صفحة من مذكرات طفلة فلسطينية
ثوبي مبتل، بالأمس كان متسخا، ولم أهتم لأنني كنت جائعة، والأسوأ أن أخي الصغير كان جائعا يتشبث بي ويصرخ، هكذا اضطررت للبحث في الشارع، وفي مكب النفايات، وفي أي مكان عن بقايا أكل، ولو كانت بقايا أكل اليهود الذين قصفوا منزلنا! أنا صغيرة جدا كما تلاحظ، ربما أفهم إذا كبرت - هذا لو كبرت - أن الصهيونية حركة سياسية علمانية لا علاقة لها بالأديان، وأن الكثير من يهود العالم يتألمون من أجلنا، ومن أجل ذلك يوصمون بأنهم يهود يكرهون أنفسهم، لكن الآن أنا لا أعرف ذلك، في الحقيقة قد أفهمه قليلا لو شرحته لي لو أنني لم أكن جائعة، لكن الجوع لم يعد يهمني، وأخي الصغير لم يعد يبكي، لقد تركته وحيدا تحت ظل جدار متهدم، لكي أبحث لا أدري أين ولا كيف عن أي شيء يؤكل، ولا أعرف إن كنت سأجده بعد أن أعود، ربما هرب من المطر، والمطر جعل ثوبي يبتل، أشعر أن وزنه أثقل من أن أتحمله، والبرد يجعلني لا أشعر بأطرافي، لدي ثوب آخر أخضر أحبه كثيرا، لكنه الآن تحت الأنقاض، ولكم أشتاق الآن إلى صوت توبيخ أمي وهي تأمرني بتغيير ملابسي.
ثوبي مبتل، والبلل فيه يكاد يتحول إلى جليد.
لكنني سوف أتصرف، أنا سوف أتصرف؛ لأن جميع الكبار قد استشهدوا