الفياض على لائحة العقوبات الأميركية منذ 2021 - فرانس برس


دفعت تداعيات التحولات الكبرى في الشرق الأوسط وتصاعد الدعوات في العراق للحد من نفوذ ودور الفصائل المسلحة المدعومة من إيران، اسم رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، إلى الواجهة.
وفي الأيام الماضية، شهد العراق تداولًا واسعًا لمعلومات تفيد باعتزام الإطار التنسيقي استبدال الفياض، الذي يخضع لعقوبات أميركية بسبب صلته بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وتقول واشنطن إنه عمل على "دعم الأجندة الإقليمية لإيران في العراق".
ويأتي ذلك وسط تصاعد الدعوات في العراق لحل قضية الميليشيات الموالية لإيران، بعد تلقي طهران وحلفائها في المنطقة ضربات قوية وعودة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض.
وكان وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، قال في مقابلة مع رويترز هذا الشهر، إن العراق يحاول إقناع الفصائل المسلحة المتحالفة مع إيران بإلقاء أسلحتها.
ودفع التداول الواسع للمعلومات عن قرب استبدال الفياض، بالمكتب الإعلامي للأمين العام لمنظمة بدر ورئيس تحالف الفتح في مجلس النواب العراقي، هادي العامري، إلى الرد.
ونفى البيان، الذي نشرته وكالة الأنباء العراقية قبل يومين، صحة الأنباء المتداولة حول استبدال فالح الفياض بشخصية أخرى. ومع ذلك، أكد نواب تحدث معهم موقع "الحرة" أن الأمر لم يُحسم بعد، مشيرين إلى أن القضية تتعلق بالتقاعد، خاصة مع بلوغ الفياض السن القانونية.
والفياض شخصية مثيرة للجدل، حيث يترأس هيئة الحشد الشعبي منذ 2014، وكان يتولى أيضًا منصب مستشار الأمن الوطني قبل أن يعفيه من هذه المهمة رئيس الوزراء السابق، مصطفى الكاظمي، عام 2020.
وفي 2021، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على الفياض بسبب علاقته بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان خلال الاحتجاجات العراقية التي اندلعت في أكتوبر 2019.
وقال بيان الخارجية الأميركية إن الحشد الشعبي تأسس لمحاربة تنظيم داعش، إلا أن ميليشياته أصبحت تركز بشكل متزايد على تعزيز مصالحها الاقتصادية الخاصة ودعم الأجندة الإقليمية لإيران في العراق، بدلًا من حماية الدولة العراقية أو مواطنيها.
وأضاف البيان أن الفياض كان رئيسًا لهيئة الحشد عندما أطلقت عدة فصائل منضوية في الحشد النار على "المتظاهرين السلميين في أواخر عام 2019، مما أسفر عن مقتل مئات العراقيين".
رئاسة الحشد الشعبي في ميزان التحولات السياسية
وأكد النائب في البرلمان العراقي عن حزب الدعوة الإسلامية التابع لتحالف الإطار التنسيقي، عارف الحمامي، في تصريح لموقع "الحرة"، أن هناك مباحثات سياسية جارية تتعلق بتغييرات تطال بعض المناصب العليا في العراق، بما في ذلك هيئة الحشد الشعبي.
لكن هذه المباحثات لا تشمل فالح الفياض فقط، إنما يُعد التغيير إجراءً قانونياً ينطبق على جميع رؤساء الهيئات والمحافظين وكل من وصلوا إلى السن القانونية، وفق الحمامي.
وأضاف أن حوار الإطار التنسيقي تضمن مقترحات بشأن الشخصيات البديلة لرئيس هيئة الحشد الشعبي، مشيراً إلى إمكانية اختيار قائد سياسي معتدل يحظى بتوافق من قادة الكتل والأحزاب السياسية، أو قائد عسكري من داخل هيئة الحشد نفسها.

فالح الفياض.. "عراب الانتقالات" الذي تورط في "سفك دماء العراقيين"

وفيما يتعلق بعملية دمج الفصائل المسلحة في هيئة الحشد الشعبي، أشار الحمامي إلى أن نجاح هذا الحراك يتوقف على اتفاق القوى السياسية الفاعلة مع قادة تلك الفصائل، والوصول إلى قرار سياسي موحد، وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق، فإن الوضع سيبقى على ما هو عليه حالياً.
أما بشأن بقاء الفياض على رأس هيئة الحشد الشعبي من عدمه، فإن هذا القرار يعود إلى حكم المحكمة الاتحادية وما يتوصل إليه قادة الإطار التنسيقي.
