ابوظبي - ا ف ب
كشف متحف اللوفر في ابوظبي، المشروع المشترك بين حكومتي فرنسا والامارات، الثلاثاء عن جزء كبير من مجموعته الدائمة التي استحوذ عليها بتمويل من الامارة الغنية بالنفط وتضم اعمالا توثق الابداع البشري منذ ما قبل التاريخ الى الزمن المعاصر.
فمن الفن الفرعوني الى بيكاسو، ومن المنمنمات الاسلامية الى صفاء خطوط الفنان الهولندي الحداثي موندريان، يؤكد المتحف على طابعه "الكوني" العابر للثقافات والازمنة، فيما بعض اعماله لم يشاهد من قبل.
وتم الكشف في مبنى منارة السعديات عن اكثر من 130 عملا ضمن معرض "نشأة متحف" الذي يضم قسما كبيرا من المجموعة الدائمة التي استحوذ عليها اللوفر ابوظبي حتى الآن.
ولن يفتح المتحف الذي صممه المعماري جان نوفيل، قبل 2015، فيما يفتح المعرض ابوابه امام الجمهور بين 22 نيسان و20 تموز.
وكان المشروع اطلق ضمن اتفاق بين امارة ابوظبي والحكومة الفرنسية عام 2007. وقد نص الاتفاق على تمويل بمليار يورو من الجانب الاماراتي، مقابل استخدام اسم اللوفر في ابوظبي لمدة ثلاثين عاما وتقديم وكالة المتاحف الفرنسية خبرتها لمساعدة الامارة على الاستحواذ على مجموعة دائمة للمتحف.
كما يتضمن الاتفاق برنامج اعارة للاعمال التي يملكها متحف اللوفر الباريسي للمتحف الاماراتي.
وفي اسلوب سيعتمده المتحف في المستقبل، يقوم بوضع اعمال فنية من حقبة واحدة وانما من اماكن متباعدة جغرافيا تعكس تعبيرا فنيا متشابها في الشكل او الموضوع في ما يشبه حوارا بين الثقافات. كما يجمع بين اعمال من حقبات مختلفة تقدم تعبيرا انسانيا متشابها.
فتثمال بافاري من القرن الخامس عشر يجسد المسيح مظهرا جروحه، يتجاور مع تمثال للالهة الهندوسية شيفا من القرن العاشر.
كما يعرض تمثال لكاتب روماني من القرن الثاني مع تمال بوذي من الحقبة نفسها، ما يظهر تأثير الفنون اليونانية والرومانية على فنون آسيا في تلك الحقبة كنتيجة لحملات الاسكندر الكبير الى الشرق.
ويقدم المعرض مجموعة منمنمات من راجستان الهندية وشيراز الايرانية معا مقابل الرسومات اليابانية الدقيقة.
ومن ابرز اعمال المتحف، لوحة لبابلو بيكاسو لم تعرض قط من قبل وتمثل رسما بتقنية الصور الملصقة (كولاج) لحفيدة القصير الروسي اسكندر الثاني.
وفي قاعة مخصصة للوحات، تتجاور لوحة بيكاسو هذه مع اخرى للسوريالي رينيه ماغريت، والى جانهما لوحة "الاطفال المتصارعون" لبول غوغين، و"الغجري" لادوارد مانيه، و"العذراء والطفل" لبيليني من عصر النهضة.
وقالت امينة المعرض ومديرة امناء وكالة متاحف فرنسا لورانس ديكار لوكالة فرانس برس "ان المعرض هو ملخص لما سيكون عليه متحف اللوفر ابوظبي، وهو متحف كوني ابتكر لعصرنا ولهذه المنطقة من العالم".
وبحسب ديكار، فان المتحف سيقدم "قصة تمتد من زمن ما قبل التاريخ الى الازمنة المعاصرة، ما سيعطي الزائر الامكانية لفهم التنوع الفني في العالم خلال حقبة معينة من التاريخ".
ولا يبدو ان مجموعة اللوفر ابوظبي مقيدة بمعايير ثقافية او بمحظورات، فهي تضم اعمالا من الارث الاسلامي والمسيحي واليهودي والبوذي والهندوسي، اضافة الى بعض مشاهد العري كما في لوحه "فينوس" للويس جان فرانسوا لاغروني من القرن الثامن عشر.
وقال اوليفييه غابيه، وهو نائب ديكار، لوكالة فرانس برس "لم يكن هناك خطوط حمراء. يمكن ببساطة ان نلاحظ ذلك. انه امر يحسب لابوظبي".
وبحسب غابيه فان متحف اللوفر ابوظبي هو "متحف كوني وحصري" اذ ان بعض الاعمال لم تعرض قط من قبل، وتم الاستحواذ عليها من مجموعات فنية خاصة، لاسيما من عائلة جوزيفوفيتس الثرية المقيمة في سويسرا، وذلك بفضل "شبكة العلاقات" التي تملكها وكالة المتاحف الفرنسية التي تشرف على 12 متحفا في فرنسا وعلى رأسها اللوفر.
وتسبب المشروع غير المسبوق الذي اطلق في عهد جاك شيراك وسيؤدي لاول مرة الى تصدير اسم اللوفر الى الخارج، بجدل كبير في فرنسا.
وقالت ديكار في هذا السياق "الجدل مسألة فرنسية داخلية، ونحن الفرنسيون اقوياء جدا في الجدل، الا اننا لحسن الحظ لن نصدر هذا الجدل الى هنا".
ويجسد المتحف رغبة ابوظبي في التحول الى عاصمة ثقافية مستفيدة من العائدات النفطية الضخمة. وتتنافس الامارة خصوصا مع قطر التي تنفق، لاسيما من خلال الاسرة الحاكمة، مليارت الدولارات على المتاحف وعلى الاستحواذ على الاعمال الفنية الشديدة الشهرة.
وقالت ديكار في هذا السياق "نحن لم نسع قط للدعاية، اردنا ان نقيم متحفا يخبر قصة معينة. انه عمل جدي وفي العمق".
وسيكون اللوفر واحدا من ثلاثة متاحف كبرى على جزيرة السعديات قبالة شواطئ ابوظبي، وهو سيشكل جزيرة بحد ذاتها تعلوه قبة عملاقة قطرها 180 مترا فيها فتحات متشابكة مستوحاة من سعف النخيل وتسمح لاشعة الشمس بالدخول الى اروقة المتحف.
وسيتم افتتاح متحف زايد الوطني على جزيرة السعديات في 2016 ومتحدف غوغنهايم في 2017.