النتائج 1 إلى 3 من 3
الموضوع:

صالح القرغولي .. حداثة لا تتدحرج نحو المجهول لغز المعنى وأطياف

الزوار من محركات البحث: 3 المشاهدات : 65 الردود: 2
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: November-2020
    الدولة: بغداد
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 38,408 المواضيع: 11,039
    التقييم: 30446
    مزاجي: متفائل دائماً
    المهنة: موظف حكومي
    أكلتي المفضلة: البرياني
    موبايلي: غالاكسي
    آخر نشاط: منذ 17 ساعات

    Rose صالح القرغولي .. حداثة لا تتدحرج نحو المجهول لغز المعنى وأطياف



    صالح القرغولي .. حداثة لا تتدحرج نحو المجهول لغز المعنى وأطياف النحت
    بين أن يكون الجسد حيا ، أو ميتا ، مسافة تلمس بالبصر أو باليد .. ولكن .. قال الأستاذ صالح القره غولي ، قبل رحيله بأيام – في حوار معه – أن هذه المسافة ، على صعيد الرمز ، تأخذ مداها الأبعد .
    ان حديثنا عن الموت ، لا يأتي ألا بعد ان تكون الحياة قد بلغت درجة الصفر . انه حديث الحياة الغائبة ، المؤجلة ، حيث يحسم الموت الكلام ويحولنا إلى كلمات ، والى رموز مغلقة ، أو لا تنفتح ألا وقد صار المستقبل ماضيا . كان الراحل صالح القره غولي ( 1933- 2003 ) خلال العقد الأخير في الأقل ، سكن فضاء الموت : فضاء الأسئلة وهي تولد أسئلة للامتداد ، وليس للحسم .. فهل هذه هي وظيفة النحت ..؟
    قال القره غولي : – ( كلا ) متابعا: – ( النحت يتكلم كلامه المجسم :آفاق تبزغ بدلالات الحياة ) انه مادة الحلم .. فمنذ سنواته المبكرة ، عندما درس الفن من عام 1954 إلى عام 1960 في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة في باريس ، بعد دراسته للنحت في بغداد وتعرفه على أستاذه جواد سليم عن كثب ، ترسخت لديه بعض أقدم المبادئ المتوازنة عند النحات العراقي القديم : البنائية . فالنحات لا يحذف . انه يعيد صياغة الخطاب بتكامل عناصر المعنى والتعبير .. وقد شاركته في كتابة دراسة خاصة بالنحت ، قبل عقد ، محورها ان فن النحت ، قال : لا يغادر المعتقد الكلي السائد والمتصل بالبيئة .
    انه وليد وثبات يتحرك عبرها الزمن ، كما تتحرك الألغاز .
    وفي مجال الحداثة ، لا ينفي القره غولي ، انها ليست وليدة التقاطع مع الطبيعة ، أو الامتداد ، أو الانعكاس ، أو حتى التعبير ( انها – أي الحداثة – صياغة الذي لم يصغ ألا بإضافة هذا الذي يبقى مستحيلا ) قلت له متسائلا : ما المستحيل ؟ يصمت الفنان بعض الوقت ، وهو الذي مارس تدريس الفن مدة عقود أربعة في معهد الفنون وفي أكاديمية الفنون الجميلة ، انه الذي لا يتكرر) بهذا الدافع صاغ النحات هدفه : المعنى . بيد ان هذا المعنى ، كما ورد في دليل المعرض ألتكريمي للفنانين الذين درسوا في فرنسا( ملغزا ) مثل شخصيته .. بيد أنها ملاحظة غامضة لأنها لا تفضي إلا إلى ضرورة إعادة تأمل إنجازات النحات ذاتها . فالمعنى لا يتحدد داخل أشكاله : انه يقفز ، أو يثب .. مثل منحوتاته حول ( الاهوار ) و ( الصحراء ) و ( المقاومة ): الأعمال التي تحافظ على هيكليتها ، كأنها لا تحدث فاصلاً بين المعبد والجسد ، أو بين السكن والساكن . فهو يدفع بالمعاني إلى مناطق الغياب : اللا مرئي وقد منح الرؤية شفافية التحدي ، وعزيمة المثابرة .
    لا بد من تذكر ان دراسة الفنان كانت جادة ودقيقة في بغداد وباريس .. ففي بغداد تأمل عميقاً توجيهات جواد سليم وفائق حسن وجيل الرواد عامة ، وفي باريس تعرف على أساتذة بارزين مثل جانيو- وهو أستاذ جواد في باريس أيضاً – ودامبوز – وسوبيك – وفافارا – أو ديمو . مع أن مواهب النحات كانت كامنة في شخصية تمتلك البحث والحفر في ذاكرة النحت العراقي القديم ، وانتظار صقلها بتقنيات تقدر ان تفكر داخل توجهات التحديث في الرؤية الإبداعية ..
