تموج شبكة الإنترنت بالكثير من المواقع التي تُشكل خطورة على الأطفال، مثل المواقع الإباحية أو مشاهد العنف أو ما يُعرف باسم المهاجمة الإلكترونية.

وتوجد باقة متنوعة من برامج الفلاتر التي توفر حماية للأطفال أثناء تصفح الإنترنت، بالإضافة إلى وظائف حماية الأطفال في أنظمة التشغيل. غير أن هذه الوسائل التقنية لا توفر حماية مطلقة للأطفال. لذا ينصح الخبراء الآباء بمرافقة أطفالهم في أولى خطواتهم في عالم الإنترنت.

وتقول بريغيت كيميل، من مبادرة الاتحاد الأوروبي لأمان الإنترنت (Klicksafe)، إن هناك مجموعة من برامج الحماية تُسمى ببرامج الفلاتر، تقوم على فكرة القوائم البيضاء والقوائم السوداء. وأوضحت كيميل أن برامج “القائمة البيضاء” تسمح بالوصول إلى المواقع الإلكترونية التي قام الخبراء بتصنيفها على أنها مناسبة للأطفال، في حين يتم حظر الوصول إلى جميع مواقع الويب الأخرى، وبالتالي يتحرك الطفل في نطام محمي.

وغالباً ما يتمكن الآباء من توسيع القائمة البيضاء من خلال إتاحة الوصول إلى بعض الصفحات الإلكترونية المختارة، مثل المواقع الإخبارية، وتقول كيميل :”أنظمة القائمة البيضاء تناسب الأطفال حتى عمر 10 سنوات، أما مع الأطفال الأكبر سناً فإن الموضوع محل جدل ومناقشة؛ لأنهم يضطرون إلى الحصول على إذن مع كل صفحة يرغبون في زيارتها”.

القائمة السوداء

ولذلك فإن أنظمة القائمة السوداء تعتبر هي الأكثر ملاءمة للأطفال الأكبر سناً، حيث يمكنهم بشكل أساسي استدعاء جميع المواقع الإلكترونية، باستثناء الصفحات التي تشتمل على محتويات إباحية أو مشاهد عنف، ويتم حظر الوصول إلى مثل هذه المواقع.

ويلتقط أكسيل كوسيل، من مجلة «c’t» المتخصصة في الكمبيوتر والصادرة بمدينة هانوفر الألمانية، طرف الحديث ويقول :”نظراً لكثرة المواقع الإلكترونية فإن أنظمة الفلاتر هذه لا توفر حماية مطلقة للأطفال. علاوة على أنه يتم إضافة مئات الصفحات الإلكترونية الجديدة كل يوم”. وهنا يتعين على الآباء التشاور مع الأبناء بشأن ضرورة مراقبة سجل مواقع الإنترنت التي يتم زيارتها.

وغالباً ما تجمع برامج أمان الأطفال ما بين نظامي الفلاتر أو أنها تتيح إمكانية التحويل من القائمة البيضاء إلى القائمة السوداء أو العكس. بالإضافة إلى أنها تعمل في أغلب الأحيان عن طريق أنظمة الحظر الأوتوماتيكية، التي تقوم بحظر المواقع الإلكترونية التي تشتمل على الكلمات الممنوعة، التي تشير إلى المحتويات غير المناسبة، لكنها لا توجد في القائمة.

فلاتر خادعة

وأضاف كوسيل :”تعتبر الفلاتر من الوسائل الجيدة جداً، لكنها قد تقوم بحجب بعض المواقع الإلكترونية التي تكون مناسبة جداً للأطفال”، مؤكداً أنه لا يوجد برنامج حالياً يوفر حماية مطلقة للأطفال، معللا ذلك بقوله :”توجد طرق لخداع أي فلتر”. وحتى لا يتمكن الأطفال من إيقاف النظام بسهولة، ينبغي تأمينه بواسطة كلمة مرور. وتنصح كيميل :”يُفضل بشكل عام إنشاء حساب مستخدم خاص لكل طفل على جهاز الكمبيوتر، حتى لا يتوافر للأطفال حقوق مدير النظام، بالتالي يتمكن من تغيير إعدادات جهاز الكمبيوتر”.

وأوضح الخبير الألماني كوسيل أن الشباب الأكثر خبرة في تصفح الإنترنت يمكنهم من الناحية النظرية تشغيل جهاز الكمبيوتر بواسطة نظام تشغيل خارجي مخزن على وحدة تخزين USB أو أسطوانة DVD، وبالتالي يتم تجنب وظيفة الفلتر. ولكن الآباء يمكنهم منع هذه الحيلة في نظام إدارة مكونات جهاز الكمبيوتر (نظام الإدخال والإخراج الأساسي “BIOS” أو نظام UEFI).

وللقيام بذلك يجب تغيير ترتيب الإقلاع، بحيث يصبح القرص الصلب الداخلي في المرتبة الأولى. بالإضافة إلى ضرورة تحديد كلمة مرور لمنع وصول الأبناء إلى إعدادات نظام إدارة مكونات جهاز الكمبيوتر BIOS أو UEFI. ويتمكن المستخدم من الوصول إلى القائمة التي تتيح له القيام بذلك عن طريق الاحتفاظ بالزر F2 أو الزر Delete مضغوطاً بعد بدء التشغيل.

وأشارت بريغيت كيميل إلى أن فلاتر حماية الأطفال لا يمكنها فعل أي شيء حيال محادثات الدردشة أو رسائل البريد الإلكتروني التي تشتمل على محتويات غير مناسبة للأطفال أو قد تُشكل خطورة عليهم. كما تتوافر في الوقت الحالي تطبيقات فلاتر مُخصصة للهواتف الذكية والحواسب اللوحية. ولكن الخبير الألماني كوسيل أوضح :”برامج حماية الأطفال على الأجهزة الجوالة لا تزال في مراحلها الأولى”، مشدداً على ضرورة مرافقة الآباء لأبنائهم أثناء تصفح الإنترنت وخاصة عن طريق الأجهزة الجوالة.

وبشكل عام ينبغي على الآباء عدم الاعتماد فقط على برامج حماية الأطفال، وتقول كريستين لانغير، من مبادرة «راقب ما يفعله طفلك بالميديا» بالعاصمة الألمانية برلين، :”يمكن لبرامج الفلاتر أن تساعد الآباء من الناحية التقنية، إلا أن التربية عن طريق الميديا لا يمكنها أن تحل محل دور الآباء على الإطلاق”. ولذلك من الأمور المهمة مرافقة الآباء لأطفالهم أثناء تصفح الإنترنت لتوضيح العلاقات بين الموضوعات وتحذيرهم من المخاطر، ومساعدتهم في حل المشكلات التي قد تظهر.

وأشارت الخبيرة الألمانية إلى أن الأعداد الهائلة لمواقع الأطفال على الإنترنت يمكن أن تثقل كاهل الطفل بسهولة، لذلك ينبغي على الآباء تحديد الصفحات الجيدة بمشاركة أطفالهم، وبعد ذلك يمكن زيادة هذه المواقع تدريجياً أو إنشاء قائمة سوداء للمواقع غير المناسبة أو تحديد فترة زمنية معينة لتصفح الإنترنت.