أكذوبة المدينة الفاضلة
  1. رغم ما وصلت إليه حضارة اليونان من نبوغ عقلي في مجالات الفلسفة والفكر، إلا أن هذه الحضارة أخذت في الانحدار التدريجي....



أنقذت الحضارة الإسلامية العالم من ظلمات الجهل والتخلف والانهيار الأخلاقي الذي ساد العالم قبل الإسلام، وقد استمدت حضارة الإسلام أصولها من القرآن والسنة، ثم بانفتاحها على شعوب الأرض جميعًا لا تفرق بين لون أو جنس أو دين، مما جعلها تحتل مكان الريادة في العالم.
أما ما قبل ظهور الإسلام فقد تنوعت الحضارات، وأسهمت جميعها بقسط ما في رقي الإنسانية، ولكنَّها جميعًا انساقت وراء الشهوات والملذَّات فطغت وظلمت؛ فاستحقت بجدارة الانهيار الرهيب الذي حدث لها، ومن بين هذه الحضارات كانت الحضارة اليونانية التي تعتبر من أعرق الحضارات العالمية القديمة ولا شك في ذلك، بل قد أبدع اليونانيون في مجالات الفلسفة والعلوم والآداب والفنون، وبرز منهم علماء وأدباء وفلاسفة أمثال سقراط وأفلاطون وأرسطو وغيرهم.
ورغم ما وصلت إليه حضارة اليونان من نبوغ عقلي في مجالات الفلسفة والفكر، إلا أن هذه الحضارة أخذت في الانحدار التدريجي، ومثال ذلك نظرية أفلاطون في المدينة الفاضلة التي كان يرى أنها تتكون من ثلاث طبقات، طبقة الفلاسفة وطبقة الجند وطبقة العمال، ويكون الحُكم في هذه المدينة لطبقة الفلاسفة فقط.
أما الطبقة الثانية وهي طبقة الجند فقد وضع أفلاطون لها نظام صارم، بحيث لم يكن لأفراد الجيش الحق في الملكية، ولا الحق في تكوين أسرة من زوجات وأولاد، وإنما تكون النساء في هذه الطبقة ملك لجميع الجنود، وأبناء هؤلاء النساء لا يعرفون آباءهم فهم أبناء الدولة.
أمَّا الطبقة الثالثة وهي طبقة العمال فعليهم في هذه المدينة الفاضلة أن يكدحوا لخدمة طبقة الحكام وطبقة الجند، وليس لهم أي حقوق على الإطلاق، أيضًا ليس للمرضى في مدينة أفلاطون مكان، بل تنبذهم الدولة وتقهرهم بعيدًا.
تلك هي صورة المدينة الفاضلة عند أفلاطون، وهذا هو الفكر اليوناني الذي وصل إلى هذا الحد من الانحدار، هذا الفكر اليوناني الذي يعتبره البعض باب من أبواب الحكمة، أضف إلى ذلك انغماس اليونانيين في الشهوات، وجريهم وراء اللذَّات؛ مما عجَّل بانهيار حضارتهم