيل الإنسان بركانا ثائرا، يتفجر غيضا وشرا، فإذا هو إنسان في واقع وحش، ووحش في صورة إنسان.
فإذا بلسانه ينطلق بالفحش والبذاء، وهتك الأعراض، وإذا بيديه تنبعثان بالضرب والتنكيل، وربما أفضى إلى القتل، هذا مع سطوة الغاضب وسيطرته على خصمه، وإلا انعكست غوائل الغضب على صاحبه، فينبعث في تمزيق ثوبه، ولطم رأسه، وربما تعاطى أعمالا جنونية، كسب البهائم وضرب الجمادات.
علاج الغضب
1 ـ إذا كان منشأ الغضب اعتلالا صحيا، أو هبوطا عصبيا كالمرضى الشيوخ ونحاف البنية، فعلاجهم ـ والحالة هذه ـ بالوسائل الطبية، وتقوية صحتهم العامة، وتوفير دواعي الراحة النفسية والجسمية لهم، كتنظيم الغذاء، والتزام النظافة، وممارسة الرياضة الملائمة، واستنشاق الهواء الطلق، وتعاطي الاسترخاء العضلي بالتمدد على الفراش.
كل ذلك مع الابتعاد والاجتناب عن مرهقات النفس والجسم، كالاجتهاد الفكري، والسهر المضني، والاستسلام للكآبة، ونحو ذلك من دواعي التهيج.
2 ـ لا يحدث الغضب عفوا، وإنما ينشأ عن أسباب تستثيره، أهمها:
المغالاة في الأنانية. الجدل والمراء، الاستهزاء والتعيير، المزاح الجارح. وعلاجه في هذه الصورة باجتناب أسبابه، والابتعاد عن مثيراته جهد المستطاع.
3 ـ تذكر مساوئ الغضب وأخطاره وآثامه، وأنها تحيق بالغاضب، وتضر به أكثر من المغضوب عليه، فرب أمر تافه أثار غضبة عارمة، أودت بصحة الإنسان وسعادته.
يقول بعض باحثي علم النفس: دع محاولة الاقتصاص من أعدائك، فإنك بمحاولتك هذه تؤذي نفسك أكثر مما تؤذيهم ... إننا حين نمقت أعدائنا نتيح لهم فرصة الغلبة علينا، وإن أعدائنا ليرقصون طربا لو علموا كم يسببوا لنا من القلق وكم يقتصوا منا، إن مقتنا لا يؤذيهم، وإنما يؤذينا نحن، ويحيل أيامنا وليالينا إلى جحيم(دع القلق وابدأ الحياة).
وهكذا يجدر تذكر فضائل الحلم، وآثاره الجليلة، وأنه باعث على إعجاب الناس وثنائهم، وكسب عواطفهم.
وخير محفز على الحلم قول الله عز وجل:((ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم))(فصلت: 34 ـ 35).
4 ـ إن سطوة الغضب ودوافعه الإجرامية، تعرض الغاضب لسخط الله تعالى وعقابه، وربما عرضته لسطوة من أغضبه واقتصاصه منه في نفسه أو ماله أو عزيز عليه، قال الصادق(عليه السلام): (أوحى الله تعالي إلى بعض أنبيائه: ابن آدم اذكرني في غضبك أذكرك في غضبي، لا أمحقك فيمن أمحق، وأرض بي منتصرا، فإن انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك)(2 الكافي).
5 ـ من الخير للغاضب إرجاء نزوات الغضب وبوادره، ريثما تخف سورته، والتروي في أقواله وأفعاله عند احتدام الغضب، فذلك مما يخفف حدة التوتر والتهيج، ويعيده إلى الرشد والصواب، ولا ينال ذلك إلا بضبط النفس، والسيطرة على الأعصاب.
قال أمير المؤمنين(عليه السلام): (إن لم تكن حليما فتحلم، فإنه قَل من تشبه بقوم إلا أوشك أن يكون منهم)(3 نهج البلاغة).
6 ـ ومن علاج الغضب: الاستعاذة من الشيطان الرجيم، وجلوس الغاضب إذا كان قائما، واضطجاعه إن كان جالسا، والوضوء أو الغسل بالماء البارد، ومس يد الرحم إن كان مغضوبا عليه، فإنه من مهدئات الغضب.
نسالكم الدعــــاء