رئاسة هيئة الحشد الشعبي عند مفترق طرق
أشار المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي، عادل المانع، إلى أن المعلومات التي تم تداولها مؤخراً حول التباحث بشأن استبدال الفياض صحيحة، إذ عقد قادة الإطار التنسيقي اجتماعاً مؤخراً تم خلاله مناقشة هذا الموضوع.
وأوضح المانع أن أغلبية قادة الإطار التنسيقي كانوا يميلون إلى بقاء الفياض في منصب رئاسة هيئة الحشد، قبل أن تعترض بعض الكتل السياسية على استمراره في مهمته، وطرحت ثلاثة أسماء لشخصيات من قادة الفصائل لخلافته، بينهم ضابط برتبة كبيرة في هيئة الحشد.
وأشار المانع إلى أن تغيير رئاسة هيئة الحشد الشعبي لا يرتبط بأي حال من الأحوال بتحركات الحكومة العراقية التي تسعى لدمج الفصائل المسلحة ضمن الهيئة أو حصر سلاحها بيد الدولة.
وأضاف أن السبب الرئيسي وراء عقد الاجتماع ومناقشة استبدال الفياض يعود إلى بلوغه السن القانونية، وبيّن أن الفياض يمثل هيئة الحشد الشعبي الرسمية فقط، التي أُقرت بقانون تحت قبة البرلمان العراقي، ولا يمثل الفصائل المسلحة التي لها قياداتها المستقلة وقرارها السياسي والأمني الخاص.
وأوضح أن الإبقاء على الفياض في منصبه من عدمه لن يؤثر نهائياً على وضع هذه الفصائل أو يضغط عليها نحو تنفيذ أي تغييرات قد تتطلبها المستجدات التي طرأت على الساحة الإقليمية أو المتغيرات الجديدة.
كما لفت المحلل السياسي إلى أن فالح الفياض قد يتخلى عن منصبه على المستوى الشخصي إذا لزم الأمر، لكنه أكد أن قرار الإطار التنسيقي سيكون هو العامل الحاسم في هذا الشأن، فإذا توصلت الأحزاب السياسية في الإطار التنسيقي إلى قرار بالإبقاء عليه رئيساً لهيئة الحشد، فسيلتزم بقرار الإطار النهائي.
وأشار إلى أن المباحثات بين كتل وأحزاب الإطار التنسيقي في الاجتماع الذي عُقد لم تفضِ إلى نتيجة نهائية حول استبدال الفياض، وستكون هناك اجتماعات أخرى، وربما يتم التوصل عبرها إلى تطورات جديدة بشأن هذا الموضوع.
التغيير قادم
وقال عضو مجلس النواب العراقي، رئيس تحالف "تصميم"، وهو جزء من الإطار التنسيقي، عامر الفايز، لموقع "الحرة"، إن الإطار التنسيقي لم يبحث قضية استبدال الفياض، بل إن المباحثات تركزت في مسار آخر يتعلق فقط بمسألة شمول الرجل بقانون التقاعد، باعتباره قد بلغ السن القانونية.
وأضاف أن منصب رئاسة هيئة الحشد الشعبي يُعتبر من الدرجات الخاصة، وبالتالي لا يشمله قانون التقاعد وفقًا للسن القانونية، ورؤية الإطار التنسيقي تدعم هذا التوجه، ولا وجود لتخطيط يفضي إلى تغيير الفياض في الوقت الراهن، على حد تعبيره.
وأكد الفايز أن مسألة دمج الفصائل المسلحة في المؤسسة الأمنية الرسمية، بما في ذلك هيئة الحشد الشعبي، وتحركات الحكومة العراقية في هذا الاتجاه، لم تُدرج ضمن أولويات الإطار التنسيقي ولم تُناقش بالأساس.
وقال إن الكتل والأحزاب السياسية تتطلع إلى أن تصبح هذه الفصائل جزءاً من هيئة الحشد الشعبي، بهدف حصر السلاح في يد الدولة ومنع انتشاره خارج نطاق القانون.
وأشار الفايز إلى أن بوادر دمج هذه الفصائل ضمن الهيئة لم تظهر حتى الآن، ولكن الجهود المبذولة لإقناع قادتها مستمرة، وهناك تحركات جدية ومساعٍ حثيثة في هذا الاتجاه.
صراع السلطة والهيمنة
رئيس مركز التفكير السياسي والأكاديمي، إحسان الشمري، يرى أن الإصرار على استبدال رئيس هيئة الحشد الشعبي يشير إلى وجود تنافس كبير بين الفصائل المسلحة داخل البيت الشيعي.
