مُذيبات الشمع المعطر.. خطرٌ صامتٌ يُهدد صحتك
كشفت دراسةٌ علميةٌ حديثةٌ، نُشرت في مجلة ”Environmental Science & Technology Letters“، عن خطرٍ خفيٍّ يكمن في استخدام مُذيبات الشمع المعطر. فبدلًا من أن تكون بديلًا آمنًا للشموع التقليدية، تبيّن أن هذه الأجهزة تُطلق جسيماتٍ نانويةً ملوثةً تُشكل تهديدًا صحيًا مُماثلًا لتلك المنبعثة من محركات الديزل أو احتراق الشموع.
قد يبدو ذوبان الشمع المعطر، الذي لا يتضمن عملية احتراقٍ مُباشرة، خيارًا أكثر نظافةً وأمانًا. إلا أن الدراسة تُشير إلى أن هذه الأجهزة تُفرز مركباتٍ عضويةً متطايرةً تتفاعل مع الأوزون الموجود في الهواء الداخلي للمنازل. وينتج عن هذا التفاعل جسيماتٌ نانويةٌ متناهية الصغر، قادرةٌ على إحداث مشاكل صحيةٍ جسيمة.
وأوضحت الدراسة أن هذه الجسيمات النانوية تتكون نتيجةً لتفاعل ”التربينات“ - وهي مركباتٌ عطريةٌ موجودةٌ في الشمع - مع الأوزون. ويتسبب هذا التفاعل في تكوين نوى جسيماتٍ لا يتجاوز حجمها ثلاثة نانومترات، وهو حجمٌ بالغ الصغر يجعلها قادرةً على اختراق الجهاز التنفسي بسهولة.
تكمن خطورة هذه الجسيمات في قدرتها على الترسّب في أعماق الرئتين، بل والانتقال عبر مجرى الدم إلى أعضاءٍ حيويةٍ كالدماغ والكبد، مما يُعرّض الصحة العامة للخطر.

الأمر الأكثر إثارةً للقلق هو أن الدراسة كشفت عن أن مُذيبات الشمع المعطر قد تُنتج هذه الجسيمات النانوية الضارة بمعدلٍ يفوق بكثير ما تُنتجه الشموع المعطرة المشتعلة. فقد بلغ معدل إنتاج الجسيمات في الدقيقة الواحدة 6,4 × 10¹²، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف المعدل المنبعث من الشموع التقليدية أثناء احتراقها.
وأكد الباحثون أن هذا التفاعل الكيميائي بين التربين والأوزون داخل البيئة المغلقة للمنزل يُؤدي إلى تكوين هذه الجسيمات النانوية الخطيرة، مما يستدعي إعادة النظر في استخدام هذه الأجهزة وتقييم أثرها البيئي والصحي.
وبينما يسعى الكثيرون إلى استخدام مُذيبات الشمع المعطر كبديلٍ آمنٍ، يُحذر الخبراء من ضرورة توخي الحذر والبحث عن وسائل لتقليل الانبعاثات أو تحسين جودة الهواء داخل المنازل.