وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان خلال لقاء مع وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني في الرياض


يرى خبراء في السياسة أن ما يطمح إليه الشعب السوري هو "الابتعاد عن المحاور الإقليمية"، خاصة مع تركيا، مع ضرورة استعادة سوريا لـ "دورها داخل الحاضنة العربية".
يعتقد المحلل الجيوسياسي الأردني، عامر السبايلة، في حديث لموقع "الحرة"، أن التحركات السورية الحالية تعكس "خطوات مدروسة" للعودة إلى "الحضن العربي"، وتجاوز تأثير القوى الدولية، مما قد يمهد الطريق لتأهيل علاقاتها على المستويين الإقليمي والدولي.
ويشير مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، في حديث لموقع "الحرة"، إلى أهمية "دفع العواصم العربية لدمشق نحو توازن أكبر في علاقاتها الإقليمية لتجنب هيمنة أي طرف خارجي".
وبعد أن شهدت دمشق زيارات من وفود وزراء خارجية عرب، بدأ وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، سلسلة زيارات أولى محطاتها كات السعودية.
وأعلن الوزير السوري، الجمعة، عزمه إجراء زيارات رسمية إلى دول قطر والإمارات والأردن، لبحث العلاقات الثنائية.
وقال الشيباني في منشور عبر حسابه على منصة إكس إن دمشق تتطلع إلى مساهمة هذه الزيارات في "دعم الاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي وبناء شراكات متميزة".
سأمثل بلدي سوريا هذا الأسبوع في زيارة رسمية إلى الأشقاء في دولة قطر، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة الأردنية الهاشمية. نتطلع إلى مساهمة هذه الزيارات بدعم الاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي وبناء شراكات متميزة.
— أسعد حسن الشيباني (@Asaad_Shaibani) January 3, 2025
"الحضن العربي"
يقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، إن على سوريا أن "تعود إلى الحاضنة العربية، وهذا ما على العواصم العربية أن تسعى إليه، وبهذا ستدفع بدمشق للتعامل بتوازن مع أنقرة، إذ لا نريد العودة إلى عهد الخلافة العثمانية".
المحلل الجيوسياسي الأردني، عامر السبايلة يقرأ هذه الزيارات أنها ضمن محاولة دمشق للعودة إلى "الحضن العربي"، وأن الإدارة الجديدة تريد "تجاوز الأخطاء السابقة" عندما كانت قوى دولية هي التي تؤثر على مجريات الأمور داخل سوريا.
ويقول إن ما تفعله الإدارة السورية حتى الآن يشير إلى أنها "تسير بخطوات عملية" لإعادة تأهيل علاقاتها مع الدول العربية، الأمر الذي قد يدعم تأهيل علاقاتها مع المجتمع الدولي.
وبعيد وصول الشيباني إلى الرياض الأربعاء، كتب على حسابه في منصة إكس"من خلال هذه الزيارة الأولى في تاريخ سوريا الحرة، نطمح إلى أن نفتح صفحة جديدة ومشرقة في العلاقات السورية السعودية تليق بالتاريخ العريق المشترك بين البلدين".
وصلت منذ قليل للمملكة العربية السعودية الشقيقة برفقة وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس الاستخبارات العامة أنس خطاب، من خلال هذه الزيارة الأولى في تاريخ سوريا الحرة، نطمح إلى أن نفتح صفحة جديدة ومشرقة في العلاقات السورية السعودية تليق بالتاريخ العريق المشترك بين البلدين.
— أسعد حسن الشيباني (@Asaad_Shaibani) January 1, 2025
وقطعت السعودية، على غرار دول خليجية أخرى، علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وأغلقت سفارتها في فبراير 2012، احتجاجا على استخدام دمشق القوة في قمع احتجاجات شعبية اندلعت العام 2011 وسرعان ما تحولت إلى نزاع دام.
وقدمت السعودية إلى جانب قطر ودول عربية أخرى، خصوصا في السنوات الأولى للنزاع، دعما للمعارضة السياسية والمسلحة، ودعت إلى ضرورة تغيير النظام في سوريا.
لكن تغييرا طرأ على العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة، وعادت الزيارات واللقاءات بين مسؤولي دمشق والرياض في هد نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد.
أبرز الملفات
وبعد أن كانت بعض العواصم العربية تنظر إلى الإدارة السورية باعتبار أن هيئة تحرير الشام تتزعمها، وأنها قد تمثل تهديدا أمنيا، تريد الإدارة الجديدة بحث الملفات الأمنية، وتوجيه رسائل طمأنة وبناء الثقة وتحسين العلاقات، على ما أفاد به السبايلة.
وأضاف أن دمشق تريد تعزيز ملفات التعاون الاقتصادي، لتحسين الأوضاع في البلد الذي تم تدمير اقتصاده على مدار سنوات بسبب الحرب.
وتتطلع الإدارة السورية الجديدة إلى جذب استثمارات من الدول الخليجية للمساعدة في إعادة الإعمار بعد أكثر من عقد على الحرب وتعزيز اقتصاد البلاد المنهك.
ويقول عبدالرحمن أن سوريا تحتاج للعودة لتكون ضمن "العمق العربي"، ولهذا قد يكون إبعاد القوى الإقليمية الأخرى مثل طهران وأنقرة عن سوريا من أبرز الملفات التي يحملها الشيباني في زياراته.

