سوق الصرافة في السليمانية يعد أحد أكبر منافذ بيع وشراء التومان الإيراني في العراق
تدهور قيمة التومان الإيراني، الذي تهاوى تحت وطأة العقوبات الأميركية والأزمات السياسية والاقتصادية في طهران، يثقل كاهل التجار والمتعاملين به، محولًا الأرباح إلى هواجس، والتحذيرات إلى واقع مرير.
ورغم التنبيهات المتكررة من المراقبين بشأن مخاطر الاستمرار في التعامل بالعملة الإيرانية، فإن سوق الصرافة، خاصة في مدينة السليمانية، لا يزال يشهد تقلبات حادة.
وخلال يناير، تخطى سعر الصرف حاجز 85 ألف تومان لكل دولار أميركي، في واحدة من أسوأ موجات التراجع التي شهدتها العملة الإيرانية، ليترك المتعاملين في حالة ترقب بين الخسارة والرهان على انتعاش قد لا يأتي.
ويقول دلير حسين أحد المتعاملين بـ"التومان " لموقع " الحرة " إن التراجع المستمر في قيمة العملة الإيرانية أضر كثيرا بالتجار والمضاربين بهذه العملة، وأن خسائر البعض تجاوزت 40 الف دولار خلال أسابيع.
وأضاف حسين أن سوق الصرافة في السليمانية يعد أحد أكبر منافذ بيع وشراء التومان الإيراني في العراق.
وتفرض الولايات المتحدة منذ عقود عقوبات اقتصادية وتجارية وعسكرية ضد إيران بسبب برنامجها النووي ودعمها للجماعات الإرهابية وانتهاكها لحقوق الإنسان .
وتستهدف هذه العقوبات قدرات إيران النووية وقطاعي الطاقة والدفاع والمسؤولين الحكوميين والمصارف وقطاعات اقتصادية أخرى.
التعامل بالنقدي و"الهوائي"
رئيس منظمة التنمية الاقتصادية الكردستانية حسام برزنجي قال لموقع " الحرة " إن التعامل بالتومان في سوق الصرافة بالسليمانية يتم بطريقتين، الأولى البيع والشراء النقدي المباشر.
أما الطريقة الثانية هي بالآجل أو ما يسمى "هوائي" وهو أن المشتري لا يدفع القيمة نقدا في تلك اللحظة، بل يتم الاتفاق شفهيا مع البائع على سعر معين "على أمل أن يرتفع سعره في اليوم التالي".
وأضاف برزنجي أن الربح والخسارة في هذا النوع من التعامل يعتمد على تغير سعر صرف "التومان " الذي يتأثر بحجم الطلب على العملة والوضع السياسي والاقتصادي في إيران والمنطقة.
ووصف برزنجي التعامل الآجل بغير القانوني وهو أشبه بالمقامرة، داعيا السلطات لمنع هذا النوع من التعامل في بورصات الإقليم "بسبب الأضرار المالية والمشاكل الاجتماعية الخطيرة".
وكشف برزنجي عن خسائر مالية كبيرة يتكبدها المتعاملون بالتومان في سوق الصرافة بالإقليم تصل إلى آلاف الدولارات يوميا، جراء إستمرار تراجع سعر الصرف وعمليات الاحتيال التي يتعرض لها هؤلاء من قبل تجار ومضاربين إيرانيين، حسب تعبيره.
وأوضح برزنجي لموقع "الحرة" أن إحدى طرق الاحتيال التي مارسها تجار إيرانيون خلال السنوات الماضية وتسببت في إفلاس عشرات التجار العراقيين، تمثلت بعقد صفقات تجارية مغرية لشراء سلع إيرانية بمبالغ ضخمة وعند إرسال قيمة السلعة عبر مكاتب الصرافة، يتسلمها التاجر في إيران ثم يختفي أو يعلن إفلاسه بشكل مفاجئ، رغم أن التاجر الإيراني والكردي كانا قد عقدا عدة صفقات سابقاً وكسب أحدهما ثقة الآخر.
