لطالما كانت اللوحات الفنية أكثر من مجرد مشاهد بصرية؛ فهي تعكس أفكارًا وتوجهات ثقافية وفنية تشكّل هوية كل عصر. ومع ذلك، قد يكون من الصعب على المشاهد العادي فك رموز الرمزية والتفاصيل الدقيقة التي يتقن الفنانون إخفاءها داخل ضربات الفرشاة.
ومن هنا جاءت مبادرة مبتكرة من شركة “نيو مام”، حيث قامت بإعادة تصور 6 غرف أيقونية من لوحات شهيرة، محوّلة المشاهد المسطحة إلى مساحات ثلاثية الأبعاد تحاكي الواقع، ما يمنحنا فرصة جديدة لاستكشاف هذه الأعمال بعيون مختلفة.

لوحات لغرف شهيرة تعود إلى الحياة
تُعد أعمال مثل “غرفة النوم” لفان جوخ و”غرفة طعامي” لكاندنسكي أمثلة رائعة على كيفية تجسيد اللوحات لاتجاهات التصميم والرؤية الفنية لعصرها. وبينما يستطيع النقاد والخبراء قراءة التفاصيل المشفرة في هذه الأعمال بسهولة، فإن المشاهد العادي قد لا يتمكن من استيعاب كل جوانبها العميقة. لهذا السبب، قامت شركة “نيو مام” بإعادة إحياء هذه الغرف الشهيرة بأسلوب واقعي ثلاثي الأبعاد، ما سمح برؤية تصميماتها وألوانها وتركيبتها المعمارية بطريقة ملموسة.

تعمل هذه المحاكاة الواقعية على سد الفجوة بين الخيال الفني والواقع المادي، حيث تترجم الضربات الانطباعية إلى عناصر ملموسة يمكن تصورها في الحياة اليومية.


ومن خلال ذلك، يصبح من الممكن استكشاف اختيارات الفنانين المتعلقة بالألوان وترتيبات الأثاث والمساحات، مما يساعد في فهم أعمق لدوافعهم الإبداعية.


كما تمنح هذه التقنية فرصة للتفاعل مع العمل الفني، حيث يمكن للمشاهد أن يتخيل كيف كان يمكن أن تبدو هذه الغرف في الحقيقة، وما إذا كانت مريحة وعملية كما تبدو في اللوحات.


إلى جانب ذلك، يطرح هذا النهج تساؤلات مثيرة حول ما إذا كان الفنانون أنفسهم سيوافقون على هذه التفسيرات الواقعية لأعمالهم. فبينما تتجلى بعض الاختيارات بوضوح في اللوحات، تبقى بعض التفاصيل الأخرى غامضة وغير مؤكدة. ومع ذلك، فإن هذه التجربة الفريدة تمنحنا فرصة لرؤية الفن من منظور مختلف، حيث تتحول الخطوط والألوان إلى بيئات حقيقية ملموسة يمكن استكشافها بعمق لم يكن ممكنًا من قبل.


بهذا، تؤكد هذه المبادرة أن الفن ليس مجرد صورة على قماش، بل هو تجربة يمكن أن تتجاوز حدود الإطار، لتصبح جزءًا من حياتنا الواقعية، وتجعلنا نرى العالم من خلال أعين الفنانين بطريقة لم نعهدها من قبل.