تونس.. جدل متجدد بشأن تمديد حالة الطوارئ
عمليات الإرهاب التي شهدتها تونس فرضت حالة الطوارئ | أرشيفية
جدد قرار السلطات التونسية التمديد لحالة الطوارئ في البلاد النقاشات بشأن مدى قانونية هذا الإجراء وتوافقه مع الدستور التونسي ومع المواثيق الدولية ومدى تأثيره على الحقوق والحريات العامة، وفقاً لتقرير أوردته وكالة سبوتنيك.
وأصدرت السلطات في تونس أمراً رئاسياً يقضي بتمديد حالة الطوارئ شهراً ابتداءً من 1 يناير هذا العام. ويخضع هذا الإجراء إلى أمر رئاسي صدر منذ عام 1978 في أعقاب تحركات عارمة لآلاف النقابيين المحتجين على تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية جوبهت بإطلاق النار من قبل قوات الجيش والأمن ما أدى إلى مقتل وإصابة المئات منهم، فيما عرف لاحقاً بأحداث «الخميس الأسود». وعلى ضوء العمليات الإرهابية التي شهدتها تونس سنة 2015، فرض الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي حالة الطوارئ في البلاد، واستمر العمل بهذا الإجراء حتى في فترة حكم الرئيس قيس سعيد.
إشكاليات قانونية
وتنقل «سبوتنيك» عن أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية خالد الدبابي قوله لها: إن قرار التمديد في حالة الطوارئ تحوم حوله العديد من الإشكاليات القانونية. وأوضح: «قانونياً ودستورياً لا يمكن أن تكون الطوارئ إلا حالة استثنائية معللة بجملة من الظروف والعوامل التي يجب التثبّت منها قضائياً».
ولفت إلى أن النص المنظم لحالة الطوارئ في تونس قديم ويتخذ شكل أمر، وهو الأمر عدد 50 المؤرخ سنة 1978 الذي جاء في سياق قمع الاحتجاجات الشعبية والنقابية التي قادها الاتحاد العام التونسي للشغل آنذاك. وقال الدبابي إن هذا الأمر بات يتعارض مع الدستور التونسي الجديد لسنة 2022 وحتى مع الدستور الذي سبقه (2014). وتابع: «ينص الدستور النافذ حالياً على أن التضييق على الحقوق والحريات يتم بمقتضى نص تشريعي صادر عن السلطة التشريعية، وهو ما لا يتوفر في الأمر المنظم لحالة الطوارئ الذي لا يخضع لأية رقابة خاصة في ظل غياب المحكمة الدستورية».
إجراء شكلي
على الطرف المقابل، اعتبر رئيس الجمعية العربية للعلوم السياسية والقانونية شاكر الحوكي، في تصريح لـ «سبوتنيك»، أن التمديد في حالة الطوارئ هو «إجراء شكلي» ولم تترتب عنه إلى حد الآن استحقاقات قانونية على مستوى الحقوق والحريات.
وأشار إلى أن موضوع التمديد في حالة الطوارئ كان محل جدل مستمر حتى قبل الثورة التونسية، وتصاعد الجدل بشأنه سنتي 2014 و2015 في خضم الانتقادات الموجهة لحركة النهضة الإخوانية آنذاك. ويرى الحوكي، أن المرسوم عدد 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال أخطر بكثير من الأمر عدد 50 المنظم لحالة الطوارئ من حيث مساسه بالحقوق والحريات العامة، وعلى رأسها حرية التعبير والصحافة والإعلام والتظاهر. وأوضح: «قرار التمديد في حالة الطوارئ يحتكم إلى السلطة التقديرية لرئيس الجمهورية الذي يقدر ما إذا كانت البلاد تحت طائلة خطر داهم أم لا.
ويبدو أن الرئيس من خلال خطاباته التي تعج بنظريات التدخل الخارجي والمؤامرات يرى أن البلاد تعيش على وقع حرب تحرير». وفي تعليق لـ «سبوتنيك»، قال رئيس المكتب السياسي لحزب مسار 25 يوليو عبد الرزاق الخلولي إنه بات من الضروري تقنين حالة الطوارئ ضمن مبادرة تشريعية تعرض على البرلمان، قصد إصدار قانون أساسي ينظم هذا الإجراء ويحدد شروطه بما ينسجم مع مضمون الدستور.