أسرار خروج العائلة مع الحسين(ع)
الإمام سيد الشهداء الحسين بن علي عليه السلام هو إمام معصوم فبحكم المكانة والمنزلة التي وضعه الله فيها والمرتبة القيادية العليا كان يتخذ القرار الصائب والحكيم وينظر إلى المستقبل البعيد لتحقيق أهداف ثورثه المظفرة المقدسة فمن أجل إكمال مسيرته الإصلاحية ولكي لاتموت وتنتهي تضحياته السامية النبيلة قلد المسئولية من بعده من هو كفؤ لتحملها ألا وهي شريكته في جهاده اخته الحوراء زينب عليها السلام وبقية العلويات من بنات الرسالة .. ومن هنا يكمن السر في خروج نساء أهل بيته معه من مدينة جده رسول الله(ص) إلى مكة المكرمة ثم بعد ذلك إلى العراق .بقلم: سماحة الشيخ مكي فاضل حسن
روى محمد بن داود القمى بالاسناد عن أبى عبد الله عليه السلام قال : سار محمد بن الحنفية الى الحسين في الليلة التى أراد الخروج في صبيحتها عن مكة فقال يا أخي إن أهل الكوفة من قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك وقد خفت أن يكون حالك كحال من مضى فإن رأيت أن تقيم فإنك أعز من في الحرم وأمنعه . فقال . يا أخى قد خفت أن يغتالنى يزيد بن معاوية في الحرم فأكون الذى يستباح به حرمة هذا البيت فقال له : ابن الحنفية فإن خفت ذلك فصر إلى اليمن أو بعض نواحى البر فإنك أمنع الناس به ولا يقدر عليك أحد فقال : أنظر فيما قلت . فلما كان السحر إرتحل الحسين عليه السلام فبلغ ذلك ابن الحنفية فأتاه فأخذ زمام ناقته التى ركبها . فقال له : يا أخي ألم تعدني النظر فيما سألتك ؟ قال بلى ، قال : فما حداك على الخروج عاجلا فقال : أتانى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بعد ما فارقتك ، فقال : يا حسين أخرج فإن الله قد شاء ان يراك قتيلا ، فقال له ابن الحنفية : إنّا لله وإنا إليه راجعون.. فما معنى حملك هؤلاء النساء معك وأنت تخرج على مثل هذه الحال ؟ فقال له : قد قال لي ( أي الرسول(ص) إن الله قد شاء أن يراهن سبايا وسلم عليه ومضى .(1)شـاء الله أن يـراهن سبايا
إن هذه المشيئة التي ذكرها الإمام الحسين(ع) هي مشيئة إرادية كونية ظرفيةلامشيئة تكوينية {شاء الله} معنى ذلك أراد الله سبحانه وتعالى أن هذه الأسرة العلوية تسبى وأن الحسين(ع) يقتل في هذا الظرف من الزمان وفي تلك المكان وهي كربلاء وهذا هو السر الكبير الذي جعل الإمام(ع) أن يأخذ العائلة معه لأن في نزوحها إلى أرض كربلاء إكمال للمخطط الإلهي الذي رسمه الله تبارك وتعالى لوليه سيد الشهداء(ع) لولم يأخذ العائلة ولم تسبى من بعده لما قامت قائمة لثورته الإصلاحية المقدسة .
لذلك بعد استشهاده(ع) كان الدور اللامع في تحمل المسؤلية يتجلى في الإمام زين العابدين(ع) ويتمثل في بطولة بطلة كربلاء السيدة زينب(ع) وإلا لولا الدور الريادي والإعلامي والتغطية الإعلامية التي قاما معا بها في مختلف الأمصار والبلدان لإٌظهار مظلومية أبي عبدالله الحسين(ع) لااندثرت معالم الثورة الحسينية لأن الإعلام الأموي كان يبث التشويه ضد قائد هذه الثورة ومبادئها وأهدافها ,
من هنا نفهم أنه أصبح دورسبايا آل محمد(ع) مكملا من حيث المضمون والهدفية والفاعلية للنهضة الحسينية المقدسة .
فاصطحاب النساء والاطفال ليست مغامرة أو نشوة القائد الذي لايدرك عواقب هذا الامر الخطير مع قوم لايردعهم أي رادع ولايراعون حرمات الله وإنما الحسين(ع) يسير ضمن مخطط ممنهج ومدروس، ويقين الإمام المعصوم فوق كل يقين وحجته قطعية فوق كل الحجج وهوخزانة ومستودع أسرار الله تبارك وتعالى {والله أعلم حيث يجعل رسالته} .
لماذا القتل ولماذا السبي ؟ وهل الله يرغب في قتل الإمام الحسين وسبي زينب عليهما السلام ؟ حاشا لله!
هذا سؤال كبير وشائك وحري بكل مسلم أن يستمع للإجابة عليه لكي لايقع في غوغائية التشكيك والتحريف في مبادئ ومنطلقات ثورة أبي عبدالله الحسين(ع) تلك الثورة العظيمة .
إن الإمام سيد الشهداء(ع) نطق بالقتل ونطق بالسبي وقال: {شاء الله أن يراني قتيلا ، وأن يراهن سبايا} معنى ذلك هناك شيأ خطيرا يستوجب التضحية بالنقس والتضحية بالأسرة والعائلة وهومارآه سيد الشهداء(ع) أن دين الله أصبح ألعوبة في حكم بني أمية فأصبحت الأمة تفكر في الدرهم والدينار ولاتفكر بقيم الدين وبعد تخاذل الأمة عن نصرة الدين اختار الله لدينه وريث الأنبياء الحسين(ع) لكي يستشهد وبقطرات دمه يحيي دين جده رسول الله(ص) ويوقض ضمائر المسلمين .
فمن يفكر بأن الحسين(ع) بنهوضه وقيامه واستشهاده وتعريض عائلته للسبي من بعده هذا فيه نوع من أنواع المجازفة والمغامرة هذا لايعرف الحسين(ع) معرفة حقيقية وعليه أن يعيد قراءته لشخصية أبي الأحرار حتى يتعرف على عظمة هذه الشخصية المتفانية في ذات الله عزوجل.
قال أبي الضيم الإمام الحسين(ع):
إلهي تركت الخلق طرا في هواكوأيـتـمــت الـعــيـــال لكــي أراكفـلـو قـطعــتـنــــي بالحــب إربـــالـمـا مــال الفـؤاد إلـى ســــواك(3)----------------------------------------(1) اللهوف في قتلى الطفوف: ص/ 39(2) بحار الأنوار للشيخ المجلسي ج 1 ص 184.(3) مصرع الحسين(ع): للشيخ الكاشي ص 191.