توقع وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بقاء القوات الأميركية في العراق والمنطقة في ظل العهدة الجديدة للرئيس دونالد ترامب، خاصة على ضوء ما تشهده المنطقة من نزاعات وتحولات جذرية.
وخلال حضور جلسة ضمن أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، قال فؤاد حسين إن الوضع في الشرق الأوسط بأكمله يختلف الآن مقارنة مع الإدارة الأولى للرئيس ترامب (2017-2021).
ولفت الوزير العراقي إلى أن علاقات بلاده مع الولايات المتحدة تسير ضمن إطار اتفاقية استراتيجية أمنية أبرمها الجانبان، معربا عن قلق بغداد بسبب توتر العلاقات الأميركية - الإيرانية، مؤكدا أن طهران مستعدة للحوار مع واشنطن.
الوقوف بوجه التهديد الإيراني
قال الباحث السياسي العراقي رعد هاشم في مقابلة مع "الحرة" إن العلاقة بين بغداد وواشنطن تُنظم بموجب اتفاقية الإطار الاستراتيجي، التي سعى الطرفان خلال الفترة الماضية إلى تعزيزها وتنفيذ بنودها رغم التحديات التي واجهت الحكومة العراقية.
وأوضح هاشم أن أبرز هذه التحديات تمثل في الضغوط التي مارستها إيران والفصائل المسلحة على الحكومة العراقية للمطالبة بالإسراع في إخراج القوات الأميركية، مما أدى إلى الإخلال بـ "توازنات القوى".
وأشار هاشم إلى أن الفصائل المسلحة العراقية ما زالت تتخبط منذ تولي الرئيس ترامب ولايته الثانية، حيث تتباين مواقفها وتصريحاتها، في الوقت الذي تحاول فيه إظهار قوتها وتأثيرها، إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك، خصوصًا بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدتها إيران في غزة ولبنان وسوريا، حسب تعبيره.
وأضاف هاشم أن الفصائل المسلحة تدرك اليوم أنها "نتاج للمؤثرات الإيرانية"، وأنها لا تسعى للاصطدام بالجانب الأميركي، بل تتجه نحو التهدئة، مؤكدا أن القوة التي تمتلكها الفصائل حاليًا تقتصر على "تصريحات فارغة" لا تكتسب تأثيرًا كبيرًا.
وتوقع هاشم أن يتم إعادة ضبط بعض القضايا التي لم تتمكن بغداد وواشنطن من التوصل إلى اتفاق بشأنها خلال فترة إدارة الرئيس جون بايدن (2021-2025)، مشيرًا إلى أن إدارة ترامب الجديدة قد تضيف تعديلات جديدة عليها.
القوات الأميركية "باقية" في المنطقة
لدى الولايات المتحدة نحو 2500 جندي في العراق إضافة إلى 900 في سوريا المجاورة، وذلك في إطار التحالف الذي تشكل في 2014 لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي بعد اجتياحه مساحات شاسعة في البلدين.
وتنص خطة انتقالية على انسحاب التحالف من قواعد في العراق في مرحلة أولى تستمر حتى سبتمبر 2025، ثم من إقليم كردستان، بحلول سبتمبر 2026.
وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين حذر من التهديدات المتزايدة التي يشكلها تنظيم داعش.
وأشار خلال حضور جلسة ضمن أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الخميس، إلى أن نفوذ التنظيم قد توسع في سوريا، "حيث تمكن من السيطرة على العديد من أسلحة الجيش السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد".
وأضاف أن وجود عناصر داعش على الحدود العراقية والأردنية يمثل خطرًا حقيقيًا على أمن المنطقة.
الباحث السياسي العراقي رعد هاشم في مقابلة مع "الحرة" استبعد أن تسحب الولايات المتحدة قواتها كما كان متفقًا سابقًا، وتوقع تمديد بقائها لمواجهة تهديدات تنظيم داعش في العراق وسوريا.
