ضجّت السماوات والأرضين، وارتجف الوجود بأسره،
صوتٌ اخترق حُجب الغيب، وزلزل العرش،
تهدمت والله أركان الهدى، وانطفأ السراج المنير،
سقط الركن الذي به قامت الموازين،
وغاب النور الذي كان قبسًا من نور اليقين.
يا ملائكة السماء، ابكوا حزناً،
يا أفلاك الكون، نوحي أسى،
ذاك الإمام، ذاك الأمير، ذاك علي،
ذاك الذي كانت كلماته فصل الخطاب،
ذاك الذي كانت عدالته ملاذ المظلومين،
ذاك الذي لا يعرف للحق طريقًا غير دربه،
ذاك الذي سجد في المحراب،
فسالت دماؤه كالمزن الهاطل،
تروي أرضًا عطشى للعدل،
وتهتف: “فزت ورب الكعبة!”
أي مصابٍ هذا الذي أدمى القلوب؟
أي فقدٍ هذا الذي كسّر ظهر الزمان؟
أي جرحٍ هذا الذي لا يندمل؟
إنها الليلة التي أظلم فيها النور،
وتزلزلت بها السماوات والأرض،
إنها الليلة التي سال فيها الدم الطاهر،
فسالت معه دموع العارفين،
وتفطرت القلوب حسرةً ووجعًا.
يا صاحب الزمان،
كيف لك أن تتحمل هذا الجرح النازف؟
كيف لعينيك أن ترى هذا الفقد الجليل؟
إن كنت أنت الصبر، فكيف نصبر نحن؟
وإن كنت أنت العزاء، فكيف نُعزّي أرواحنا؟
تهدمت والله أركان الهدى،
ولكن نوره باقٍ فيك، يا بقية الله،
وإن سالت دماء أمير المؤمنين،
فهي نبع الحياة للأحرار،