رحلة إلى دير سانت كاترين: اكتشف أقدم دير في العالم وسط جبال سيناء


دير سانت كاترين
دير سانت كاترين أقدم دير في العالم، الذي يقف شامخًا أسفل جبل كاترين، محاطًا بروحانية خاصة وهدوء لا مثيل له. فحينما تخطو قدماك داخل صحراء
جنوب سيناء تشعر وكأنك تعود بالزمن إلى الوراء، هنا، في أحضان الجبال الشاهقة، تختبئ هذه القطعة الفريدة من التاريخ التي لم تتغير عبر القرون.
لم يكن الدير مجرد مكان ديني أو أثر تاريخي، بل تجربة روحية، تأخذك بعيدًا عن صخب الحياة لتعيد اكتشاف ذاتك وسط الجبال والصمت المقدس.


تفاصيل زيارة دير سانت كاترين
1- الطريق إلى دير سانت كاترين

  • كانت رحلتنا إلى الدير تبدأ من شرم الشيخ، حيث استقللنا حافلة مخصصة للرحلات السياحية.
  • كما كان الطريق ممتد وسط الجبال، وكان المنظر خلابًا، فكلما اقتربنا من الدير.
  • هنا بدأت الرمال الذهبية تفسح المجال للصخور الوعرة التي تضفي على المكان رهبة وجمالًا.
  • بعد حوالي ساعتين ونصف من القيادة، وصلنا إلى مدينة سانت كاترين، تلك المدينة الصغيرة التي تحتضن الدير وتُعد نقطة انطلاق رئيسية للزوار.
  • عند المدخل، كان هناك لافتة ترحب بالزوار، وإلى جانبها بعض الأكشاك الصغيرة التي يبيع فيها البدو التذكارات المصنوعة يدويًا، مثل الحلي الفضية والمسابح الحجرية.

2- الدخول إلى الدير.. حيث يبدأ السحر
  • تفتح أبواب دير سانت كاترين للزوار في الساعة التاسعة صباحًا وتغلق بحلول الظهيرة.
  • وبمجرد أن تخطو داخل الدير، ستشعر أنك في عالم آخر.
  • كما ستجد الجدران العتيقة، الأحجار الضخمة التي صمدت لقرون، وروحانية المكان التي لا يمكن وصفها بالكلمات.
  • ثم دخلنا عبر البوابة الرئيسية، وكان أول ما لفت انتباهنا هو كنيسة التجلي، القلب النابض للدير.
  • تصميمها البيزنطي وأعمدتها الجرانيتية جعلتني أشعر وكأنني في حضرة التاريخ.
  • ولكن ما أذهلني حقًا هو لوحة التجلي المصنوعة من الفسيفساء، التي تعود إلى القرن السادس الميلادي,
  • والتي تصور السيد المسيح محاطًا بالرسل والأنبياء في مشهد بديع يعكس إبداع الفن البيزنطي.

3- شجرة العليقة الملتهبة.. الشاهد الأزلي على معجزة موسى
  • توجهنا بعدها إلى شجرة العليقة الملتهبة، تلك الشجرة التي يقول الناس إن النبي موسى رأى عندها النار المقدسة عندما كلمه الله لأول مرة.
  • كنت أتخيل المشهد أمامي، موسى الشاب، وسط هذه الجبال، يرى نورًا عظيمًا، يسمع النداء الإلهي، فيقف خاشعًا.
  • بالإضافة إلى أن الشجرة هنا خضراء طوال العام، محاطة بسور لحمايتها، وقيل لنا إن أي محاولة لزراعة فروع منها خارج هذا المكان باءت بالفشل.
  • وكأنها اختارت أن تبقى هنا وحدها، شاهدة على لحظة غيرت مسار التاريخ.


دير سانت كاترين
4- متحف الدير.. كنز من المخطوطات والتحف

  • بعد هذه اللحظة العميقة، توجهنا إلى متحف الدير، المعروف باسم الخزانة المقدسة.
  • في الداخل، شعرت كأنني في أحد أفلام المغامرات، فهنا توجد أقدم المخطوطات في العالم، من بينها نسخة من “العهدة المحمدية”.
  • تلك الوثيقة التي منحها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- للرهبان لحمايتهم وضمان حقوقهم الدينية.
  • كما رأينا أيضًا مجموعة من الأيقونات البيزنطية النادرة، ومخطوطات مكتوبة بلغات متعددة.
  • والتي تتنوع بين السريانية، واليونانية، والعربية، وتعكس تاريخ التبادل الثقافي والديني في هذا المكان المقدس.

