إليكم قصة بأسلوب الحكواتي، فاجلسوا هانئًين، وأرهفوا السمع، فما سأرويه لكم الليلة أغرب من الخيال، وأعجب من الأحلام!
حكاية "حسام والسيف المسحور"
يحكى – والله أعلم بالصحيح – أنه في قديم الزمان، وفي بلاد بعيدة وراء الجبال والوديان، كان هناك شاب يُدعى حسام، فارسًا قويًّا، شجاعًا، لكنه كان فقير الحال، لا يملك إلا قلبًا لا يعرف الخوف وسيفًا قديمًا ورثه عن أبيه.
وذات ليلة، بينما كان يجلس في ظل نخلة على ضفاف نهر رقراق، إذ برجل عجوز، لحيته بيضاء كالثلج، يقترب منه متوكئًا على عصاه، ويقول له بصوت متهدج: "يا بني، أعرف أنك شجاع، وأعرف أنك تبحث عن المجد، فهل لك أن تدخل مغامرة لم يسبقك إليها أحد؟"
نظر إليه حسام بعينين تلمعان حماسًا، وقال: "دلني على الطريق، فلن أهاب خطرًا، ولن أتراجع عن وعد!"
فضحك العجوز حتى بان ماضغاه، ثم أخرج من كمه خريطة قديمة، نقش عليها جبل عظيم، في قمته كهف مظلم، وقال: "هناك يا بني، في جوف ذلك الكهف، يرقد السيف المسحور! لكنه ليس كسيفك البسيط، فهذا السيف لا يحمله إلا من كان قلبه صافيًا كالماء، وعقله حادًا كالحديدة، وذراعه قوية كالصاعقة! وإن ظفرت به، صار لك سلطان الدنيا، فكن على حذر!"
لم ينتظر حسام كثيرًا، حمل زاده، وسار في الصحارى، عبر الأنهار، واجتاز الغابات، حتى وصل إلى الجبل الموعود. وكان الطريق وعرًا، مليئًا بالوحوش، لكن قلبه لم يعرف الخوف، وسيفه لم يعرف الهزيمة!
وفي داخل الكهف، وجد السيف المغروس في حجر صلد، يتلألأ كأنه شمس في ظلمة الليل. تقدم، مد يده، قبض على مقبضه، لكنه ما إن حاول سحبه حتى اهتزت الأرض، ودوّى صوت مخيف:
"أيها الفارس، إن لم يكن قلبك صافيًا، وعقلك حادًا، وذراعك قوية، فلن تخرج من هنا حيًّا!"
فأغمض حسام عينيه، واستحضر كل شجاعته، وتذكر نصيحة العجوز، ثم جذب السيف بكل قوته، فانطلق منه ضوءٌ أضاء الكهف كله، وإذا بالصوت يتحول إلى همس لطيف:
"لقد اجتزت الاختبار... والآن، أصبح السيف لك، فاصنع به العدل، وانصر به الضعفاء!"
ومن يومها، صار حسام الفارس المغوار، يرفع راية الحق، ويهزم الظلم، حتى صار اسمه يُذكر في كل المجالس، وتحكى عنه الحكايات، ويتوارث الناس قصته جيلًا بعد جيل!
وهكذا انتهت الحكاية، ومن صدّقها فقد ربح العبرة، ومن لم يصدقها فقد استمتع بها!