حكاية سيف بن ذي يزن كما يرويها الحكواتي
يا سادة يا كرام، اجتمعوا حولي واسمعوا حديثي، فقد جئتكم الليلة بحكاية فارس مغوار، وبطل من أبطال الزمان، ذاع صيته في كل مكان، إنه الملك سيف بن ذي يزن، الذي رد الملك إلى أهله، وطهر الأرض من الظلم والعدوان.
كان يا ما كان، في قديم الزمان، في بلاد اليمن، ملك عظيم من نسل التبابعة، يُدعى ذو يزن، حكم بالعدل وأقام المجد، لكن دارت عليه الأيام، ووقع ملكه في يد الأحباش، فاستبدوا بالبلاد، وأذلوا العباد، حتى صار اليمني غريبًا في أرضه، حزينًا على أمجاده.
أما سيف، فقد كان شابًا مقدامًا، شديد العزم، لا ينام الليل وهو يفكر في حال قومه، كيف لهم أن يعيشوا أسرى في أرضهم؟ وكيف لضوء الشمس أن يخفت تحت ظلال الظلم؟ فحمل قلبًا من حديد، وعزيمة لا تلين، وقرر أن يستعيد ملك آبائه، أو يهلك دونه.
فما كان منه إلا أن خرج طالبًا النصرة، جاب الآفاق، وطرق أبواب الملوك، حتى وصل إلى بلاد الفرس، وهناك التقى بملكهم كسرى، وعرض عليه مظلمته، فاستجاب له كسرى، ومده بالرجال والسلاح، فكانت ساعة الخلاص.
عاد سيف بجيشه الجرار، وكانت حربًا ضروسًا، اهتزت لها الأرض، وتساقطت فيها رؤوس الأحباش كحبات المطر، حتى إذا انقشع غبار المعركة، لم يبق لهم في اليمن أثر، فرفع سيف راية النصر، وأعاد المجد والتاج إلى أهله، فهتف الناس باسمه، ورددوا ذكره في كل محفل وسوق.
ومنذ ذلك اليوم، صار سيف بن ذي يزن مضرب المثل في الشجاعة والوفاء، يُحكى عنه في ليالي السمر، ويروى خبره لكل طالب حق لا يرضى بالذل والهوان.
فهذه هي حكاية البطل الهمام، الذي رد المظالم، وأعاد الملك لليمن، فمن كان في مثل عزمه، فليحمل الراية، وليحفظ العهد، فالحق لا يُؤخذ إلا بحد السيف.
وها قد انتهى الحديث، فمن أراد الحكمة فليأخذها، ومن أراد العبرة فليعتبر!