وأضاف عبد الرحمن أن الوزير الشيباني سيبحث ملفات السيطرة على تجارة المخدرات ووقف صناعة الكبتاغون، التي تؤثر على دول المنطقة، وهو ما يعني الحاجة إلى التعاون الأمني مع بعض الدول العربية، خاصة الأردن.
وقال عبد الرحمن إن الأردن يريد التعاون مع دمشق بهدف ضبط أمن الحدود، ومنع تهريب المخدرات، ومنع تسلل أي مجموعات إرهابية إلى داخل أراضيه.
وأضاف أن هناك مخاوف لدى الأردن بعد أنباء عن تعيين أحد الجهاديين الأردنيين في تشكيلة وزارة الدفاع في الإدارة السورية الجديدة.
وخلال الأيام الماضية نشرت تقارير معلومات حول تعيين، عبدالرحمن الخطيب، المعروف باسم "أبو حسين الأردني"، في قيادة الجيش السوري برتبة عميد، والذي كان يعرف باتباعه المنهج السلفي الجهادي، وولائه الشديد للجولاني.

وأجرى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي اتصالا هاتفيا مع نظيره السوري الشيباني، الجمعة، اتفقا خلاله على تنظيم زيارة لوفد وزاري سوري واسع لبحث تعزيز التعاون، وفق ما أعلنت عمان.
وقالت الخارجية الأردنية في بيان إن الوزيرين "اتفقا على تنظيم زيارة للمملكة لوفد وزاري قطاعي وعسكري وأمني تلبية لدعوة رسمية من الصفدي لبحث آليات التعاون في عديد مجالات تشمل الحدود والأمن والطاقة والنقل والمياه والتجارة وغيرها من القطاعات الحيوية".
وأكد الصفدي "وقوف الأردن الكامل مع سوريا وشعبها الشقيق في هذه المرحلة التاريخية وإسناده في عملية إعادة بناء وطنه عبر عملية سياسية سورية-سورية يقودها السوريون وتبني مستقبلا مستقرا يضمن أمن سوريا ووحدتها وسيادتها ويخلصها من الإرهاب ويحفظ حقوق جميع السوريين".
وللأردن حدود برية مع سوريا تمتد على 375 كيلومترا. وتقول عمّان إنها تستضيف أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع النزاع في البلد المجاور العام 2011، فيما تفيد أرقام الأمم المتحدة بوجود نحو 680 ألف لاجئ سوري مسجلين في الأردن.
تحرك عربي موحد
ولا يقول السبايلة "إننا قد نشهد تحركا عربيا موحدا تجاه الإدارة السورية الجديدة، فهناك تباين في الرؤى".
ويضيف أن بعض الدول العربية "تريد تحركا تدريجيا" باتجاه دمشق، وبعضها الآخر يريد انتظار ما ستقوم به الإدارة السورية، خاصة في ظل عدم وجود ثقة مسبقة مع القوى الجديدة في سوريا.
ومن الواضح أن السعودية تريد التحرك بشكل أسرع نحو دمشق، بحسب السبايلة، فهي لا تريد إعطاء الفرصة لإعادة تشكل محاور لقوى إقليمية تريد موطئ قدم لها في سوريا مثل إيران.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، ترأّس الشيباني وفدا سوريا رفيع المستوى إلى الرياض ضمّ وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات العامة أنس خطاب.
وكانت هذه أول زيارة رسمية للسلطات الجديدة في دمشق إلى الخارج بعد إطاحة حكم بشار الأسد.
ويقول عبد الرحمن إن إعادة بناء سوريا تحتاج إلى مشاركة جميع الفئات المختلفة والطوائف المتعددة في سوريا، ويجب أن يكون للدول العربية دورا هاما في تعزيز هذا الحوار السوري-السوري، ومساعدة الشعب، وليس مساعدات فئات سياسية أو جهات محددة فقط.
والشهر الماضي، التقى وفد سعودي رفيع قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق، وفق ما أفادت مصادر مقربة من الحكومة السعودية لوكالة فرانس برس.
ويترأس الشرع هيئة تحرير الشام التي قادت هجوم فصائل المعارضة الذي أطاح بالأسد في الثامن من ديسمبر.
وقال أحمد الشرع المعروف سابقا باسم أبو محمد الجولاني في مقابلة مع محطة العربية السعودية بثت الأسبوع الماضي "بالتأكيد السعودية سيكون لها دور كبير في مستقبل سوريا. الحالة التنموية التي نسعى إليها أيضا سيكونون السعوديون أيضا شركاء فيها".

مصدر الخبر :
https://www.alhurra.com/syria/2025/0...B1%D8%A8%D8%9F