    هكذا تكونت مجاميعه الفولاذية ، والحديدية وقد أستخدم فيها مختلف المواد المحيطية والبيئية ، مثل الوبر ، الصوف ، الكتان ، والقير .. .. .. فقد أعاد – بشكل من الأشكال – مفهوم ( البوب ) بحداثة متوازنة بعيداً عن الابتذال ، أو الفكاهة المرة .
    هذا الاستخدام البنائي للخامات ، جعل الغرائبية تخص الطيف الذي يترك أثره بصعوبة بالغة . ثم ثيران أو نسوة غامضات أو كائنات خرافية لا تعرف أتحدق فينا أم صرنا – في إعادة بناء النص – نحن نرى أنفسنا فيها . فثمة تحطيم للمرايا .. قالباً مقولة جواد سليم حول الفن بصفته مرآة اجتماعية – يقول القرة غولي – المرآة وقد صارت تبُصر ..
    بيد ان الأمل الذي لم يفقده ، حتى أخر أيامه ، ( رحل يوم 6/8/2003) يكمن في لا موت الفن . فمنذ ثبت ( هيغل ) الفيلسوف الألماني هذا الإنذار ، مروراً بميتات تتكرر عبر حداثات أوربا – حتى مقولات ما بعد موت الإنسان وبعد فوكو ودريدر – صار الأمل فناً يسكن المسافة الخفية بين المرسل والمتلقي : في النص وقد أنفتح درجة أنه يتطلب حساسية استثنائية توازي بحثنا عن الغائب . فمن الصعب ، عند غياب ( المعنى – غياب الهدف ) العثور على أقنعة تعويضية .
    ان النحات صار يهدم الأقنعة ، يخربها ، ليعيد بناء الذي صار مستحيلاً . وقد تبدوا ثمة مثالية ما في هذا التحديث ، لكن إعادة تأمل نصوص ، ومقارنتها بكوارث خربت مدن وادي الرافدين التكرارية ، منذ أزمنة الطوفانات ، والتفكك الداخلي ، تجعل ( شقاء ) المعنى ، في آثاره كابوساً يخُفي لوعة لا توصف ..
    فأعماله العملاقة في متحف الفنون في بغداد ، لم تسرق ( ماذا يفعلون بها لصوص الفن ؟ ) بل تعرضت للحرق ، والسحق ، والتخريب حد إيذاء الفولاذ والخامات الصلبة ، ألا أنها صمدت ، وحملت السر الذي كان لا يغيب عن ذاكرة النحات الرائد . لقد كنت أراه وهو يتأمل بقايا مشاريعه وكأنه يكتم حتمية الموت ولغزه . أنه كان يتكلم بصمت عميق عن مصير أخر يولد من عمق المجهول أو أنه كان يضيف لبنة أخرى الى البناء المتوحد بالزمن . كانت أعماله – قبل ان ينقذها عدد من طلابه وفي مقدمتهم النحات د. عبد الجبار النعيمي – ليسلمها الفنان قاسم سبتي بغية صياغتها وأعادتها إلى وضعها السابق – تحكي قصة هذا المعنى : الأمل : الطيف السومري الذي شغل القره غولي طويلاً . كان يتأمل بصمت لا يصير فيه الغائب غائباً أو حاضراً بالغياب ، ولا يصير اللا معنى معنى عبر جماليات الترف ، بل عبر تداخل المستحيلات وتجاورها : الموت وقد صارت الحياة لا تكف تولد عبر هذا الكفاح الشاق والمستحيل : لغز الدهشة وانبثاق ومضات تجعل الأفق قابل للرؤية ..
    وربما لم يبح النحات ، حتى عندما رفض ان يصوّر فكيف بالكلام – باستحالة التقدم في الحياة ، لكي يكون الرحيل نزهة لا تتطلب الشقاء والكد ، أو جعل اللا مبالاة مطلباً صعباً ، ان يكون الرحيل رمزاً كامناً داخل نسيج مجسماته التي لها حق الصمت ، مثلما لها حق استنطاقنا أمام أسئلتها العنيدة .












  2. #2
    مشرفة المقهى الفني
    تاريخ التسجيل: July-2024
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 2,585 المواضيع: 121
    التقييم: 3360
    آخر نشاط: منذ 2 ساعات
    اعمال فنية مميزة وفنان مبدع عاشت ايدك على النقل الرائع .

  3. #3
    من أهل الدار
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير الياسمين مشاهدة المشاركة
    اعمال فنية مميزة وفنان مبدع عاشت ايدك على النقل الرائع .


    ايديكم العايشة
    شكرا جزيلا لكم
    تحياتي ومودتي

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال