عَلَىَ سَماءٍ مُتَشَحِّطَةٍ بِالدَّمَاءِ
عَلَى أَرْضٍ تَعْبِقُ مِن طِيبِ سَوْسَنِهِمُ الزَّاكِي
يَجِرَّونَ قُيودَ آلامِهِم وَصَوْتُهَا المَبْحُوحِ يَصْرُخُ ثائِراً بَالإِصْطِبَار , فَغَصَّاتُ الإكْتِئَابِ تَسْتَعِرُ فِي صُدُورِهِم الفَائِضَةِ بَالأَحْزَانِ , وَعَثَرَاتُ السُّقِم تُهشَّمُ مَسِيرَتَهُم الغُربَة , فَهُم مِن نَسْلٍ فُطِـمَ عَلىَ ضِيَاءِ العَارِفِين , هُم المُمْتَحِنِن اللَّذِيِن يَأْبَـى الله لُهُم ذلَّة المَسْأَلَـةِ وَالتَّعَطُّفِ .
وَصَلَّ الرَّكبُ لِتِيِكَ الْخَرِبةِ الـ الأَشْبَهِ بَالقُبورِ المُوحِشـَة , والِّتي لاَ تَقِي مِن حَرِّ ولاَ قرٍّ , فلا تَسْمَع سَوىَ الأَنِيِن / سَوى الصُّرَاخ والعَوِيلِ والنٌّدْبَة تتمَاهى مِن يِتُمٍ إِلَى ثُكلٍ وَفَقْد ..
أيُّ فَاجِعَةٍ هَذِهِ الِّتِي أَطْبَقْتْ أِلْسِنَةُ المٌنْغَمِسينَ فِي اللَّغة ( يَصْعُبُ الوَصْفُ حَقِيقَةً ).
أَقْولَ .. اغْمِضُوا أَعْيُنَكُم وانْصُتُوا للحِكَايـَة المُفْجِعَةِ , لَرُبَّمَا تَمِرُّ الصَّورُ مِن خَاطِرِكُم وَتعُونَ عُظمَ المُصَابِ , فَتَتَلاشَى عَلىَ سِكبٍ مِنْ مَآسِيُكُم فِيُهُم (صَلَواتُ اللَّه علَيْهُمُ ) ..:-
رِجَالٌ مِنَ المُؤْمِنيِن ( بَنِي أَسَـٍد ) المَارِّيين بِالأَرْضِ الدَّامِيَـةِ , أَقْبَلُوا يَتَفَحَّصُونَ الأَجْسَادَ النَّورَانِيَّة , فهُلِعُوا جَزَعَاً وَتَحَيَّرُوا فِيِ سَبِيلِ مَوَاراتِهمِ الطَّاهِرينَ .
[مُعْجِزَةٌ]
طُوِيتِ الأَرْضُ لـِ الثَّاكِلِ السَّقيم بِعَشِيرَتِه , لَقَدْ عَادَ بَعْدَ ثلاثاً لدَفنِهِم الكِرامِ الفَائِزين , فلمَّا أقبَل والنَّحِيبُ فَائِقٌ فِي صَدْرِهِ , وَجَدَهُم حَائِرين لَا يَهْتَدُون إِلىَ مَعْرِفَةِ الأَجْسَادَ , وَقَدْ فُرَّقَ بَيْنَ رُؤُوسِهِم وَأَبْدَانِهِم بلْ وَسُلَّبوا , عَرَّفَهُم بـِ أصْلِهِم , فَبَاتُوا عَلَى إِثْرِ مَا قَالَهُ يَشِقُّونَ الجُيُوبِ , وَيَلْطِمُونَ الصُّدُور, وَيَخْمِشُونَ الوُجُوهِ حَسْرةً وَإِحْتِرَاقاً .
مَشَىَ صَاحِبُ المُصَابِ إِلَى جَسَدِ وَالِدِه يَتعْثَّر تَارَةً وَيَقُومُ أُخْرَى , (لاَ يَقْوَى ) , وَمَا إِنْ همَّ لَيرْفَعَهُ حَتَّى تَسَاقَطَتْ أَشَلاَئُهُ [ اللُّه أكبر يارسَول الله وَكَيْفَ لاَ وَالطَّعْنَةُ فَوْقَ الطَّعنة .. ! ]
جَدَّ فِي حَمْلِه مِرَاراً حتَّى سَأَلَه بَنُو أَسَدٍ عَنْ حَاجَتِهِ فِيِ الإِعَانة ؟ وَلَكِنَّهُ أَبَـى ~>
بـِ هُنَاكَ مَنْ يُعينَنِي
وَلَمَّا أقرَّهُ فِي لَحْدِهِ وَضَعَ وَجْنَتَيِهِ عَلىَ نَحْرِه وَقَال : " طوبى لأرض تضمّنت جسدك الطاهر، فإنّ الدنيا بعدك مظلمة، والآخرة بنورك مشرقة، أمّا الليل فمسهّد، والحزن سرمد، أو يختار الله لأهل بيتك دارك التي فيها أنت مقيم، وعليك منّي السلام يا بن رسول الله ورحمة الله وبركاته".
وَكَتبَ عَلَيْهِ " هذا قبر الحسين بن علي بن أبي طالب(عليه السلام)، الذي قتلوه عطشاناً غريباً".
بِـسَيرٍ مُثقلٍ مَشَـى إَلىَ مَصْرَعِ عَمَّه قََمَرِ العَشِيرَة والَّذي أَدْهَشَ حَالَهُ مَلائِكةَ السَّمَوَاتِ وَسُكَّانِ الأَرَاضيِينِ , وَوَقَع عَليِهِ يَلْثِمُ ذِكَريَاتِ الإِيثاَرِ العَلَّويَِّ مَعهُ " آآهِ ياعمَّ , على الدنيا بعدك العفا يا قمر بني هاشم، وعليك منّي السلام من شهيد محتسب ورحمة الله وبركاته". ,, وفَعَلَ بِذاتِ فِعْلِه لأَبِيهِ ,,
ثمَّ أدارَ بطِرفهِ لِبنِي أَسَدٍ والكلمَاتُ مُرمَّلَةً عَلَى شِفَاهِه وَ أَشَارَ لَهُمْ بِمَوْضِعَين , مَوْضِعٌ لِدَفْنِ شُهدَاءِ بنيِ هاشِم , وَآخَرٌ لِلأَنْصَار
فسلامُ الله عَلى تُربةً اِحْتَضَنت أجسادكم الإباءَ , لقَد فُزْتُم وَرَبِّ الْكَعْبـَة وَانْتَصَرتُ دِمَائُكم علَىَ سُيُوفِ شِيعَةِ آل أبِي سُفْيان اللُّعنَاءِ .
منقول للثواب و الفائدة