بعد 15 عاماً.. حكايات فتية الروبيان تعود للواجهة من سوق سمك القطيف القديم
انتصار آل تريك - القطيف 9 / 4 / 2025م - 10:17 ص
أعاد المصور الفوتوغرافي والفنان التشكيلي، محمد المهنا، إحياء ذكريات تعود إلى خمسة عشر عاماً مضت، حين جالت عدسته في أرجاء سوق الأسماك القديم بمحافظة القطيف، لتوثق في ريبورتاج فوتوغرافي مؤثر تفاصيل الحياة اليومية، وملامح الطفولة الممزوجة بمسؤولية العمل، وسيرة فتية صغار امتهنوا بجد تنظيف وتقشير الروبيان خلال مواسم الصيد الوفيرة وازدحام السوق.
المهنا، ابن مدينة الأحساء الذي يُعرف بعشقه العميق لتفاصيل الحياة اليومية والتقاط المشاعر الإنسانية، يجد في الأسواق الشعبية مساحة غنية ونابضة بالحياة، قال: ”كنت ولا زلت أعشق حياة الناس واقتناص مشاعرهم في كل نواحي الحياة، والأسواق وزحمتها تمثل ديباجة الحياة بكل عناصرها“.
وعن سر تركيزه على سوق الأسماك بمحافظة القطيف في ذلك المشروع التوثيقي، أوضح المهنا لـ ”جهات الإخبارية“، أن ما استوقفه بشكل خاص هو مشاهدة الأطفال واليافعين وهم يقتحمون عالم العمل في السوق، مزاولين مهناً بسيطة تعينهم على تلبية احتياجاتهم، وكان أبرزها مشهد تنظيف وتقشير الروبيان خلال مواسم وفرته، حيث كان السوق يعج بالمتسوقين والباعة.
وأضاف أنه انطلق في توثيق هذه اللحظات الإنسانية الصادقة بعدسته، مدفوعاً بإدراكه بأن هذه المشاهد الاجتماعية الحية قد تتلاشى مع مرور الوقت وعوامل التغيير، وهو ما حدث بالفعل بعد عدة سنوات حين تم نقل السوق إلى موقع آخر.
وأكد قائلاً: ”بقيت الصور شاهدًا على زمن مضى ووجوه صنعت مجدها بعرق الطفولة“.
وأشار المهنا إلى تفاعل الفتية الإيجابي مع وجود الكاميرا، حيث لم يبدوا أي انزعاج، بل أظهروا وعياً لافتاً بأهمية ما تقوم به العدسة.
وعلق على تجربتهم قائلاً: ”هؤلاء الفتية لم يضيعوا سنواتهم في اللهو، بل كانوا في مصانع الرجال يتعلمون قيم العمل والاعتماد على النفس“.
وعن هدفه من استعادة هذا الأرشيف الفوتوغرافي وعرضه الآن، بيّن المهنا أن رغبته تكمن في أن تصل هذه الصور إلى أصحابها الذين كبروا الآن، ليستعيدوا من خلالها جزءاً من أجمل ذكريات طفولتهم.
ووجه رسالة للمصورين الشباب، شدد فيها على أهمية المبادرة بتأسيس مشاريع فوتوغرافية توثق تفاصيل الحياة اليومية والمجتمعية المحيطة بهم، لتظل هذه الأعمال مرجعاً بصرياً قيماً يحفظ الذاكرة الجماعية للأجيال القادمة.
يُشار إلى أن الفنان محمد المهنا يعد من الأسماء الفوتوغرافية المرموقة في المملكة، وهو عضو مؤسس في عدد من الجمعيات والجماعات الفوتوغرافية في كل من الأحساء والقطيف، كما حاز على جوائز محلية ودولية متعددة، وساهم في إثراء الساحة الفنية من خلال تقديمه لورش عمل ودورات تدريبية متخصصة في التصوير الفوتوغرافي بعدد من الجامعات والمؤسسات السعودية.
![]()