TODAY - December 18, 2010
جذورها تعود لمؤثرات يهودية وإسلامية
"الماء والنار" يميزان طقوس إحياء المغاربة ليوم عاشوراء
إشعال النار مظهر للاحتفال بعاشوراء في المغرب
الرباط
حسن الأشرف تتميز احتفالات العديد من المغاربة في عاشوراء بعادات شعبية مثيرة للاهتمام، ومن بينها عادة التراشق بالماء والذي يسمى بيوم زمزم، وأيضا عادة إشعال النار خلال الليلة التي تسبق عاشوراء مع ترديد الأهازيج الاحتفالية بهذه المناسبة من طرف الشباب وصغار السن.
ويفسر باحثون مختصون استمرار عادة تراشق المغاربة بالماء منذ سنوات عديدة خلت بكونها في الأصل "تعبير إسلامي عن قصة ماء البحر الذي انشق لموسى وأُغرق فيه فرعون وجنوده"، لكنها عادة تحولت مع مرور الزمن إلى تصرفات غير مسؤولة من طرف البعض. وتحولت عادة الرش بالماء في أحيان كثيرة إلى مصدر للإزعاج والتحرشات خاصة من طرف الشباب الذين يتعمدون رمي الفتيات والنساء بالماء من أجل التسلية أو "الانتقام".
معركة المياه
أطفال يحتفلون بعاشوراء
وفي الليلة التي تسبق يوم العاشر من شهر محرم، يعمد الأطفال والشباب في كثير من المناطق بالمغرب إلى إشعال النيران في أغصان الأشجار وفي الإطارات المطاطية.
ويطوف الشباب بالنار التي غالبا ما يشعلونها في الشوارع المهجورة أو الساحات الشاسعة والخالية مرددين أهازيجهم الخاصة بمناسبة عاشوراء بأصوات مرتفعة. ويسمى هذا الطقس "شعايلة" الذي يكون خاصا بالاحتفال بالنار، وفي الغد يتبعه طقس آخر مناقض له تماما؛ حيث يتم التراشق بالماء بين الناس في الأزقة والشوارع خاصة في الأحياء الشعبية للمدن وحتى في البوادي.
وكان أصل طقس الرش بالماء، بحسب الأشخاص كبار السن الذين عايشوا تلك الحقبة من الزمن، يتمثل في اغتسال النساء بالماء البارد في الصباح الباكر من يوم عاشوراء، اعتقادا منهن أنه بذلك ستمتلئ السنة بالخير العميم والفضل الكريم.
لكن هذا الطقس تغير بمرور السنوات، وأضحى عبارة عن تراشق بالماء بين الجيران وخاصة بين الشباب في الشوارع، تعبيرا منهم بالاحتفاء بمناسبة عاشوراء برش من تربطهم بهم علاقات الود والمحبة.
وحادت هذه العادة الشعبية عن سكتها وفرحتها المرجوة، لتصبح سلوكا استفزازيا لدى البعض حين يقصدون إيذاء المارة، لا سيما الشباب الذين يتحرشون ببعض الفتيات فيقمن بتهديدهن بسكب الماء البارد فوق رؤوسهن وإفساد ملابسهن وزينتهن.
وتقع إثر هذه السلوكيات العديدُ من الحوادث والشجارات التي أحيانا تكون غير محمودة العواقب، حيث عرفت السنة المنصرمة حادثة قتل بسبب عراك شديد بين شابين أحدهما سكب سطل ماء على أخت الشاب الثاني، كما حدث أيضا أن اُجهضت سيدة من فرط الفزع حين تم سكب الماء عليها من أحد السطوح.
أما يوم زمزم في البوادي فيتجلى في شكل آخر، إذ يقوم السكان قبل طلوع الشمس برش ممتلكاتهم الفلاحية من قبيل الحقول ومحاصيل الحبوب والآلات الزراعية وقطعان الماشية، بغية جلب الحظ للحصول على سنة فلاحية خصبة.
بصمات حضارية
ويرى إدريس هاني الباحث في الفكر الإسلامي أن هناك تعبيرات متنوعة للطقس العاشورائي في المغرب، بعضها له علاقة بالعهد الأموي، وأخرى شيعية وأخرى يهودية.
ويشرح هاني: "بالنسبة للتأثير الأموي في المغرب بخصوص هذه الظاهرة لا نكاد نجد له انعكاسا واضحا سوى فيما يبدو من مظاهر الفرح والبهجة التي تظهر من خلال بعض التعبيرات.
ويعتبر هاني أن لليهود الذين قطنوا المغرب قرونا قبل الإسلام احتفالا خاصا بهذا اليوم أيضا، مبرزا أن هناك "علاقة بين طقس الرش بالماء واحتفال اليهود بهذه الذكرى التي أنجى الله فيها موسى من فرعون وأغرق هذا الأخير.
ويتابع الباحث بالتأكيد على أن ما يسميه المغاربة بيوم زمزم ليس سوى تعبيرا إسلاميا عن قصة ماء البحر الذي انشق لموسى، وأغرق فيه فرعون وجنوده".
ويضيف هاني طقسا آخر يمتد إلى اليوم الحادي عشر من محرم، وهو يوم "الهبا والربا" حيث ينقطع التجار عن أي لون من النشاط التجاري، معتبرين أي ربح ربا وهو هباء لا بركة فيه، وهذا بعد أن تنشط التجارة في اليوم العاشر باعتبار المتاجرة فيه تأتي بالبركة، لا سيما شراء أشكال الحلوى والمكسرات وألعاب الأطفال وما شابه..".
ويخلص الباحث المغربي إلى أن موضوع التجارة، المهنة الأساسية لليهود، وقصة البركة والرش الموصولة بقصة موسى وغرق فرعون، كلها مؤشرات على آثار يهودية في صميم هذا التركيب الثقافي للطقس العاشورائي في المغرب".