وعزا احتدام الخلافات إلى التنافس على السيطرة على الهيئة بما تحمله من موارد بشرية ومالية، لا سيما أن هذا الطرح كان قائماً بعد عام واحد من عُمر حكومة السوداني، ويعود للواجهة بين فترة وأخرى.
إذ تسعى جماعة "عصائب أهل الحق" بجدية للحصول على هذا المنصب، وهو جزء من حراك الإطار التنسيقي لاستبدال الفياض تحت ذريعة تحرك نيابي لعزل رؤساء الهيئات والمحافظين بحجة السن القانونية، وفق الشمري.
ويوضح الشمري أن بعض القوى السياسية تسعى لاستثمار مسألة إدراج الفياض على قائمة العقوبات الأمريكية، وهذا يقتضي اتخاذ إجراءات معينة تتناسب مع المستجدات الإقليمية.
من جانب آخر، هناك الصراع الانتخابي المرتبط بالفياض، الذي يمتلك قائمة سياسية ويسعى للاستفادة من مسارات الحشد الشعبي، إضافة إلى تواصله مع الحشد العشائري والصحوات.
كما أن التحالف السياسي بين رئيس الوزراء السوداني وفالح الفياض قد يكون أحد الأسباب التي أدت إلى المطالبة بإزاحته في هذا الوقت تحديداً.
ويستبعد الشمري أن تحمل عملية استبدال الفياض رسالة إيجابية وجيدة للولايات المتحدة الأميركية، لأنه في الغالب سيُعين خلفه شخص من الفصائل أو تابع لإحدى الميليشيات.
وأشار إلى أن مسألة دمج الفصائل المسلحة في المؤسسة الأمنية أو في هيئة الحشد قد لا تتوافق مع توجهات واشنطن، التي تسعى لتفكيك هذه الفصائل وإزالة أصولها المالية والواجهات الاقتصادية، وإنهاء سيطرتها على مؤسسات الدولة العراقية.
وأضاف أنه رغم رغبة السوداني في دمج الفصائل، فإنه من غير الواضح ما إذا كان سينجح في هذا الصدد، كون القوى السياسية الشيعية أكدت أن هذا القرار لا يملكه السوداني، بل لديه هامش ضيق لتنفيذه، حسب قول الشمري.
فياض باقٍ.. لكن إلى متى؟
في المقابل، يقول عضو مجلس النواب العراقي عن ائتلاف دولة القانون التابع للإطار التنسيقي، داخل راضي، في تصريح لموقع "الحرة"، إن المعلومات المتداولة غير دقيقة، ولا يوجد أي حراك في هذا الاتجاه، نافياً وجود رؤى سياسية تتعلق باستبدال رئيس هيئة الحشد الشعبي.
وأوضح أن رئاسة هيئة الحشد الشعبي، من الناحية السياسية، ستبقى بيد الفياض نظراً لكفاءته في إدارة الهيئة وملفه النظيف، حاله كحال الوزراء والمناصب الأخرى، أما من الناحية الإدارية، فإنه بلا شك سيخضع لضوابط السن القانونية وفقاً للأنظمة المعمول بها في القطاع الوظيفي، حسب قوله.
وأضاف راضي أنه في الفترة السابقة، تم طرح فكرة استبدال الفياض بشخصية أخرى من الإطار التنسيقي، لكن هذا الموضوع أخذ حيزاً محدوداً من النقاش، لأن العامل الأمني أكثر أهمية من الحراك السياسي.
ورأى أنه في حال كانت هناك اتفاقات سياسية لاختيار شخصية معينة داخل الحزب الذي ينتمي إليه الفياض، فإن ذلك يرجع لرؤية الحزب ولا يعبر عن رأي الإطار التنسيقي بشكل عام.
وعن قضية سلاح الفصائل، أشار النائب إلى أن هيئة الحشد الشعبي هي مؤسسة حكومية رسمية وتأتمر بأمر القيادة العامة للقوات المسلحة، معتبراً أن الحكومة العراقية ماضية في مسار التسوية التي تهدف إلى حصر سلاح هذه الفصائل بيد الدولة.
وأوضح أن هذا الأمر أصبح قريباً من التحقق نظراً للمتغيرات الإقليمية والدولية التي تستدعي من الحكومة إعادة النظر في حساباتها بهذا الجانب، على الصعيدين الداخلي والخارجي، مشيرا إلى أن هذا الموضوع قيد النقاش على الطاولة السياسية في غرف الإطار التنسيقي.

مصدر الخبر :
https://www.alhurra.com/iraq/2025/01...85%D9%8A%D8%A9