TODAY - December 20, 2010
نصحوا بـ «التدرج» في تنفيذ البرنامج الى جانب توفير غطاء قانوني يحمي الشركات المستثمرة
خبراء: خصخصة الكهرباء ستجبر المستهلك على الترشيد.. وتخلص الحكومة من الفشل في قطاع الخدمات
بغداد – مازن الزيدي
رحب خبراء واقتصاديون عراقيون امس الاحد، بـ"خصخصة تدريجية" لقطاع الكهرباء وباقي القطاعات القابلة لذلك، معتبرين ان الخصخصة من شأنها تغيير ثقافة المستهلك العراقي "التي تميل الى التبذير واهدار الموارد الوطنية". فيما شددوا على ضرورة التعاقد مع شركات عالمية كبيرة لتقديم خدمات متطورة، في ظل عجز الحكومة عن النهوض بواجبها في هذا المجال، ما قاد الى ان "يفقد المواطن ثقته بالجهات الرسمية عندما تتحدث عن تقديم الخدمات".
وكان الوكيل الاقدم لوزارة الكهرباء رعد الحارس كشف لـ "العالم" امس الاول، عن برنامج حكومي لخصخصة قطاع الكهرباء بدأ باحالة 4 محطات لتوليد 2750 ميغا واط ضمن جولة تراخيص اولى عرضتها الوزراة على اكثر من 20 شركة اجنبية، مشيرا الى ان "شحة التخصيصات" ادت الى احالة هذه المحطات التي تمثل 10 % من قطاع الطاقة الى الاستثمار الاجنبي.
وعبر الاكاديمي والخبير الاقتصادي ميثم لعيبي، في حديث مع "العالم" عن ترحيبه بـ "خصخصة قطاع الكهرباء"، مؤكدا انه مع "خصخصة جميع الخدمات القابلة للتجزئة وليس الكهرباء فقط". واضاف "الاصل في خدمة الكهرباء ان يقدمها القطاع الخاص لا الدولة، لان الطاقة ليست خدمة اصيلة تتكفل الدول بتقديمها، فالدول ملزمة بتقديم خدمات كالأمن والقضاء وامور اخرى ليس بينها الكهرباء".
واخفقت الحكومة العراقية خلال الاعوام الثمانية الماضية، رغم عشرات المشاريع التي كلفت نحو 20 مليار دولار، في معالجة النقص المستمر. ولا تجهز الشبكات الحكومية الا نحو اربع ساعات يوميا من الطاقة الوطنية، ولا سيما في فصل الصيف، فيما يعتمد اغلب العراقيين على المولدات الاهلية لتأمين طلبهم.
واشار لعيبي الى ان "خصخصة اي قطاع تعني تقديم خدمات افضل للمستهلك الذي سيدفع ثمنها، بدلا من الخدمات الرديئة التي تقدمها له الدولة بشكل مجاني". وتابع ان "دافع الربح سيفرض على الشركات المستثمرة تقديم خدمات جيدة لقاء اجور قد تكون مرتفعة، وارى ان المستهلك العراقي قادر على دفع ثمن تلك الخدمات".
ولفت الاكاديمي الى ان "الدفع سيعني ترشيد الاستهلاك الذي نفتقده في الوقت الحاضر، على اعتبار ان العراقيين تعودوا على الاستهلاك غير العقلاني وهذا يستنزف الكثير من موارد الدولة".
واردف ان "المستهلك المحلي قبل عقد التسعينات كان يدفع اجورا مرتفعة نسبيا لقاء الماء والكهرباء، لكن ضعف القانون ورداءة الخدمات فيما بعد زادا من نسب الاستهلاك وفسحا المجال لتنصل المستهلك المحلي عن دفع الفواتير المستحقة".
وتوقع لعيبي "حل ازمة الكهرباء خلال سنوات قليلة"، اذا ما تم البدء ببرنامج الخصخصة، لكنه شدد على أهمية "التدرج في خصخصة القطاعات الخدمية، عبر دخول الدولة كشريك مع الشركات الاستثمارية، وممارستها رقابة تسعيرية على تلك الشركات كمرحلة اولى".
وختم لعيبي بالقول "يمكن للشركات الحكومية ايضا الدخول كمستثمر وجباية الضرائب لقاء الخدمات التي تقدمها للمستهلك وفق معادلة استهلاك اكثر يساوي دفعا اكثر، وبالعكس".
ويحتاج العراق الى 15 الف ميغا واط، فيما يبلغ انتاجه الفعلي 7 آلاف ميغا واط بضمنها الف ميغا واط يتم استيرادها من دول الجوار. يأتي هذا وسط توقعات رسمية بتنامي الطلب المحلي بنسبة 10 % مع بقاء وضع انتاج المنظومة الوطنية على حالها العام المقبل.
من جهته قال الخبير الاقتصادي هلال الطعان في حديث لـ "العالم" امس الاحد ان "خصخصة الكهرباء هي واقع حال يعيشه العراقيون منذ 2003، لكنني ارحب بالتوجه الرسمي لوزارة الكهرباء التي وصلت الى هذا القرار، حتى وان تم الأمر بشكل متأخر". واضاف الطعان ان "الكهرباء تستحوذ على جزء كبير من دخل المواطن عبر دفعه لوزارة الكهرباء واصحاب المولدات الاهلية، لكنه لا يحصل عليها بشكل منتظم يلبي حاجته اليومية".
واشار الى "أهمية قطاع الطاقة في التنمية الاقتصادية لانها اصبحت عصب الحياة". واردف "فضلا عن ابعادها الاقتصادية والمالية، فالدولة ملزمة بتوفير الطاقة الكهربائية لدواع اجتماعية وسياسية وامنية، لان المواطن فقد ثقته بالحكومة ومؤسسات الدولة التي تتنصل عن توفير الخدمات، ولم يعد يصدق الوعود التي تطلق".
وشدد الخبير بالشؤون الاقتصادية على "ضرورة الخصخصة المتدرجة لكي لا يتفاجأ المواطن بذلك، بالاضافة الى التعاقد مع الشركات المرموقة التي تتعهد بتقديم خدمات متفق عليها من حيث النوعية والتسعيرة".
وبشأن تعميم "خصخصة الكهرباء" على غيرها من القطاعات الخدمية، قال الطعان "استهلاكنا المحلي بلغ مستويات عالية، وغالبا ما يتسم بالتبذير والاهمال للموارد، وانطلاقا من قاعدة ان الحاجات غير منتهية فلابد من خصخصة قطاعات الماء والكهرباء والنقل وغيرها لكي يحصل المواطن على خدمة افضل مما يحصل عليه في الوقت الحاضر".
ولفت الى تجارب الدول المجاورة في مجال خصخصة بعض القطاعات بالقول "في سوريا والاردن تمت احالة بعض القطاعات كالماء والطاقة الى القطاع الخاص، فعالجوا بذلك ظاهرة التبذير، وقلصوا من الموازنة التشغيلية التي تذهب لتقديم خدمات رديئة".
وختم الخبير الاقتصادي حديثه بالقول "التحدي يتمثل في كيفية توفير غطاء قانوني يحمي عمل تلك الشركات الاستثمارية، فالتوجه نحو الخصخصة يتطلب وجود نظام مصرفي متطور واستقرار امني وسياسي، وصرامة قانونية تردع من يتعرض لتلك الشركات، بالاضافة الى تسهيلات تشجع المستثمرين لتقديم الافضل".