TODAY - December 20, 2010
صورتان معكوستان بين النُبلِ والحقد
سلاما عليك ابا الشهداء
سيدي أترعتني دنياك حتى إذا جئت أناجيك أجفلت ألواحي
وتهاوى شعري أمام خطيب عبقري أقمته من جراحِ
لم تفجر لضاك يهدر بالحق لتروي قرائح المُدّاحِ
بل لنُحيى سعيرة مارداً يبعث للمجد سلماً من أضاحي
ويذيب الليل العتي بما يبعث في قلبه من الارواحِ
روّنا إننا ضماءُ إلى طف جديد يعيدنا الى الكفاح
اول ما طرح ابو الشهداء في كربلاء.. لقد طرح معركة القيم قبل معركة الدم, خرج ابو الشهداء فنظر الى جيش كأنه السيل الجارف اقبل يمينا وشمالا الى ان احاط بالمخيم وملأ الساحة ووقف ينظر الجيش كانه السيل فرفع راسه الى السماء قال:
اللهم انت ثقتي في كل كرب ورجائي في كل شدة وانت لي في كل امر نزل بي ثقة وعدة الهي كم من كرب يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدو انزلته بك وشكوته اليك رغبة فيك عمن سواك ففرجته وكشفته فانت ولي كل نعمة ومنتهى كل رغبة وصاحب كل حسنة.
ثم اطال النظر الى الجماهير وندت في عينيه الكريمتين دمعة فهرولت اليه اخته في الكفاح زينب قالت ابا عبد الله هذا موقف ماعهدتك تقف مثله ارى عينيك قد دمعتا حزنا وانا اعرف صلابتك
قال لها انا ابكي لاجلِ هؤلاء يدخلون النار بسببي.
تأمل الصورة الاولى
رجلٌ وقف يبكي لان هؤلاء سيدخلون النار بسببه
هذا نموذج من مزاج ارجو ان نضعه جانباً
ونضع بالجانب الآخر مزاجا آخر..
ارسلت هند خلف وحشي قالت:
ياوحشي
لقد قتل لي محمد آباءاً تكرع انوفهم قبل شفاههم بالماء
واريد منك ان تاخذ لي بثأري
ولا ثأر لي الا واحد من ثلاثة
محمد , علي او حمزة بن عبد المطلب
يقول:
فاقبلت وجعلت أترقب
فرأيتُ محمد تحيطُ به جماعته أينما ذهب ولا سبيل الى الوصول اليه.
ونظرت الى علي ابن ابي طالب فرأيته حذراً مرساً كثير الألتفات كأنما عيناه في ظهره فقلت لا سيبل الى الوصول اليه.
ورأيت حمزة عن بعد وكنت أرآه قبل ذلك وبقيت أترقب الى أن حمل ونَدَّت به فرسه الى المشرعة قزلقت وسقط الى الأرض فرأيتها فرصتي فهززتُ الحربة حتى اشتفيت منها ثم طعنته طعنة أتت عليه
سمعتُ اصحابه ينادونه أبا عمارة أبا عمارة وهو لا يجيبهم فأدركتُ أنَ الطعنةَ قد أتَتْ عليه
عدْتُ الى هند أخبرتها
يقول:
اقبلت
وهنا موضع الشاهد
عمدت الى سكين أخرَجَتها مَرقَت بطنه,قطعت اصابعه, جدعت انفه واذنيه, وعمدت الى جملة من اعضائه شوهتها ثم آوت الى الكبِد فلم يبرد لها غليل حتى وضعت الكبِد في فمها تلوكها
يقول احد الشعراء
أعْمَلت ذِئبةُ النساءِ بكبِدِ الليثِ نابا لعلَ تُشفي الغليلا
فدعيها للدودِ اطهرُ نفسا منكِ يا هند واتركِ المأكولا
زوجكِ الذئبُ كان اطهرُ نفساً والخسيسُ المرذولُ يهوى الرذيلا
كالعريسِ السكير عبَّ الشمولا , أوليسَ السِرحان جدُ يزيدٍ أورثَ الوِلْد طبعه والهَيولا
انظر الى يمينك والشمال
نقل بصرك بين هذين المنظرين
عين تند فيها الدموع لان قاتلها سيدخل النار بسببها
وعين تَقَرْ وتنادي رافعة عقيرتها وتنادي نحن جزيناكم بيومِ بدرِ
رجل يبكي لاجلِ قاتليه
و
امراة وقفت على قتيل بعد ان قُتل
أرأيت النفس الكبيرة عندما تسمو وتكبر كيف تعلو على الحقد أرأيت النفس الكبيرة كيف تابى ان تقاضي من جاء لقتالها
ايُّ نسبة بين هذين الموقفين واي مجال للمقارنة بين هذين المزاجين سوى
ان هنا انعكاسات روح النبوة
وهنا انعكاسات روح الجاهلية
وشتان بين هذا وهذا
واي قيمة يمكن ان تطرح في موقف اثمن من هذه القيمة
وقف الحسين ليضرب اسمى الامثلة في النُبل وليرتفع على من خرج لقتاله
واحدة من المفردات التي احتضنتها واقعة الطف
وقف الحسين ينظر الى من جاء معه
آل جعفر وآل علي وأل عقيل
جاء بالنخبة حملهم عن اصرارا وعزيمة قدمهم الواحد تلو الاخر للشهادة دفاعا عن دينهم وانصياعا لامر الله عز وجل
هكذا هي الصورة التي رسمها لنا
أبا الشهداء
قدم الحسين عليه السلام القرابين من آل محمد
دنياه منذ ان بدات مفعمة بالعطاء المتفجر
يا ابا الطفِّ، وازدهى بالضحايا
من أديم الطفوف، روض خضيلُ
نخبة من صحابة، وشقيق
ورضيع مطوَّق، وشبولُ
والشباب الفينانُ جفَّ وغاضت
طلعة حلوة ووجه جميل ُ
وتمشّيت تستبين الضحايا
وزواكي الدماء منها تسيلُ
ومشت في شفاهك الغرِّ نجوى
نمّ عنها التحميد والتهليل ُ
لك عتبى يا ربِّ إنْ كان يرضيـكَ
فهذا الى رضاك قليلُ
كتابة الفكرة والابيات الشعرية مقتبسة من العلامة الوائلي
طيب الله ثراه