العزم في اللغة بمعنى الجد والصبر وإرادة الفعل والعزم والصديمة في الأمور والتحمل والإصرار على الشيء والوثوق بالقوة على الشيء، كما يطلق على الموفي بالعهد أنه من أهل العزم، ويقال للفرائض والأوامر اللازمة والحقوق عزائم، وتطلق العزائم ويراد منها الأقسام ولذلك تطلق على الرقي لأنها يعزم ويقسم بها على الجن والأرواح.
والظاهر من مجموع الاستعمالات أن العزم هو عقد القلب بنحو أكيد ومستوثق على فعل شيء جوارحي أو جوانحي.
اختلف العلماء والمفسرون فيمن هم أولو العزم من الرسل على أقوال:

الأول: إنهم خمسة، وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى والنبي محمد (ص).

الثاني: إنهم أربعة، نوح وإبراهيم وهود والنبي محمد (ص).

القول الثالث: إنهم ستة وهم نوح وإبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف وأيوب.

القول الرابع: إن أولي العزم هم الأنبياء الذين أمروا بالجهاد وأظهروا والمكاشفة وهم ستة نوح وهود وصالح وموسى وداود وسليمان.

القول الخامس: إن أولي العزم هم جميع الرسل.

القول السادس: إن أولي العزم هم الرسل الذين ذكرتهم سورة الأنعام من آية 83 – 90 وهم ثمانية عشرة رسول، وهناك أقوال أخرى أعرضنا عن ذكرها خشية الإطالة.

والذي عليه مذهب أهل البيت (ع) هو القول الأول وقد دلت على ذلك الروايات الكثيرة من طرق أهل البيت (ع) وكذلك من طرق العامة حيث نقلوا عن ابن عباس إن أولي العزم هم الخمسة المذكورون في القول الأول.

ومنشأ إطلاق أولي العزم على خصوص هؤلاء الرسل الخمسة يتضح مما روى عن الإمام أبي الحسن الرضا في عيون الأخبار قال: (إنما سُميَّ أولوا العزم أولي العزم لأنهم كانوا أصحاب العزائم والشرايع)(1).

وفي تفسير القمي أنّ منشأ تسميتهم بأولي العزم هو أنهم سبقوا الأنبياء إلى الإقرار بالله وأقروا بكل نبيِّ كان قبلهم وبعدهم وعزموا على الصبر مع التكذيب والأذى.

وقد ذكر بعضهم أن منشأ تسميتهم بأولي العزم يلاحظ أن المراد من العزم هو الصبر ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ ولذلك كان أولوا العزم هم جميع الرسل فتكون (من) في قوله تعالى: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ بيان لأُولي العزم وليست تبعيضية.

وهناك قول أخر هو منشأ التسمية بأولي العزم هو أن العزم بمعنى الوفاء بالميثاق المأخوذ من الأنبياء، وهذا يناسب القول بأن أولي العزم هم جميع الرسل.

إلا أن القول الذي ينبغي اختياره هو أن منشأ الإطلاق هو ما ورد في عيون الأخبار عن الإمام الرضا (ع) وأنَّ أولي العزم هو أحد أصحاب العزائم والشرايع إذ أن ذلك هو منطبق الروايات الكثيرة والواردة عن الرسول الكريم (ص) والأئمة (ع) وأن أولي العزم هم سادة الأنبياء وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (ص).

فالتعبير لا يخضع للإستظهارات بعد أن تصدى الرسول (ص) والأئمة (ع) لبيان المراد منه، على أنَّ القضية الحقيقية على أن المنشأ المذكور يناسب المدلول اللغوي.

كما أنه لا يتنافى مع ما ورد في تفسير القمي، إذ من الممكن جدًا أن يكون منشأ اختصاصهم بالشرائع دون غيرهم هو أنهم سبقوا الأنبياء بالإقرار.


الميزان ج2 / ص145.