جمالية العنف في الفن بقلم فيليب بيرين
العنف في الفن
إن وسائل التعبير المختلفة تميل إلى جذب شخصيات مختلفة. ومن المعروف عن المخرجين المشهورين مثل كوبريك اهتمامهم الدقيق بالتفاصيل وأسلوبهم المكثف في الإدارة. وربما يكون الفنان النموذجي هو فينسنت فان جوخ، وهو شخص منعزل مضطرب وكئيب. وتستحضر الموسيقى الشعبية صوراً مختلفة للفنانين استناداً إلى النوع الموسيقي ــ فالشخصية الرقيقة الهادئة المنسوبة إلى ملحنين مثل أيه آر رحمن بعيدة كل البعد عن صورة المغني الريفي الذي يشرب الخمر بشراهة والذي أتقنه جوني كاش.
عندما يأتي فنان ليتحدى هذه المفاهيم ، فإنه غالبًا ما يحمل معه وجهات نظر تبرز عن المعتاد. أحد هؤلاء الفنانين هو فيليب بيرين، وهو معروف بانفعاله الشديد، وصولاً إلى موقفه المتغطرس الذي لا يمكن إصلاحه.
فيليب بيرين – صورة من Always by the Sun
يتمتع فيليب بيران، الملاكم السابق الذي تحول إلى فنان، بصفات الصبي الشرير؛ مظهر نجم الروك، ومزاج متفجر وماضٍ مظلم يحب الإشارة إليه عند التحدث إلى الصحفيين. وهو يزرع صورته التخريبية من خلال إنشاء أعمال فنية استفزازية تدور حول موضوعات الشر والجريمة
وتميل مواضيعه إلى التمحور حول العنف والجريمة، وهي المواضيع التي اقترحها في المقابلات بألفة حميمة. وما نعرفه على وجه اليقين هو أنه يرتدي الملابس المناسبة للدور ولديه السيرة الذاتية التي تدعم ذلك ــ قبل أن يتحول إلى الفن، كان بيرين قد شق طريقه في عالم الملاكمة المحترفة المرهق.
لا ينبغي أن يكون من المستغرب أن يكون أحد أكثر الأشياء التي استحوذت على اهتمام بيرين هو تقديره وإشادته اللاحقة بالمجرم الفرنسي المثير للجدل جاك ميسرين. اكتسب ميسرين شهرة وشكلًا خاصًا من الإعجاب في الستينيات والسبعينيات باعتباره شخصية مناهضة للمؤسسة، على الرغم من ميله إلى القتل الذي صاحب عمليات السطو والسرقة التي ارتكبها.
بعد أن ألقت قوات إنفاذ القانون القبض على ميسرين وطاقمه، أصبحوا أول الرجال الذين تمكنوا من الفرار من سجن لا سانتيه في باريس، قبل أن يتم إطلاق النار عليه في نهاية المطاف في أواخر عام 1979. وقد أشاد بيرين بالمجرم الأسطوري من خلال إعادة بناء وتصوير سيارة بي إم دبليو الذهبية التي قُتل فيها ميسرين.
تركز معظم أعماله الأخرى بشكل أقل على الإشارات التاريخية المباشرة وأكثر على الرموز الأساسية الحشوية للجريمة التي حظيت بنفس المعالجة المبالغ فيها لشخصية بيرين نفسها.
قيل عن بيرين إنه "كان دائمًا مدمنًا على المبالغة، ولذلك أصبحت الملليمترات أمتارًا".
وهذا هو الحال مع GUN، وهي قطعة تتألف من مسدس طوله ثلاثة أمتار مصحوب برصاصات طولها مترين. ومن بين العناصر الأخرى التي حظيت بمعاملة بيرين الضخمة المميزة السكاكين والأصفاد، من بين العناصر الأخرى التي تكفي مجرد صورها الظلية لإثارة رد فعل غريزي من الخوف والحذر .
العنف في الفن – فيليب بيرين فن السلاح
عمل آخر مشهور لبيرين، Bloodymary ، يمزج الخط الفاصل بين المسرح والنحت وفن الأداء من خلال عدسة القتل. تجلس ممثلة حية على أريكة، وتتناثر الصور والمجلات على جانب واحد وكتاب سقط على عجل على الأرض على الجانب الآخر، مع ثقب رصاصة في جبهتها ودماء متناثرة على الحائط خلفها. إنه مثال على التركيب الذي يجب مشاهدته شخصيًا حقًا، حيث تزيل الصورة الفوتوغرافية نية وضع المشاهد في اتصال مباشر مع العنف المروع.
ومن بين أعماله الحديثة الجنة، وهو تركيب فني أقيم عام 2006 في كنيسة القديس يوستاس في باريس.
فيليب بيرين الجنة – العنف في الفن
يتبع العمل ميل بيرين إلى الصور الضخمة الصارخة للعنف من خلال وضع تاج ضخم من الأشواك تحت الضوء على الأرض، مما يصور الصورة الأيقونية من صلب المسيح في شكل معدني بارد.
يفسد بيرين قدسية التاج بوضعه على الأرض، أقرب إلى الجحيم، ومعاملته كرمز للعنف. ومن الطبيعي أن تختلف الرسالة الأساسية بناءً على قناعات المرء الدينية، ولكن ما يبقى هو الصورة المذهلة التي خلقها بيرين.
هذا هو توقيع فيليب بيرين - وضع المشاهد وجهاً لوجه مع صور مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالعنف الحديث، وإضفاء لمسة جمالية خفية على العنف في الفن
إن قوتهم غير المتناسبة تنعكس في حجمهم وبنيتهم القوية، مما يعيد الرعب إلى الصور التي فقدت تأثيرها بسبب عدم الحساسية على مدى حياة من التعرض المتكرر وقبول العنف كقاعدة. يختار الموضوعات التي لديها القدرة على بث الصدمة الفورية ويقدمها بطريقة جريئة تضمن ذلك.
من المؤكد أن الفن العظيم ينبع من القلب، وليس من خلال تنفيذ ما يُقال لك . الفن الحقيقي حي. ويستمد قوته من الفنانين الذين يرون عالمًا مختلفًا ويظهرون لنا بالضبط ما يدركونه.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير الياسمين