وأوضح هاشم، أن العراق لا يزال غير قادر على تنفيذ العمليات الكبرى ضد داعش من دون الدعم الأميركي، خاصة في الجوانب الجوية والاستخباراتيّة.
كما أشار هاشم إلى أن بقاء القوات الأميركية في العراق وسوريا يمثل عامل ضغط ضد إيران، مع احتمال تقليص عدد هذه القوات، ولكن من دون أن يتم انسحابها بالكامل.
وكشف مسؤول في الإدارة الأميركية أن الولايات المتحدة والعراق توصلا إلى خطة انتقالية من مرحلتين لإنهاء المهمة العسكرية للتحالف الدولي، ستنتهي في المرحلة الأولى في سبتمبر من عام 2025، في حين تنتهي المرحلة الثانية في سبتمبر من عام 2026، وتركز على مواصلة العمل لضمان عدم عودة التهديد من داعش من شمال شرق سوريا.
وأشار إلى أن واشنطن وبغداد توصلتا إلى تفاهم يسمح للتحالف بمواصلة دعم عمليات مكافحة داعش في سوريا حتى سبتمبر 2026 على الأقل، وذلك وفقا للظروف على الأرض والمشاورات السياسية بين البلدين.
وتراجع نشاط داعش بشكل ملحوظ خلال عام 2023، إذ انخفض عدد عملياته العالمية إلى أكثر من النصف ليصل 838 هجوما مقارنة بـ 1.811 هجوماً في العام الذي سبق
وبحسب تحليل لمركز "صوفان" للشؤون الأمنية، فإن هجمات داعش في سوريا، تضاعفت ثلاث مرات في 2024 مقارنة بالعام الذي سبق، لتصل إلى حوالي 700.
مخاوف من تبعات هجوم تركي على شمال سوريا
شدد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين على ضرورة تعزيز التعاون المشترك لمواجهة هذا التهديد، مشيرًا إلى أن استقرار سوريا يعد في مصلحة العراق، وأن بغداد مستعدة للتعاون مع دمشق من أجل تعزيز هذا الاستقرار.
وفيما يتعلق بتصريحات تركيا بشأن شن هجوم ضد قوات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا، حذر حسين من العواقب المحتملة لهذا الهجوم، مبيّنًا أنه قد يؤدي إلى موجة نزوح جديدة من سوريا إلى العراق، الذي يستضيف حاليًا أكثر من 7 آلاف لاجئ سوري.
وأضاف حسين أن الهجوم على شمال سوريا قد يزعزع الوضع الأمني في المنطقة، خاصة أن هناك 27 سجنًا يحتجز فيها نحو 12 ألف معتقل من عناصر داعش والقاعدة، مما قد يؤدي إلى حدوث فراغ أمني وهروب هؤلاء المعتقلين، وفق قوله.
وتقع على عاتق القوات الكردية المدعومة أميركيا مسؤولية تأمين شبكة معقدة من السجون ومراكز الاعتقال في شمال شرق سوريا، تعتقل فيها نحو 45 ألف شخص من مقاتلي داعش وأفراد عائلاتهم.
وتتزايد المخاوف من أن استنزاف هذه القوات في مواجهة العمليات العسكرية التركية والفصائل الموالية لها قد يضعف قدرتها على تأمين هذه المنشآت، مما قد يفتح الباب أمام عناصر داعش للفرار وإعادة تجميع صفوفهم.
وتسيطر قوات سوريا الديموقراطية "قسد"، وعمودها الفقري "وحدات حماية الشعب الكردية"، على مساحات كبيرة في شمال سوريا، أقامت فيها إدارة ذاتية، وخاض المقاتلون الأكراد بدعم أميركي معارك عنيفة لطرد تنظيم داعش.
وتعتبر أنقرة الوحدات الكردية امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه منظمة "إرهابية" ويخوض تمردا على أراضيها منذ عقود.
مصدر الخبر :
https://www.alhurra.com/iraq/2025/01...A7%D8%AF%D9%87