أَيَا سَمَاوَاتِ الهَوَى، أَرْفِعِي يَدِي
فَالْعِشْقُ سُكْرِي وَالْهِيامُ رَفِيقِي
وَيَا نَسِيمَ الشَّوْقِ، غَنِّ بِأَضْلُعِي
وَأَسْكِبْ سَنَاكَ بِنبْضِ قَلْبِ رَقِيقِ
سَافَرْتُ فِي بَحْرِ الجَمَالِ فَرِيضَةً
حَتَّى وَجَدْتُ النُّورَ عِندَ عُرُوقِي
نَادَيْتُ أَشْجَارَ الهَوَى مُتَمَايِلًا
حَتَّى غَدَتْ تَرْوِي الغَرَامَ بِبُوقِي
وَهَمَسْتُ لِلْوَرْدِ الَّذِي فِي خَافِقِي:
هَلَّا عَبِيرُكَ أَوْرَقَتْ برفُوقِ؟
نَادَتْ خَمَائِلُهَا: تَعَالَ فَإِنَّنَا
نَرْوِي صَدَى الأَرْوَاحِ شَهْدَ رَحِيقِ
يَا قَلْبُ، إِنَّ اللَّيْلَ أَشْرَقَ نَجْمُهُ
وَالْحُبُّ صَارَ نَشِيدَ وُجْدِ أَنِيقِ
يَا لَيْلُ، هَلْ يَكْفِيكَ بَوْحِي لَوْ بَدَا؟
أَمْ هَلْ يُطِيلُ الصَّمْتُ قَيْدَ حَرِيقِي؟
قَدْ ذُبْتُ فِي كَأْسِ الجَمَالِ مُمَوْسِقًا
حَتَّى سَكِرْتُ بِنَشْوَتِي وَهُرُوقِي
حُرِّرْتُ مِنْ قَيْدِ الحَيَاءِ بِنَشْوَتِي
وَغَدَوْتُ أَرْسُمُ بِالنَّسِيمِ بَرِيقِي
يَا عَاشِقَ الأَرْوَاحِ، هَلْ يَكْفِي المَدَى
أَنْ يَحْتَوِيَكَ بِعِطْرِ كَأْسِ الحُوقِ؟
وَتَرَى بِأَنْوَارِ الغَرَامِ كَأَنَّهَا
نَبْعٌ يُرَاقِصُ فِي الفَضَاءِ شُرُوقِي
يَا لَهْفَتِي! إِنَّ السَّمَاءَ تَرَاقَصَتْ
طَرَبًا لِتُهْدِي الحُبَّ فِي تَصْدِيقِي
“*أَقُدِيحُ*”، يَا عِشْقَ الفُؤَادِ وَغَيْمِهِ
يَا مَن يَفِيضُ هَوَى التُّرَابُ نُبُوقِي
يَا مَن شَرِبْتَ النُّورَ مِنْهُ وَصَارَ لِي
شَمْسًا تُضِئُ اللَّيْلَ فَوْقَ طَرِيقِي
أَذْكَى هَوَاكَ الرُّوحَ حَتَّى خِلْتُهَا
سُكْرَى تُنَاجِي فِي الخَيَالِ شَهِيقِي
وَطَرِبْتُ: يَا أُفُقَ النَّشِيدِ وَلَحْنَهُ
إِنِّي وَجَدْتُ بِنشْوَتِي مَعْشُوقِي!
لَا تَسْأَلُونِي عَنْ جُنُونٍ رَاقِصٍ
فِي خَافِقِي، فَالْمَوْجُ صَارَ صَدِيقِي
يَا رَبَّ هَذَا العِشْقِ، زِدْنِي بَهْجَةً
وَاجْعَلْ كُؤُوسَ الحُبِّ حُلْمَ شُرُوقِي!
يَا لَيْلُ، إِنِّي فِي هَوَاكَ مُتَيَّمٌ
أَنْسَى الوُجُودَ بِرُوحِ حُبِّ وَثِيقِ
أَبْنِي بِأَحْلَامِي قُصُورَ مَحَبَّةٍ
يَسْمُو بِهَا سِرِّي لِعَرْشِ عَرِيقِ
وَالْقَلْبُ فِي كَفِّ الهَوَى مُتَعَطِّشٌ
يَسْقِيهِ وِجْدَ صَبَابَةٍ وَرَحِيقِ
نَادَيْتُ أَفْلَاكَ الجَمَالِ، فَأَنْشَدَتْ
“هَذَا المُتَيِّمُ فِي المَدَى إِبْرِيقِي”
يَا شَمْسُ، ضُمِّيْني بِنُورِكِ إِنَّنِي
أَبْصَرْتُ فِي عَيْنَيْكِ سِرَّ فَرِيقِي
يَا بَحْرُ، لَوْ تَغْفُو المَرَاكِبُ لَحْظَةً
فَأَنَا الَّذِي أَرْسَى بِدَفْءِ عُرُوقِي
أَطْلَقْتُ فِي الكَوْنِ السُّكُونَ تَرَنُّمًا
حَتَّى غَدَا المَوْجُ المَدَى مَنْطُوقِي
هَا قَدْ نَطَقْتُ وَذِي الحَنَايَا تَرْتَوِي
شَهْدًا يُذِيبُ اللَّيْلَ دُونَ رَفِيقِ
يَا سَائِرًا فِي دَرْبِ عِشْقِ “*قُدَيْحُنَا*”
هَلْ قَدْ وَجَدْتَ الشَّوْقَ غَيْرَ شَفِيقِ؟
إِنَّ السَّمَاوَاتِ ارْتَقَتْ مِنْ وَحْيِهِ
حَتَّى غَدَتْ نَشْوَى بِصَمْتِ عَشِيقِي
يَا لَهْفَتِي، أَرْنُو “*القُدَيْحُ*” لِغَيْمِهِ
حَتَّى أُعَانِقَ فِي السَّحَابِ بُرُوقِي
“*أَقُدِيحُ*”، يَا أُفُقَ الجَمَالِ وَزَهْوَهُ
كَيْفَ ارْتَوَيْتَ بِنشْوَةٍ وَعَبُوقِ؟
قُلْ لِي: أَيَا كَأْسَ الغَرَامِ وَهَمْسِهِ
كَيْفَ امْتَزَجْتَ بِرُوحِ عِشْقِ عَمِيقِ؟
إِنِّي وَجَدْتُ الحُبَّ فِي أَنْوَارِهِ
نَبْعًا يَفِيضُ عتيدهُ بعتيقِ
يَا رَبَّ، إِنِّي فِي دُرُوبِكَ عَابِدٌ
زِدْنِي رُؤًى، وامْنَحْ سَنًى لِشُرُوقِي