TODAY - December 18, 2010
قالت إن ثقافة ايمو تحررها من الضغوط التي تفرضها الحياة
مراهقة عراقية تتمرد على الحجاب التقليدي
بغداد
لجأت بان أو "أول ايمو نجفية" كما تحب ان تسمي نفسها الى ثقافة "ايمو" كطريقة للتحرر من الضغوط التي تفرضها الحياة عليها. وتؤكد بان ابنة الخمسة عشر ربيعا انها تريد فقط "طريقة لتفريغ ما في نفسها والتعبير عنها"، اذ هناك الكثير المطلوب منها في النجف حيث تقود تمردا بعد ان انتقلت اليها للعيش مع أهلها.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
تحب بان ابنة الخمسة عشر ربيعا فرقة موسيقية أميركية غرائبية وأفلام "الغسق" التي تدور عن مصاصي الدماء وتقوم بتزيين ثوبها الطويل وغطاء رأسها بحلى منحوتة وتطلي أظافرها باللون الأسود.
تسكن بان في المدينة الشيعية المقدسة النجف، حيث تغطي النساء أجسادهن ووجوههن بجلابيب وأغطية رأس سوداء. لكن بان ترتدي ملابس معاكسة لهذا النمط السائد.
فهي تحب ارتداء القفازات السوداء الممزقة والقمصان الفضية الشبيهة بالفراشات مع زهر أبيض معلق بسلسلة. وهي تطلي أظافر اصابع يديها باللون الأسود مع تضخيم الظلال السوداء حول عينيها.
تنتمي بان بحسب تقرير لصحيفة شيكاغو تريبيون من بغداد، إلى ثقافة هامشية انتشرت في شتى أنحاء العالم لكن بالتأكيد ليس في النجف ويسمى هذا النمط من الثقافة بـ "ايمو". وهي تميل إلى تغريب ملامحها (التي تعرف بالغوثيك). وهي تفسر كلمة "ايمو" بأنها تعني "ازدواجية تجمع ما بين البهجة والملل من الحياة". ومثل أي مراهقة في هذا السن فهي تضحك وتقهقه حين تذكر فرقتها الموسيقية المفضلة.
في بغداد تسمي نفسها بافتخار بأنها أول ايمو نجفية في حين تتكلم مع صديقاتها في المدرسة عن كونها تقود تمردا محجبا: فهي ترسم الجمجمة التي ترتديها على فردة من حذائها وفي الأخرى ترسم صورة ملاك.
تقول بان التي طلبت عدم الكشف عن اسمها العائلي: "أنا بنت من بغداد، وهنا يتطلعون إليّ عاليا".
تتناسب قصة بان مع نموذج البنت الجديدة في المدينة عدا عن أنها جاءت خارج خلفية حرب أهلية. وهي تكشف عن التنافس القائم ما بين التأثيرين الديني والغربي اللذين يسودان العراق منذ إسقاط القوات الاميركية لنظام صدام حسين قبل أكثر من 7 سنوات حين كانت بان مجرد طفلة.
وحسب صحيفة شيكاغو تريبيون، فبالنسبة لبان كان كل شيء في بغداد مثاليا قبل قيام الحرب الأهلية. كان لعائلتها انترنت وتلفزيون يلتقط محطات فضائية وكانت تستطيع أن تفعل ما تحب لكن عائلتها كانت تعيش في منطقة الدورة ذات الاغلبية السنية وفي أوائل عام 2007 وصل تأثير ما كان يدور حول الأسرة إليها. فقد أصيب والدها بجرح حين أطلق مسلح النار على سيارته. وبعد فترة قصيرة حذر الجيران والديها بأنهما ضمن قائمة الأشخاص الذين سيقتلون. عند ذلك هربت العائلة إلى النجف حيث الأمان فالأب يعمل طبيبا ويمكنه أن يجد عملا.
لكن النجف مدينة محافظة والجيران لا يحيون بان ولا أختها دينا بالطريقة التي اعتادا عليها في بغداد. كما تفتقد البنتان صديقاتهن في بغداد.
كذلك شعرت الفتاتان بأنهما أقرب إلى الموت في النجف، فكلما مات صديق أو قريب جلب جثمانه ليدفن في مقبرة المدينة الواسعة. وقالت بان إن امها لا تحب اللون الأسود لأن الكثير من الناس قد ماتوا.
في المدرسة أجبرت المدرسات بان على ارتداء غطاء الرأس وفي السنة الثانية تدهورت الأمور أكثر فأكثر، إذ أمرتها المدرسة بأن تلبس عباءة سوداء. كذلك كان كل شيء "حرام" لا طلاء للأظافر، لا مكياج. "كل شيء لا، لا ، لا" مثلما تقول آيات الله في النجف.
تقول الصحيفة إنّ بان تعرفت عبر الانترنت على تقاليد الـ "إيمو" وعند زيارتها لبغداد سألت أحد أبناء عمها إن كان "إيمو" مقبولا فكان جوابه بالإيجاب. كذلك زارت بان صديقة تحب ارتداء الجينز وأسوار الجلد الأسود وما شابهها. واتضح أنها "ايمو" أيضا.
بعد عودتها للنجف وبدء ارتداء ما يجعلها تبدو غريبة مثل "إيمو" واجهتها زميلاتها بالسخرية لكنهن تدريجيا بدأن يقلدنها بارتداء قفازات ممزقة وتعليق جماجم ومسامير حادة كانت البنات قد تعلمنها عبر الانترنت.
سمحت بان لاختها دينا أن تشرف على الألوان التي يجب أن ترتديها، وأطلقت بان عليها اسم "نقطة تفتيش الأزياء" واختها تحب الحجاب الأرجواني.
تمكنت بان أن تكسب 9 بنات من مدرستها كي يصبحن "إيموات" أو "ملائكة" وهو التعبير الذي تستخدمه لأولئك اللواتي يحببن طراز "ايمو" ولكنهن لا يرتدين دائما الثياب السوداء.
هناك بنات أخريات سخرن من القلائد التي تحمل منحوتات جماجم والتي ترتديها فتيات الـ "ايمو" قالت ذلك وهي تكركر مطلقة عليهن تسمية "الحكيمات" وهي إشارة إلى أسرة الحكيم الدينية المشهورة في النجف.
في الفترة الأخيرة استدعت مديرة المدرسة بان وصديقاتها إلى مكتبها للتحقيق مما نقلته لها إحدى المدرسات التي شاهدت وجود عبارات على مقاعدهن تقول "ايمو" و"ملائكة" وظنت أنها شفرة تشير إلى علاقة عاطفية ما. وسئلت كل بنت من مجموعة بان: "من هو الرجل الملاك الذي تحبيه".
قالت بان إن والديها دافعا عنها حين ذكّرتها المدرسة هي واختها بما يجب ارتداؤه.
مع ذلك، فإن هناك حدودا لسلطتهن فقد منعنها من ثقب اذنها ثقبين وقالت بان إنها بدأت تقلل من مكياجها لأنها لا تريد أن تسبب قلقا لوالديها.
وهي تأمل اليوم بأن تتمكن عائلتها من العودة إلى بغداد لكنها تعرف أن ذلك لا يزال خطيرا جدا. قالت بان: "نحن نريد فقط طريقة لتفريغ ما في انفسنا والتعبير عنها وأن نكون أحرارا من الضغوط التي تفرض على حياتنا. اعرف أن عمري هو 15 سنة فقط لكن هناك الكثير يطلب مني".