وفرضت الولايات المتحدة الأميركية في أكتوبر عام 2024 سلسلة عقوبات جديدة على إيران تستهدف قطاعي النفط والبتروكيماويات ردا على الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل.
وقال بيان لوزارة الخزانة الأميركية إن هذا الإجراء يزيد من حجم الضغوط المالية على إيران ويحد من قدرة النظام على استخدام العوائد التي يجنيها من مصادر الطاقة الحيوية في تقويض الاستقرار بالمنطقة واستهداف شركاء الولايات المتحدة وحلفائها.
12 منفذ تجاري بين الإقليم وإيران
رئيس اتحاد المصدرين والمستوردين في إقليم كردستان مصطفى عبد الرحمن قال لموقع " الحرة " إن حجم التبادل التجاري بين إقليم كردستان العراق وإيران بلغ عام 2024 أكثر من 6 مليارات دولار.
وبين أن هناك 12 منفذا حدوديا "رسميا وشبه رسمي" في شمال العراق مع إيران، 6 منها في محافظة السليمانية، مشيرا إلى أن معبر "بارويزخان" يعد أحد أهم تلك المعابر التجارية، وأن نحو 50 % من صادرات إيران غير النفطية تدخل العراق عبر هذا المنفذ.
وأوضح عبد الرحمن أن التعامل التجاري بين الإقليم وإيران يتم بالعملة الإيرانية وعبر أسواق الصرافة بشكل رسمي، إما بالدفع النقدي أو عبر الحوالات المالية.
العراق .. صمام أمان للاقتصاد الإيراني!
بحسب خبراء اقتصاد فان تراجع قيمة " التومان " فرض على بعض المتعاملين به في إقليم كردستان إلى تجميد تعاملاتهم بهذه العملة.
ويقول الأكاديمي والخبير الاقتصادي كاوة عبد العزيز إن سبب زيادة حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران، "هو حاجة إيران لتأمين الدولار الأميركي عبر صادراتها إلى العراق".
وأوضح عبد العزيز أن التجار الإيرانيين يتقاضون أثمان سلعهم المصدرة إلى العراق "بالتومان" بسبب العقوبات الأميركية ثم يشتري هؤلاء الدولار من أسواق الصرافة العراقية، وينقلون الدولار إلى إيران لاحقا بشكل غير رسمي.
كما أن محلات الصيرفة العراقية تبيع التومان الإيراني للتجار العراقيين الذين يستوردون السلع الإيرانية "ليتم بهذا الشكل تداور عملة التومان بشكل مستمر في الأسواق العراقية"، مضيفا أن العراق بمثابة صمام أمان للاقتصاد الإيراني، حسب تعبيره.
وبين عبد العزيز أن ايران تقوم بطبع عُملتها بشكل مستمر وإرسالها إلى إقليم كردستان والسليمانية بشكل خاص رغم التضخم المالي الذي أنهك العملة الإيرانية خلال السنوات الماضية.
وأوضح أن كلفة طبع ونقل 100 مليار " تومان " من إيران الى السليمانية تبلغ 500 دولار فقط وتبيعه الى المضاربين والتجار في الإقليم ب 10 الاف دولار.
وأشار عبد العزيز إلى الأضرار الكثيرة التي لحقت بالتجار العراقيين المتعاملين بـ "التومان" بسبب غياب الوعي الاقتصادي وسياسة التضليل التي تنتهجها إيران.
وفي يوليو 2023 حظر العراق 14 مصرفا من التعامل بالدولار كجزء من حملة لمنع تهريب الدولار إلى إيران عبر النظام المصرفي العراقي بعد طلب من واشنطن بحسب مسؤولين عراقيين وأميركيين .
مصدر الخبر :
https://www.alhurra.com/iraq/2025/02...B1%D8%A7%D9%82