الطبيعة القانونية لمجلس الدولة /
انشيء مجلس شورى الدولة خلفا لديوان التدوين القانوني بالقانون رقم (٦٥)لسنة ١٩٧٩ وليعتبر تشكيلا من تشكيلات وزارة العدل ،ضم بعد التعديل الثاني للقانون محكمتين اثنتين هما مجلس الانضباط العام ومحكمة القضاء الاداري وبحسب التعديل الخامس للقانون والصادر عام ٢٠١٣ فقد تم استبدال تسمية مجلس الانضباط العام بتسمية محكمة قضاء الموظفين واستحداث محكمة ادارية عليا تمارس الاختصاصات التي كانت منوطة بالهيئة العامة للمجلس ، ثم جاء دستور ٢٠٠٥ لينص في المادة (١٠١) منه على ان (يجوز بقانون انشاء مجلس دولة يختص بوظائف القضاء الاداري والافتاء والصياغة وتمثيل الدولة وسائر الهيئات العامة امام جهات القضاء الا ما استثني منها بقانون) والذي ينعى على النص المذكور انه جاء بصيغة الجواز في حين ان انشاء المجلس تم بالقانون رقم (٦٥)لسنة ١٩٧٩ وبالتالي اصبح وجوده واقعا غير مكذوب ،ثم ان المجلس لايمثل دوائر الدولة والهيئات العامة امام القضاء لأن هذا ليس من وظيفته بل الذي يمثلها موظفوها الذين يعملون في الدوائر القانونية لها . هذا وتنفيذا للنص المذكور فقد صدر قانون مجلس الدولة رقم (٧١) لسنة ٢٠١٧ وليجعل منه هيئة مستقلة تنعم بالشخصية المعنوية ولتنقطع صلته بوزارة العدل .لقد استعر الخلاف في الفقه والقضاء حول الطبيعة القانونية لمجلس الدولة فهناك من يعتقد ان القانون المذكور جاء مخالفا للدستور لأن كل محكمة تمارس العمل خارج النظام القضائي ومجلس القضاء الاعلى تشكل تعديا على استقلال السلطة القضائية وشكلا من اشكال المحاكم الخاصة ويرى آخرون ان النص على اعتبار مجلس الدولة هيئة مستقلة يخضع لرقابة مجلس النواب ، اما موقف المحكمة الاتحادية العليا فقد تجسد بأكثر من قرار ففي واحد منها لم تحسب مجلس الدولة جزءا من السلطة القضائية الاتحادية المنصوص عليها في الدستور لاسيما ان الذين يمارسون العمل فيه ليسوا قضاة معينين على وفق قانون التنظيم القضائي وفي قرار ثان اعتبرت المحكمة المذكورة ان تأسيس مجلس الدولة كان استنادا الى احكام المادة (١٠٨)من الدستور وبالتالي فأنه هيئة مستقلة بدليل انه لم يذكر في المادة(٨٩) من الدستور التي حددت مكونات السلطة القضائية الاتحادية . هذا وحتى نضع الأمور في نصابها فلا تتزحزح عنه ونذكر بالحقائق عسى ان تنفع الذكرى إليكم الملاحظات الآتية :-
(١) ان مجلس الدولة يمثل جهة القضاء الاداري والتي تقابل جهة القضاء العادي لأن العراق تبنى فكرة القضاء الاداري واصبح من دول النظام القضائي المزدوج ولا ريب ان للقضاء المذكور خصوصية لايتطابق فيها مع القضاء العادي والذين يمارسون وظيفة القضاء فيه يسمون بالمستشارين والمستشارين المساعدين وليسوا قضاة وهذا هو حال الدول التي اخذت بنظام القضاء المزدوج كفرنسا ومصر . ان تشكيل مجلس الدولة يقوم عل اساس التخصص بنظر منازعات تكون الادارة طرفا فيها والمسماة بالمنازعات الادارية ،تحكمها قواعد خاصة لانظير لها في القضاء العادي وهذه حقائق غمت(بضم الغين) على الكثيرين ولهذا أصبحنا نسمع اراء تنزع عنه الصفة القضائية وتعده جزءا من السلطة التنفيذية .
(٢) ان المحاكم التي يتألف منها مجلس الدولة تدخل في تعريف السلطة القضائية الوارد في المادة (٨٧) من الدستور وان عدم ذكرها ضمن مكونات السلطة القضائية الاتحادية والتي اشارت اليها المادة (٨٩) لايعني بتاتا إخراجها من منظومة السلطة القضائية الاتحادية لأن نص المادة(٨٩) احصى مكونات القضاء العادي ولم يشر الى القضاء الاداري وهذا لايعني يقينا نفي وجود الآخير.
(٣) من الخطأ اعتبار مجلس الدولة هيئة مستقلة وكفى حاله حال الهيئات المستقلة التي احصاها الدستور في المادة (١٠٢) وما بعدها لأن الهيئات المذكورة هيئات ادارية لاتمت الى القضاء بصلة فهل يجوز اعتبار مجلس الدولة منها وهو يمارس وظيفة القضاء الاداري ؟
(٤) تبدى لنا ان هناك عداء شديدا لفكرة القضاء الاداري عندنا ولهذا جرت محاولات قبل عام ٢٠٠٣ وبعده لالغائه تصدينا لها بسلاح القلم بعد ان استصرخنا بعض الاخوة في مجلس الدولة فكانت نتيجتها الفشل وبقي المجلس على قيد الحياة شامخا لأنه الملاذ الآمن للمظلومين .
(٥) بما ان المدة(١٠١) من الدستور والمتعلقة بإنشاء مجلس الدولة جاءت ضمن الفصل الثالث من الباب الثاني والمعنون ب (السلطة القضائية) فأن مجلس الدولة يعد هيئة قضائية مستقلة دون ادنى ريب ولا علاقة له بتاتا بالهيئات المستقلة المنصوص عليها في المادة (١٠٢) وما بعدها والتالي لذلك فأنه لايخضع لرقابة مجلس النواب . تلك حقائق يجب ان يعلمها الجميع فلا يماروا فيها لأنها حق اليقين .

(٣)