الدكتور ومريض السكري
كان الدكتور جالسًا في عيادته عندما دخل عليه مريض مصاب بالسكري ويأخذ جرعات الأنسولين. سأل الدكتور المريض قائلاً: "هل لديك جهاز لقياس مستوى السكر؟"
رد المريض بسرعة قائلاً: "نعم، يا دكتور، معي جهاز قياس السكر، ولكن تعرف لماذا اشتريته؟"
نظر إليه الدكتور مستغربًا وقال: "هل اشتريته لمتابعة قياساتك وجرعات الأنسولين؟"
هز المريض رأسه وقال: "لا، يا دكتور، السبب ليس هذا... اشتريته خوفًا من ما حدث لأخي."
تأثر الدكتور من كلامه وسأله: "ماذا حدث لأخيك؟"
أخذ المريض نفسًا عميقًا وقال بصوت مملوء بالحزن: "أخي، رحمه الله، كان أكبر مني وكان يعاني من مرض السكري. في أحد الأيام، عاد من المزرعة متعبًا وعرقانًا، وكان يرتعش وعينيه مزغلتين، ولم يكن لديه جهاز لقياس السكر. فظن أن سكر دمه مرتفع، فحقن نفسه بجرعة أنسولين... لكن للأسف، دخل في غيبوبة شديدة بسبب هبوط السكر ولم يستفق منها... توفي بعدها."
أخذ المريض لحظة صمت، ثم تابع بصوت متحشرج: "منذ تلك اللحظة، كلما شعرت بأي تعب، أول شيء أفعله هو قياس مستوى السكر في دمي، لأعرف إن كان مرتفعًا أم منخفضًا قبل أن أتخذ أي إجراء."
هذا الموقف ذكر الدكتور بحالة أخرى صادفها في وقت لاحق أثناء نوبته في قسم الطوارئ. كان هو وزملاؤه في غرفة الاستراحة عندما تلقوا مكالمة تفيد بوجود حالة توقف قلب في الاستقبال. توجهوا بسرعة على أمل أن يتمكنوا من إنقاذ حياة المريض.
عند وصولهم، كانوا يجدون طبيب الطوارئ يعمل على إنعاش المريض، وهو يقول بصوت منخفض: "الحالة وصلت متوفاة أصلاً، لكنني أعمل على إنعاشها مراعاة لنفسية زوجها الذي كان في حالة انهيار تام."
استمروا في محاولات الإنعاش لبضع دقائق، ثم أعلنوا وفاة المريضة.
ولكن الزوج لم يستطع استيعاب الفاجعة. انفجر فيهم فجأة، وبدأ يصرخ ويشتمهم بمرارة. في تلك اللحظة، هدأ زميل الدكتور ووجه له سؤالًا هادئًا: "قبل أن تأخذها إلى المستشفى، ماذا حدث لها؟"
أجاب الزوج وهو في حالة عصبية شديدة: "كانت تعرق بشدة وترتجف، وتقول إن نبضات قلبها سريعة جدًا وكانت تشعر بصداع شديد، وعينيها كانت مزغلة... تمامًا هكذا!"
هنا توقف الجميع في المكان، وكان واضحًا أن الجواب قد بات معروفًا. سأل الدكتور: "هل قست لها مستوى السكر في الدم؟"
قال الزوج وهو يبدو متألمًا: "لا، لم يكن لدي جهاز لقياس السكر، لكنني كنت متأكدًا أن مستوى السكر لديها مرتفع."
هنا ازداد القلق بين الجميع. سأل الدكتور: "ماذا فعلت بعد ذلك؟"
أجاب الزوج بثقة: "جلبت قلم الأنسولين الخاص بها وحقنتها بـ 20 وحدة."
تفاجأ الجميع! وكانت لحظة صمت ثقيلة في الغرفة، والجميع يستوعب الفاجعة التي حدثت. على الفور، تواصلت الممرضة مع الأمن لفتح تحقيق، حيث كان ما حدث خطأ قاتلًا، ولكن غير متعمد. الزوج لم يكن يعرف، ولكن الجهل لا يعفي من المسؤولية. للأسف، كانت المريضة تعاني من نوبة هبوط سكر، بينما هو قام بحقنها بالأنسولين، مما أدى إلى دخولها في غيبوبة لم تفق منها.
ما الذي يمكن أن نتعلمه من هاتين الحالتين؟
أولاً، أي مريض بالسكري، سواء كان يتناول الأنسولين أو لا، يجب أن يكون لديه جهاز لقياس السكر في المنزل. لا مجال للاجتهادات، يجب أن نعرف الرقم بدقة قبل اتخاذ أي خطوة أو تصرف.
بقلم محمد الخضيري الجميلي