5- مسجد دير سانت كاترين.. حيث تتجسد روح التسامح
  • من بين المفاجآت التي لم أكن أتوقعها داخل الدير، كان هناك مسجد صغير يعود إلى العصر الفاطمي، يقع مقابل كنيسة التجلي.
  • كما أن المبنى بسيط في تصميمه، لكن رمزيته قوية، فهو يروي قصة التسامح الديني الذي ميز هذا المكان عبر العصور.
  • تخيلت كيف أن هذا الدير، الذي بني منذ أكثر من 1500 عام، ظل ملجأً روحيًا للعديد من الديانات، وكيف أن التاريخ هنا لم يكن مجرد صراعات، بل كان تعايشًا وسلامًا.

6- مكتبة الدير.. جنة عشاق التاريخ
  • إذا كنت من محبي التاريخ والمخطوطات النادرة، فلا تفوت زيارة مكتبة دير سانت كاترين، التي تضم أكثر من 6000 مخطوطة قديمة، بعضها يعود إلى العصور الأولى للمسيحية.
  • كما رأينا بعض المخطوطات المكتوبة باليد، التي ما زالت تحتفظ بألوانها الأصلية رغم مرور مئات السنين.
  • وهذا وحده كان كافيًا ليجعلني أشعر وكأنني في كنز أثري لا يُقدر بثمن.


دير سانت كاترين
7- حدائق الدير.. واحة خضراء وسط الجبال

  • قبل مغادرة الدير، أخذنا لحظات من الهدوء في حدائق سانت كاترين، التي تقع خارج أسوار الدير.
  • وسط الصخور والجبال الجرداء، كانت هناك بقعة خضراء مذهلة.
  • حيث تزرع أشجار الزيتون والتين وبعض النباتات الطبية النادرة التي يستخدمها البدو للعلاج.
  • في هذه اللحظة، جلستُ على أحد المقاعد الحجرية، ثم تنشقت الهواء النقي، وتأملت الجبال المحيطة، وشعرت أنني وجدت السلام الذي جئت أبحث عنه.

تجربة تسلق جبل سانت كاترين بعد زيارة الدير
  • بعد الانتهاء من زيارة الدير، قررنا أن نخوض مغامرة أخرى بتسلق جبل سانت كاترين، أعلى قمة في مصر، والذي يرتفع 2640 مترًا فوق سطح البحر.
  • كما كان الصعود شاقًا، لكنه كان يستحق كل خطوة.
  • بدأنا الصعود قبل الفجر، ووصلنا القمة مع أول ضوء للشمس، وكان المشهد خلابًا.
  • من هناك، يمكنك رؤية جبل موسى، وحتى خليج العقبة في الأيام الصافية.

كيف تصل إلى دير سانت كاترين؟
إذا كنت تخطط لزيارة الدير، فهناك عدة طرق للوصول إليه:

  • من شرم الشيخ: يمكنك حجز رحلة سياحية منظمة، أو استئجار سيارة خاصة، وتستغرق الرحلة حوالي ساعتين ونصف.
  • من القاهرة: المسافة حوالي 500 كيلومتر، ويمكنك الوصول بالحافلات المتجهة إلى سانت كاترين، لكن الرحلة تستغرق حوالي 7 ساعات.


دير سانت كاترين
نصائح للزوار

  1. ارتداء ملابس محتشمة احترامًا لقدسية المكان.
  2. إحضار ماء كافٍ ووجبات خفيفة، خاصة إذا كنت تنوي تسلق الجبل.
  3. احترام القوانين المحلية وعدم محاولة لمس الشجرة أو التقاط الصور في المناطق المحظورة.
  4. اصطحاب مرشد سياحي لفهم تاريخ الدير بشكل أعمق.

رحلة دير سانت كاترين لا تُنسى
  • إن زيارة سانت كاترين لم تكن مجرد رحلة سياحية، بل كانت تجربة روحية، أخذتني عبر الزمن، وجعلتني أرى التاريخ والدين والتسامح يتجسدون في مكان واحد.
  • وسواء كنت تبحث عن المغامرة أو الهدوء أو التأمل، فإن هذا المكان سيمنحك شيئًا فريدًا لن تجده في أي مكان آخر.